* email * facebook * twitter * linkedin بعد مضي أكثر من أسبوع على الدخول المدرسي، لا يزال مئات الأولياء في رحلة بحث عن الكتب المدرسية التي أصبحت غير متوفرة في جل المؤسسات التعليمية، وحتى بملحقة الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، الذي كان مسؤولوه قد أكدوا على توفر الكتاب المدرسي، في الوقت الذي يتواجد بشكل كبير في السوق السوداء وبعض المكتبات الخاصة وسط المدينة، وبأسعار مختلفة، مما دفع الأولياء إلى المطالبة بفتح تحقيق من طرف الوصاية عن أسباب اختفاء الكتب المدرسية، وتوفرها في السوق السوداء وبأسعار بعيدة عن متناول الأولياء. يطرح ملف اختفاء الكتب المدرسية بالمؤسسات التعليمية، وتوفره بشكل كبير في السوق السوداء وبعض المكتبات التي تعرضه بأسعار مضاعفة، في غير متناول الأولياء، أكثر من تساؤل، مما دفع بعض الأولياء إلى المطالبة بفتح تحقيق حول مصدر الكتاب المدرسي، ومن يقف وراء الظاهرة، أمام عدم توفر المؤسسات التعليمية على الحصص الكافية. للوقوف على الظاهرة، تنقلت "المساء"إلىمدرسةبوسطمدينةوهران،وأكدالأولياءالذينوجدناهمبالقربمنها،أنهمتفاجأوابعدموجودعدةعنوانينفيموادالرياضياتوالأنشطةوكتبالفرنسيةلجميعالأطوار،فضلاعنالكتبالعلميةوكتبالنشاطاتالخاصةبها،مشيرينإلىأنهمتوجهواإلىالسوقالسوداءلشراءالكتب،بعدأنتحولالمشكلإلىظاهرةتطرحمعكلدخولمدرسي،فيغيابالحلولوتدخلمسؤوليالقطاع. أجمع الأولياء في هذا الصدد، على وجود ما وصف ب«تواطؤ" على عدة مستويات بخصوص ندرة الكتب في المؤسسات التعليمية، وتوفرها بالسوق السوداء، وهو ما قد يكشف عن وجود "شبكات منظمة" تقف وراء الظاهرة. بدورها، كشفت مديرة مؤسسة تعليمية في الطور الابتدائي، عن أن الحصة التي طالبت بها قبل الدخول المدرسي لم تصل كاملة، ولم تستلم المؤسسة كتب الرياضيات والأنشطة للطور الأول، وبعض العناوين في مختلف الأقسام الدراسية، خاصة السنتان الرابعة والخامسة اللتان يعاني تلامذتهما من ندرة الكتب "مما يضطرنا كإدارة إلى مراسلة المسؤولين من أجل الاستفادة من حصص إضافية، غير أنه وبعد مضي أكثر من أسبوع لا زلنا في انتظار حصص إضافية، تقول المسؤولة، في وقت يتجه الأولياء إلى اقتناء الكتب المدرسية من خارج المؤسسة، عند المكتبات وبعض الباعة غير الشرعيين في السوق السوداء. كما كشف مدير متوسطة، عن أن نفس المشكل مطروح على مستوى المؤسسات التعليمية، في الطور الثاني، حيث لا يزال الأولياء في رحلة بحث عن الكتب المدرسية، خاصة كتب الفرنسية والرياضيات والفيزياء، باعتبارها مواد أساسية، موضحا أن أولياء من مناطق مجاورة قصدوا مؤسسته بحثا عن الكتب، غير أنها غير متوفرة، وأضاف المدير أن الظاهرة تطرح سنويا وتنتهي بمرور قرابة الشهر، في غياب متابعة المسؤولين الملف، ليبقى الأولياء يدفعون ثمن المضاربة في أسعار الكتب المدرسية. من جانبه، كشف مقتصد بثانوية شرق مدينة وهران، أن عددا كبيرا من المؤسسات لم تستلم الحصص التي طالبت بها، حيث يبقى حسبه المدير والطاقم الإداري في مواجهة الأولياء الذين يطالبون بتوفير الكتب، خاصة أن كتب الطور الثانوي تباع بأثمان بعيدة عن متناول الجميع داخل المؤسسات، فما بالك بالسوق السوداء؟ يضيف المتحدث، الذي أكد أن سعر بعض كتب المواد الأساسية بلغ 600 دينار، على غرار كتب الرياضيات والفيزياء والعلوم بالنسبة لشعبة العلوم الطبيعية، في وقت كان من المفروض أن تتوفر في المؤسسات التعليمية بنصف الثمن، موجها الاتهام لأطراف تقف وراء الظاهرة. مكتبة تنافس ديوان المطبوعات وبأسعار مضاعفة؟؟؟ للوقوف على ما ذهب إليه الأولياء، تنقلت "المساء" إلى إحدى المكتبات التي تقع بقلب مدينة وهران، والمعروفة جدا لدى الأولياء، بحكم توفرها على جميع الكتب المدرسية لكل الأطوار، وبكميات كبيرة، لا تتوفر عليها أية مؤسسة تعليمية، الأمر الذي دفعنا إلى التقرب من صاحب المكتبة التي كانت تعرف إقبالا واسعا من طرف الأولياء لاقتناء الكتب، وكأن المكتبة مخزن تابع للديوان الوطني للمطبوعات المدرسية. استعنا خلال وجودنا في المحل بقائمة تضم بعض الكتب غير المتوفرة في المدارس الابتدائية، والتي كانت بحوزة مواطن عرّفناه على أنفسنا وسبب قيامنا بالتحقيق، وهو ما دفعه إلى مساعدتنا، وكشف صاحب المكتبة عن وجود جميع الكتب والعناوين وبكمية كبيرة تكفي سكان وهران، حسب وصفه، بعد أن عبرنا له عن مخاوفنا من عدم توفر بعض العناوين. فاجأنا صاحب المكتبة بأن التسعيرة الموجودة في خلفية الكتاب ليست نفسها التي تباع بها، بعد أن أكدنا له بأن وزارة التربية أقرّت على توفر الكتاب المدرسي في المكتبات بنفس التسعيرة، وأوضح المتحدث أنه قام باقتناء الكتب المدرسية من مصادره "الخاصة"، حسب وصفه، أو ما يعرف ب«الشراء للمرة الثانية"، مما فرض عليه زيادات تقدر ب 15 و20 دينار في كل كتاب، فوق التسعيرة القانونية، فيقوم ببيع الكتب بفارق ربح ضئيل، غير أننا تفاجأنا للمرة الثانية بوجود فارق ربح كبير يتجاوز 100 دينار في الكتاب الواحدة بالنسبة للقائمة التي بحوزتنا، حيث يباع كتاب الرياضيات للسنة الخامسة ابتدائي بمبلغ 330 دينار، بدل 230 دينار، أي بفارق زيادة يقدر ب100 دينار، فيما يباع كتاب النشاطات لنفس المادة ونفس السنة بمبلغ 320 دينار بدل 220 دينار للكتاب الواحدة، نفس الأمر بالنسبة لباقي الكتب، بما فيها كتب التحضيري التي يصل فيها فارق الربح إلى حدود 150 دينار. أكد صاحب المكتبة أن الأولياء لا يبدون تذمرهم من الأسعار، بالنظر إلى كونها مضاعفة أكثر لدى الباعة الفوضويين في السوق السوداء بحي المدينة الجديدة. كل الكتب متوفرة في سوق المدينة الجديدة وجهتنا الثانية كانت سوق المدينة الجديدة، المعروف لدى كل سكان مدينة وهران، كونه المصدر الأول للكتاب خلال كل دخول مدرسي، حيث تحولت إلى سوق "نجاة" بالنسبة للأولياء الذين يصطفون أمام طاولات بيع الكتب لاقتناء كل العناوين المتوفرة بكميات كبيرة، أمام تساؤل المواطنين عن مصدر الكتاب المدرسي المنعدم بالمؤسسات التعليمية التابعة للدولة. أكد عدد من المواطنين أنهم مجبرون كل سنة، على اقتناء عدد من العناوين المفقودة بالمؤسسات التعليمية، حيث تحول الأمر إلى عادة تتكرر سنويا، خاصة أمام مخاوفهم من عدم العثور على بعض عناوين المواد الأساسية التي يدفع ثمنها أبناؤهم المتمدرسون، فيما يؤكد بعض المواطنين استعدادهم لدفع ضعف الثمن، مقابل عدم وقوع مشاكل لأبنائهم، خاصة بالنسبة للمقبلين على امتحانات "السانكيام"، "البيام" و«البكالوريا". بعد اقترابنا من أحد الباعة، معروف هو الآخر في المنطقة، أكد أن العناوين متوفرة وبأسعار مختلفة، لكنها قد تصل إلى ضعف السعر القانوني للكتاب المدرسي، موضحا أنه قام باقتنائها من عند "بزانسة" يوفرون الكتاب المدرسي بأسعار مختلفة لا علاقة لها بالسعر القانوني الموجود على خلفية الكتاب، وأشار المتحدث إلى أن "ما نقوم به يعد خدمة للمواطنين ممن لم يجدوا الكتاب المدرسي"، قائلا "إننا نوفر الكتاب للتلاميذ الذين سيجتازون الامتحانات المصيرية دون عناء الانتظار أو البحث طويلا"، وهي عبارات تؤكد دراية الباعة بحاجة التلاميذ الماسة وأوليائهم للكتاب المدرسي. مدير ديوان الكتاب المدرسي .... شبكات منظمة وراء الظاهرة من جانبه، كشف مدير ديوان المطبوعات المدرسية عن أن ما تعرفه الظاهرة من توفر الكتاب المدرسي في السوق السوداء تقف وراءه شبكات منظمة، يمتد نشاطها إلى ولايات مجاورة، وأكد أن مصالح مديرية التجارة مطالبة بفتح تحقيقات حول مصدر الكتاب المدرسي، على اعتبار أن الديوان يتحكم بشكل كلي في عملية التوزيع التي تقتصر فقط على المؤسسات التعليمية، في وقت لم يتم منح أي اعتماد للمكتبات الخاصة، خلافا للموسم الماضي الذي اعتمدت فيه ست مكتبات بولاية وهران، وكان يُقدم لها هامش ربح ب15 بالمائة من التسعيرة المقننة للكتاب المدرسي. أضاف المتحدث أن الاتهامات التي قد توجه للديوان بوجود تسرب لا أساس لها من الصحة، بدليل أن بعض العناوين الجديدة التي لم تكن موجودة لدى الديوان الوطني بوهران، ولم يتسلمها إلا مع الدخول المدرسي، كانت متوفرة في سوق المدينة الجديدة وبكميات كبيرة، مما يؤكد وجود من يعمل على تسريب الكتاب المدرسي، حتى قبل استلامه من طرف الديوان. كما أكد المتحدث أن مديرية التربية ملزمة بالعمل على مراقبة المؤسسات التعليمية التي تتسلم حصصها من الكتب، موضحا أن عملية توزيع الكتاب المدرسي انطلقت في ولاية وهران خلال شهر فبراير من العام الجاري، ولا تزال متواصلة حسب احتياجات كل مؤسسة تعليمية. كما ربط المتحدث الندرة بظاهرة شراء الأولياء لنسخ ثانية من الكتب المدرسية واستعمالها في المنازل بهدف المراجعة، خاصة في الطور الأول، على اعتبار أن الكتب تبقى في الأقسام، وهو ما يدفع الأولياء إلى البحث عن الكتاب المدرسي خارج المؤسسات التعليمية، ومنه لجوء البعض إلى المضاربة.