تمر غدا الذكرى السادسة للإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين وسقوط بغداد في العشرين من شهر مارس سنة 2003 بين أيدي القوات الأمريكية دون بوادر لعودة الاستقرار الى بلاد الرافدين كما وعد بذلك الرئيس الأمريكي المغادر جورج بوش. وغادر هذا الاخير مقاليد السلطة في البيت الأبيض ولم تتحقق وعوده بجعل العراق بلدا ديمقراطيا مثاليا في كل منطقة الشرق الاوسط ينعم سكانه بالحرية التي افتقدوها في عهد "ديكتاتورية" الرئيس صدام حسين. ولكن العراق الذي كان رمز التجانس والاستقرار في عهد رئيسه المعدوم وجد نفسه على نقيض ذلك مهددا بالتقسيم في ظل تنامي الصدامات الطائفية والعمليات الانتحارية والتفجيرات المستمرة بعدد لا يحصى من القتلى والمصابين . وإذا كان العراق اليوم قد ودع العهد الاممي مطلع هذا العام مما منح له صلاحيات أوسع في اتجاه إقامة دولة ذات سيادة فإن الإعلان عن إنهاء الاحتلال الذي تقوده الولاياتالمتحدة لم يلغ مشاهده التي مازالت قائمة للعيان وسط المدرعات ودبابات الهامر وطائرات الاباتشي ومقنبلات اف.16 في ديكور يذكر العراقيين الأكثر تفاؤلا أن لا شيء تغير وأن ما يخفيه المستقبل لا يعرفه أي أحد منهم. وهو ما جعل الحكومة العراقية التي أثقلت كاهلها النزاعات العرقية والطائفية تسعى جاهدة لوضع نهاية لأعمال العنف التي قتلت عشرات الآلاف وأدت الى نزوح 4.7 مليون شخص منذ عام 2003 الى دول الجوار ولم مجتمع مشتت واقتصاد منهار جعل العراقيين من اكثر سكان العالم فقرا. وحتى وإن أجمع مسؤولون سياسيون وعسكريون عراقيون وأمريكيون على تراجع معدلات العنف الا ان استمرار التفجيرات الانتحارية وتصاعد منحاها بشكل لافت في الفترة الأخيرة أثار الشكوك مجددا في قدرة القوات العراقية على ضمان الأمن في بلد لم يضمد جراحه بعد. ففي الوقت الذي تستعد فيه القوات الأمريكية للانسحاب من الأراضي العراقية تتزايد المخاوف من عدم قدرة القوات العراقية على ملء الفراغ الأمني الذي يتركه رحيل الجنود الأمريكيون. والمؤكد أن القوات العراقية التي كانت شنت العام الماضي عمليات عسكرية واسعة في البصرة بجنوب البلاد لتقويض نشاط المليشيات الشيعية التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر وعمليات مماثلة في محافظات شمال البلاد والعاصمة بغداد للقضاء على العناصر المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة وخلفت مصرع المئات من الأشخاص ستجد نفسها أمام امتحان صعب وتحد يجب رفعه لتأكيد تصريحات المسؤولين العراقيين بقدرتها على الاضطلاع بمهمتها دون سند عسكري امريكي. ويؤكد ذلك التهديدات التي أطلقها ابو عمر البغدادي الزعيم المفترض لفرع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين عشية هذه الذكرى بعدما انتقد خطة انسحاب القوات الأمريكية من العراق واتهم الرئيس باراك اوباما باستعمال الخداع ودعا إلى تصعيد الوضع وشن عمليات أوسع في العراق لضرب القوات الأمريكية والعراقية على السواء.