يراهن المعهد التقني للزراعات الواسعة على طرح نوع هام وواعد من القمح، ويتعلق الأمر ب«التريتيكال"، الذي استطاع المعهد، بواسطة مزارع البرهنة وإنتاج البذور، أن يهجنه، مع محصول الشيلم، وينتج نوعا جديدا، يحتوى على قيمة غذائية أحسن بكثير من القمح اللين، وهو مصدر الخبز الأبيض، الذي يتسبب في الكثير من الأمراض، حسب المختصين الذين يؤكدون أنه سيكون بديلا صحيا واقتصاديا بامتياز. أكد المكلف بالاتصال بالمعهد، حسان قيرواني ل«المساء"، أن هذا المحصول ذو فائدة كبيرة، فهو غني بالبروتينات، مشيرا إلى أن التجارب التي قام بها المعهد التقني للزراعات الواسعة بالمخبر التكنولوجي، أثبتت أن إضافة طحين "التريتيكال" بمقدار الثلثين إلى الثلث من طحين القمح اللين، تعطي خبزا بنوعية ومذاق جيد، كما أنه يُستخدم في صناعة الحلويات، وهذا ما عمل عليه المعهد بمخبره التكنولوجي، خلال السنوات العشر الماضية، حيث تم عرض هذه المنتوجات بعدة معارض، شارك فيها المعهد، على هامش الندوة الوطنية التي نظمها المعهد في سبتمبر 2019، تحت إشراف الوزارة الوصية، وكان موضوعها "النُّظم الاستهلاكية وبدائل الخبز الأبيض"، حيث يُعتبر "التريتيكال" من بين البدائل الأساسية لتعويض الخبز الأبيض، وأجمع مختلف المختصين في هذه الندوة، على أن الخبز الأبيض مصدر مختلف الأمراض التي تفتك بالمجتمع، زيادة على أنه يشكل عبئا كبيرا على الخزينة العمومية، لأن مصدره القمح اللين المستورد. «التريتيكال".. المحصول الواعد تم إدخال نوع قمح "التريتيكال" إلى الجزائر في بداية السبعينيات، حسب المصدر، حيث بدأ العمل عليه من طرف المعهد التقني للزراعات الواسعة، يقول المكلف بالاتصال، باعتبار المعهد منوطا بتنمية المحاصيل الواسعة، ومنها الحبوب، باستنباط وانتقاء الأصناف وتحسينها، إنتاج بذورها ما قبل القاعدية والقاعدية، إعداد المرجعيات التقنية لإنتاجها، والإرشاد ونقل التقنيات للوسط المنتج، وفي هذا الإطار، تم تجسيد تجارب ميدانية من طرف إطارات المعهد، بمقارنة محصول "التريتيكال" مع عدة محاصيل أخرى من حيث المردود، التأقلم مع المناخ، القيمة الغذائية وكذا النوعية التكنولوجية، حيث كانت التجارب باستقدام أنماط وراثية أو مشاتل بالتعاون مع هيئات دولية. تجريب وانتقاء لأصناف جديدة.. بعث ل«التريتيكال" أفاد السيد قيرواني بأن الفترة الأخيرة، شهدت استئناف التجريب والبحث بخصوص "التريتيكال" من طرف المعهد التقني للزراعات الواسعة، حيث تم استقدام عدة أنماط وراثية في إطار التعاون الدولي، وزرعها ابتداء من الموسم 2015 /2016 بمزرعة التجارب وإنتاج البذور بوادي السمار في العاصمة، تابعة للمعهد، ثم توزيعها في الموسم الموالي على بقية مزارع المعهد بالوسط، الشرق والغرب للعمل عليها من طرف الإطارات بالتجريب والمتابعة والملاحظة، بهدف انتقاء أصناف ذات الصفات المطلوبة، حيث تم السنة الماضية، اعتماد صنف "وادي الذهب" من طرف المركز الوطني للمراقبة، والتصديق على البذور والشتائل، الذي تم اقتراحه من طرف مزرعة التجارب وإنتاج البذور بسطيف، التابعة للمعهد التقني للزراعات الواسعة، كما تم اقتراح 6 أصناف على المركز، من طرف مزرعة وادي السمار التابعة لنفس المعهد، حيث تم، مؤخرا، اعتماد 3 أصناف الأولى التي أطلق عليها أسماء؛ "البهجة"، "مزغنة" و«إكوزيوم"، وهذا ما سيمكن من بعث برنامج إنتاج البذور ما قبل القاعدية بداية من الموسم القادم، وتوسيع إنتاج هذا النوع تدريجيا بمختلف المناطق، خاصة أنه تم مؤخرا، استحداث وحدات بحث ببعض معاهد القطاع الفلاحي، ومنها وحدة بحث لدى المعهد التقني للزراعات الواسعة، التي تحتوي على فريق خاص بتنمية محصول "التريتيكال". كما قام المعهد التقني في إطار برنامج تنمية المحاصيل الاستراتيجية بالجنوب، والذي شرع فيه في الموسم 2017/2016، بتجريب أكثر من 10 أصناف من الحبوب، من قمح صلب ولين تحت الرش المحوري، وكان "التريتيكال" ضمن هذه التجارب لموسمين بمنطقة المنيعة، وموسم واحد بورقلة، حيث أثبت هذا المحصول كفاءة عالية من حيث التأقلم والإنتاج، فقد تم الحصول على مردود تراوح بين 75 و80 قنطارا في الهكتار الواحد، مع إمكانية تخطي هذا الرقم. المعهد يشجع .. وفلاحون مهتمون بالمحصول الجديد أكد ممثل المعهد أنه، لكون الإرشاد والدعم التقني من المهام الرئيسية للمعهد، فقد قام بإصدار كتيبات إرشادية حول المحصول، إضافة إلى بطاقة تقنية تبين متطلبات زراعته والمسار التقني لإنتاجه، إلى جانب التعريف بالمحصول وميزاته، وكذلك الأمر خلال الأبواب المفتوحة على مزارع المعهد، مع إعداد مقاطع سمعية بصرية إرشادية وبثها عبر قناة "السنبلة" الإرشادية على اليوتيوب، التي أنشأها المكلف بالاتصال، ومن خلالها عبر مختلف صفحات ومجموعات التواصل الاجتماعي، وهذا ما خلف اهتماما واسعا من طرف مختلف الشرائح من باحثين، طلبة، مرشدين، وخاصة من طرف الفلاحين والمربين الذي تواصلوا مع المعهد من مختلف مناطق الوطن، قصد الشروع في إنتاج هذا المحصول وتوسيع مساحاته. يظهر من خلال ميزات "التريتيكال" كمحصول ذي قيمة غذائية مرتفعة، وإنتاج عال، ومقاوم للظروف الصعبة وملاءمته لعدة مناطق في الجزائر، خاصة المناطق شبه الجافة التي تشتهر بتربية الأغنام، إضافة إلى الطلب الواسع عليه من طرف المنتجين، فالاهتمام به يُعد ضرورة مُلحة، وهو ما يأمل الفلاحون والمربون أخذه بعين الاعتبار، في إطار تثمين وتنمية المحاصيل الاستراتيجية التي تعمل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية على إعداد استراتيجية بشأنها.