* email * facebook * twitter * linkedin يطرح الكثير من المتتبعين للوضع العسكري في دولة الصومال تساؤلات حول التناقض القائم بين قرار الإدارة الأمريكية بسحب قواتها من إفريقيا ولكنها في المقابل احتفظت بقوة عسكرية وجوية في هذا البلد بدعوى خطورة حركة الشباب المحسوبة على تنظيم "القاعدة" الإرهابي. وعكست الغارات الجوية المتلاحقة للطائرات الأمريكية ضد عناصر وتجمعات هذه الحركة في مختلف مناطق الصومال، درجة الاهتمام الذي يبديه البنتاغون للوضع في هذا البلد. وأكدت أيضا أن الولاياتالمتحدة لا تريد ترك فراغ أمني في هذا البلد وكل منطقة القرن الإفريقي في ظل التنافس الكبير الذي أصبحت تبديه الصين التي أقامت أكبر قاعدة عسكرية في جيبوتي المجاورة والتي تحولت إلى مصدر قلق بالنسبة للإدارة الأمريكية. وجاء تأكيد البنتاغون أمس، على مقتل بشير محمد محمود العضو القيادي في تنظيم حركة الشباب المجاهدين في غارة جوية نفذتها طائرة أمريكية موجهة يوم 22 فيفري الماضي في جنوبالصومال، على حقيقة الحرب الخفية التي تشنها الإدارة الأمريكية في هذا البلد من دون أن تتمكن من حسمها بعد 26 عاما منذ تورطها في مستنقعها. ويعد محمد محمود الملقب باسم، بشير قرقاب، عضو في المجلس القيادي لهذه الحركة الصومالية المتمردة منذ سنة 2008 وتتهمه المخابرات الأمريكية بتدبير هجوم على قاعدة عسكرية أمريكية كينية في الخامس جانفي الماضي، خلف مقتل ثلاثة جنود أمريكيين. كما لقي أربعة من عناصر هذه الحركة المتمردة مصرعهم في غارة جوية في جنوبالصومال أول أمس في ظروف مماثلة في رد على هجوم شنته الحركة ضد موقع للجيش الصومالي. ويتذكر الصوماليون أكبر إنزال عسكري أمريكي في بلادهم منذ حرب فيتنام، بداية سنة 1993 مباشرة بعد سقوط نظام الرئيس المطاح به، محمد زياد بري والفوضى العارمة التي عرفها هذا البلد والتي كادت أن تتوسع رقعتها إلى كل بلدان القرن الإفريقي. وهم يتذكرون أيضا مشاهد الجنود الأمريكيين الذين تم سحلهم في شوارع العاصمة، موقاديشو ضمن صورة أثارت زوبعة قوية في الولايات المتحد، أرغمت الرئيس جورج بوش الأب على سحب قواته من هذا البلد بعد أن شعر أن قوة النخبة في الجيش الأمريكي أهينت في كرامتها، معترفا بفشله في القضاء على عناصر تنظيمات إرهابية كانت حينها في بدايات تشكيلها. ولكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة حافظت على تواجد عسكري محدود من خلال قوات جوية ومستشارين عسكريين فقط لتفادي تكرار إهانات محتملة ضمن حسابات عسكرية في بلد يحتل موقعا استراتيجيا على المحيط الهندي وقلب العالم وأصبح محل أطماع كل القوى الكبرى. وحاول الجنرال روجي كلوتيي، قائد القوات البرية الأمريكية في إفريقيا، تبرير تواجد قوات بلاده في الصومال بالتاكيد أن حركة الشباب "تبقى خطرا محدقا في القارة وضد الأمن القومي الأمريكي بما يستدعي جدية وحزما كبيرين لتحييد عناصرها والحد من خطرها المتزايد. وقال وزير الدفاع الأمريكي، مارك إيسبر إن هذه العمليات التي سماها ب«قطع العشب" تعتمد على فكرة تنفيذ عمليات عسكرية من حين إلى آخر لمنع عودة خطر هذه الجماعة التي تحصي في صفوفها قرابة عشرة آلاف مقاتل، ضمن قناعة دافع عنها القائد الأعلى لقوة "أفريكوم" الجنرال ستيفن تاونساند، قال إنها استراتيجية ذات فائدة وهدفها التقليل من قدرات هذا التنظيم. وكشف غلين فاين المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية في تقرير حول العملية العسكرية الأمريكية في الصومال، نشر الشهر الماضي أن مهمة القوات الأمريكية في إفريقيا حددت سنة 2021 لتقليص هذا التعداد إلى أدنى مستوياته ولكن الضربات الجوية الأمريكية لم تتمكن من تحقيق أهدافها. وهي حقيقة جعلت النواب الأمريكيين لا يخفون قلقهم تجاه انعدام نتائج ملموسة للقوات الأمريكية في هذه الحرب غير المعلنة والتي يتم تنفيذها بطائرات موجهة عن بعد وعدد من قوات النخبة على الأرض منذ سنة 1993. وأحصت مصادر أمريكية مهتمة بالوضع في الصومال أكثر من عشرين غارة جوية نفذتها طائرات بدون طيار أمريكية منذ بداية العام الجاري و64 ضربة العام الماضي و43 عملية قصف جوي سنة 2018 بدون أن يمكنها ذلك من القضاء على الخطر الذي تشكله حركة الشباب التي كثفت من عمليات التفجير الانتحارية التي تنفذها في كل مرة ضد مسؤولين صوماليين كبار أو ضد منشآت وهيئات رسمية حكومية في قلب العاصمة، موقاديشو.