يُعرض بمهرجان الفيلم الفرنسي العربي، الوثائقيُّ "جزائرهم" للمخرجة الجزائرية الفلسطينية الفرنسية لينا سويلم، ضمن مجريات الدورة التاسعة لهذه التظاهرة، المرتقب تنظيمها من 6 إلى 17 نوفمبر الداخل بمدينة نوازي لو سك الفرنسية. يعرف رواد المهرجانات لينا سويلم من مشاهدتهم فيلم "أنت تستحق حبًا" للمخرجة حفصية حرزي وفي "في عمري، ما زلت أختبأ لأدخن" للمخرجة ريحانة. وتعود إلى مهرجان الفيلم الفرنسي العربي هذا العام، كمخرجة وضيفة شرف؛ لأنها ستقدم أول فيلم وثائقي طويل لها عنوانه "جزائرهم"، وهو عمل حميمي ودقيق، وعطاء عن أجدادها وهوية المهاجرين الجزائريين في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية. ولينا هي ابنة الممثل زين الدين سوالم والممثلة الفلسطينية وكاتبة السيناريو والمخرجة هيام عباس. انخرطت لينا سوالم في السينما بعد أن درست التاريخ والعلوم السياسية في جامعة السوربون. ممثلة لأمها في الفيلم الروائي "الميراث"، ثم للمخرجين ريحانة وحفصية حرزي، تذهب خلف الكاميرا لتصنع أول فيلم وثائقي طويل لها "جزائرهم"، وتعمل على تطوير مشروع وثائقي طويل آخر. كما تعمل كمؤلفة ومساعدة مخرج في مسلسلات وأفلام وثائقية. الفيلم يروي قصة عايشة ومبروك سويلم، زوجان جزائريان يعيشان في مدينة تيير الفرنسية، انفصلا بعد ستين عامًا من زواجهما على أرض الجزائر المستعمرة في حينه، وانتقلا بعدها مباشرة إلى فرنسا بحثًا عن العمل لإعالة الأهل في الجزائر. بعد الانفصال انتقل كل منهما للعيش في منزل منفرد، في بنايتين تفصل بينهما عشرات الأمتار. تقوم حفيدتهما المخرجة الفرنسية الجزائرية الفلسطينية لينا سويلم، بالتحري وراء أسباب انفصالهما. وفي الخلفية تلوح ذاكرة جماعية وشخصية تم ركنُها لعقود من خلال فيلمها الوثائقي الأول "جزائرهم"، المعروض ضمن فعاليات المهرجان الوثائقي السويسري الدولي "Vision du Reel" في دورته الواحدة والخمسين، والمقامة فعالياتها أون لاين؛ نظرًا للوضع الرهن عالميًا في أعقاب تفشي وباء كورونا. وفي تصريح سابق لوسائط إعلامية عربية، قالت: "أردت دائمًا تصوير جدتي، وكنت معجبة بقصصها. شعرت أن هنالك شيئا قويا داخلها، ومعاناة متراكمة لا تبوح بها، أكسبها هذا بنظري كاريزما أبهرتني. كنت أصور جدتي كما الجميع يحب أن يفعل. لم أفكر أنني سأنجز فيلمًا من خلال تصويرها، لكن تدريجيًا تطورت الأمور إلى أن علمت أنها وجدّي ينفصلان بعد ستين عامًا من الزواج! أدركت حينها أن قصتهم ليست عادية، هنالك شيء خاص لا يحصل كثيرا، الافتراق في جيل الثمانين. كان الانفصال بمثابة صدمة لي، خصوصًا أن جدتي هي من أخذت القرار، وكذلك فهمت أني لا أعلم شيئًا عن حياتهما السابقة. وكان غير مقبول بالنسبة لي أن يرحلا بدون أن أعلم قصصهما، وبدون أن يمرّراها إليَّ، شعرتُ بتلك الحاجة لتصويرهما وكسر الصمت قبل فوات الأوان". وقالت: "أحسست منذ البداية، بأن جدتي مستعدة لأن تشاركني تجربتها أمام الكاميرا، لكنهما في الحقيقة لم يشعرا كثيرا بحضور الكاميرا، كانت هناك أحاديث حقيقية وجدية. صُور الفيلم بشكل طارئ مع كاميرتي لوحدي، كنت أصور وأسجل الصوت، واستعنت أحيانا بأختي وأبي وبعض أقاربي. حاولت أن أفعّل عنصر الذاكرة في الحياة العائلية اليومية، ولم أشعر أنهما غير مرتاحين. بالتأكيد كانت هناك لحظات صمت، وأبواب مقفلة في وجهي؛ جدي، مثلا، لم يتكلم في البداية على الإطلاق، لكن انفتح تدريجيًا، خاصة عندما علم أني سافرت إلى الجزائر؛مسقط رأسه في منطقة العماير، وأريته صورًا من هناك. رحلة الفيلم هي رحلتي في حياتهم؛ كل شيء اكتشفه الفيلم، اكتشفته أنا أيضا في نفس الوقت".