* email * facebook * twitter * linkedin تعهد الوزير الأول المالي، بوبو سيسي، أمس، باستعداده لتشكيل حكومة جديدة، اكثر انفتاحا ضمن محاولة استباقية لامتصاص موجة الغضب الشعبي التي شهدتها العاصمة باماكو ليلة الجمعة إلى السبت. وكشف سيسي في تصريح للصحافة بعد زيارة إلى مستشفى المدينة، حيث يرقد عشرات المصابين في مواجهات أول أمس، عن مقتل أربعة أشخاص وأكد أنه والرئيس أبو بكر إبراهيم كايتا متفتحين على مباشرة حوار فوري مع المعارضة بنية تشكيل حكومة موسعة لمواجهة كل تحديات الساعة". ساد هدوء حذر أمس شوارع العاصمة المالية بعد ليلة ساخنة من المواجهات الدامية التي تخللت المظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت مساء أول امس بين تعزيزات قوات الأمن والمتظاهرين المتمسكين بمطلب رحيل الرئيس كايتا. واستفاق سكان العاصمة المالية على مشاهد حرب شوارع حقيقية بين آلاف المتظاهرين وقوات الأمن وسط بقايا متاريس حديدية وبقايا عجلات مطاطية محترقة وجذوع أشجار وحجارة مترامية هنا وهناك. وانزلق الوضع في العاصمة المالية وبعض مدن البلاد الأخرى بشكل مفاجئ في تجدد المظاهرات المطالبة برحيل الرئيس أبو بكر إبراهيم كايتا ضمن حلقة جديدة من أزمة سياسية مرشحة لتعقيدات أكبر خلال الأيام القادمة ضمن قبضة حديدية لم تعرفها البلاد منذ عدة سنوات عمد خلالها المحتجون إلى استهداف الهيئات الرسمية وكل ما يرمز للسلطة المركزية. واقدم مئات المتظاهرين ضمن هذه الشحناء على اقتحام مقر البرلمان وتخريب محتويات مكاتبه ونهبها في نفس الوقت الذي قام فيه محتجون آخرون باقتحام مبنى التلفزيون الرسمي الذي اضطر إلى قطع برامجه بعد إضرام النار في سبع سيارات وتكسير زجاج عشرات السيارات الأخرى واقتحام استديوهاته وتخريب أجهزته الرقمية ضمن تطورات جعلت عناصر قوات الأمن تلجا إلى استخدام الرصاص الحي في محاولة لتفريق المتظاهرين مما أدى إلى مقتل أربعة متظاهرين. وعرفت القبضة بين الرئيس المالي وأحزاب المعارضة هدوءا حذرا الأسبوع الماضي بعد موجة احتجاجات صاخبة قبل ذلك اعتقد الجميع أن الرئيس أعاد الوضع إلى سياقه الطبيعي ولكنه تفاجا بعودة الاحتجاجات بحزم أكثر قد يجعل عرض الرئيس ووزيره الأول لفتح صفحة حوار مع معارضيه لا تلقى التجاوب المنشود ضمن وضعية مرشحة لتعقيدات قادمة في ظل أزمة أمنية متواصلة منذ سنة 2012 استعصى على السلطات المركزية احتواءها وحال دون تجسيد كل فرصة لاستعادة الاستقرار والأمن في بلد يعد من أفقر بلدان العالم. ومن شأن استمرار وضعية الاحتقان المتجددة في المشهد السياسي المالي تشجيع مختلف التنظيمات الإرهابية على استغلاله لتنفيذ خططها لإضعاف سلطة رئيس البلاد والدفع بالبلاد باتجاه حالة فراغ دستوري يستحيل معها إعادة رأب الصدع وتحقيق إجماع سياسي في البلاد. وأكدت عودة الاحتجاجات رغم رسائل التهدئة ومقترح الحوار الذي تقدم به الرئيس كايتا، أن المعارضين لنظامه لا يريدون التراجع ضمن خطة مدروسة لإنهاء حكمه، وهو ما تأكد من خلال تعالي أصوات في صفوف قيادة المعارضة الذين طالب بعضهم بفرض "عصيان مدني" ضمن خطوة تصعيدية لتشديد الضغط على الرئيس وإرغامه على التنحي. وتفاجا الرئيس المالي لقوة المعارضين له والتي ضمت رجال دين وشخصيات حزبية معارضة ووجوه من تنظيمات المجتمع المدني التي التقت تحت مظلة ما اصبح يعرف بحركة "الخامس جوان" تاريخ تنظيمها لأكبر مسيرات احتجاجية في العاصمة باماكو ويكون تجاوب السكان معها هو الذي شجعها على إحكام ضغطها قصد تحقيق أهدافها، بما يفسر رفعها نفس شعار مظاهرات بداية شهر جوان الماضي وجعلها من تدهور الوضع الأمني وعجز السلطات المركزية في مواجهتها بعد سنوات من أعمال العنف بالإضافة إلى وضعية اقتصادية متهالكة وتدني خدمات الإدارة العمومية ذرائع للمطالبة برحيل رئيس البلاد.