تقام حاليا ببلدية الجزائر الوسطى معارض للصناعة التقليدية تهدف إلى التعريف ببعض الموروثات الثقافية، وكذا جلب اهتمام المحبين لهذه الفنون والتأكد من أنها باقية لا تزول بما أن هناك أنامل تحافظ عليها من الاندثار. ولهذه المعارض هدف آخر ذو بعد تكويني، فهي تقام بين الفينة والأخرى لجلب اهتمام الراغبين في تعلم بعض الحرف اليدوية وتوجيههم نحو المراكز المتخصصة. من بين تلك المعارض ذلك الذي أقيم مؤخرا بميدياتيك وسط الجزائر، وبالضبط بالقرب من محطة "آغا" للسكة الحديدية، والذي جمع أنواع وألوان الطرز التقليدي، ومنه طرز الجزائر. هذا النوع من الطرز التقليدي الذي عرف في سنوات الخمسينيات بوسط العاصمة تطرزه أيادي العاصميات، واللواتي علمنه لأجيال بعدهن. إلا أن بعض المولوعات بهذه الصناعة جاوزن بها حدود العاصمة لتستقر كذلك في تلمسان ومليانة. طرز الجزائر هي "غرزة" من أنواع "الغرز" الكثيرة التي تجود بها أنامل النسوة اللواتي يحترفن هذا النوع من الصناعة التقليدية، وتجمع تلك "الغرزة" في حد ذاتها كل الأنواع الأخرى من "الغرز" وعدة ألوان وتحتاج إلى صبر وطول نفس، والأكثر إلى حب "الصنعة" في حد ذاتها، كما تقول مريم رحماني مدرسة صناعة تقليدية بإحدى مدارس الجزائر الوسطى لتعليم الصناعة التقليدية. وتضيف المتحدثة إن الطرز كحرفة يحتاج كذلك إلى تفرغ حتى يُتقن. وتشعر براحة كبيرة وهي بين مغزلها ومختلف ألوان الخيوط المستعملة في الطرز، ذلك لأن الطرز اليدوي يبعدها عن مشاغل الحياة الكثيرة. وتعتبر "غرزه" طرز الجزائر من أقدم الموروثات في حرفة الطرز، تستعمل في مختلف قطع الديكور المنزلي المصنوعة يدويا، كذلك تعتمد في خياطة بعض من جهاز العروس مثل البرنوس ومحرمة الفتول وغيرها. وبالمدارس ال 19 التابعة لمؤسسة الطرز والخياطة لولاية الجزائر يتم تلقين مُتعلمات فنون الطرز ما يرغبن من أنواع "الغرز"، وتلقى "غرزة" طرز الجزائر إقبالا كبيرا بالنظر إلى خصوصيتها وتعقيدها أيضا - تقول من جهتها القائمة على المعرض حياة حسناوي - مضيفة أن مثل هذه المعارض لها كذلك هدف تبيان ما تستطيع مدارس الطرز إخراجه من طاقات شبانية تهتم بتقاليد الجزائر، وتنظم سنويا 3 معارض مماثلة، وتجزم المتحدثة أن كل المعروضات تلقى إقبالا كبيرا وتباع خلالها الكثير من القطع خاصة تلك المتعلقة بجهاز العروس، معترفة بأن ثمن هذه المصنوعات باهض، مرجعة السبب أساسا إلى الوقت المستغرق في إنجاز القطعة الواحدة الذي قد يصل إلى سنة كاملة، ناهيك عن الجهد الكبير المبذول في إتقانها. وتظهر بالمعرض قطع كثيرة لمصنوعات الطرز المتنوعة التي تختزل تنوع الحضارات المتعاقبة على الجزائر واحتكاكها بالحضارات الأخرى كالرومانية والإسلامية، ما جعل منها مزيجا فريدا من نوعه يشمل كل تلك الحضارات ولو أن آثار الحضارة الإسلامية تبقى هي الأبرز وبصورة كبيرة. ويظهر في الطرز الجزائري التنوع والتضاد في الألوان المستعملة والمستمدة من البيئة، كألوان التربة، الصخور، الأشجار، والزهور... إلا أن "طرز الجزائر" تجمع في تضاد جميل بين اللون الزعفراني والبني المحمر مع مزيج من الأخضر العشبي والأخضر البترولي على سبيل المثال..