أكد سفير إثيوبيا بالجزائر، نبيات غيتاشو أسغيد، عزمه العمل من أجل تعزيز علاقات بلاده مع الجزائر في مجالات التجارة والاستثمار والسياحة مع التركيز قبل ذلك على فتح خط جوي مباشر بين أديس أباباوالجزائر وتنظيم منتدى لرجال الأعمال من البلدين.وتطرق الدبلوماسي الإثيوبي في حوار خص به "المساء"، إلى عدة قضايا ثنائية وأخرى تخص الشأن الإثيوبي ومنها أهمية انعقاد الدورة الخامسة للجنة المشتركة التي تم تأجيلها بسبب تفشي وباء كورونا وتداعيات ملف سد النهضة وخلاف بلاده مع مصر وكذا خلفيات اندلاع أعمال العنف في غرب البلاد والانعكاسات الإيجابية لدخول منطقة التبادل الحر الإفريقية حيز التنفيذ بداية العام القادم. المساء : أنتم ثالث سفير لإثيوبيا بالجزائر منذ فتح سفارة بلدكم بالجزائر سنة 2016. ماهي أولوياتكم لتعزيز التعاون بين البلدين؟ سفير إثيوبيا بالجزائر: سعيد جدا باللقاء مع جريدة "المساء"، وأسعد بوجودي في هذا البلد الصديق الذي تربط بلادي به، الكثير من الأشياء المتشابهة وعلاقات تاريخية وسياسية عريقة ووطيدة. وهدفي تعزيز العلاقات، لاسيما في شقها الاقتصادي والتجاري وتوطيد العلاقة بين الشعبين. وأهم الأولويات بالنسبة لي، يبقى تعزيز العلاقات بين بلدينا الشقيقين في مجالات التجارة والاستثمار والسياحة وهي قطاعات تستدعي العمل على فتح خط جوي مباشر للخطوط الجوية الإثيوبية (فخر إفريقيا) من أديس أبابا إلى الجزائر، وهو ما سأسعى إليه جاهدا. كما سأعمل ضمن هذه الديناميكية على تعزيز العلاقات بين الشعبين، والحرص على إنجاح أشغال اللجنة الوزارية المشتركة في دورتها الخامسة، التي تم تأجيلها بسبب تفشي فيروس كورونا. فكلا البلدين يعملان جاهدين على عقد هذا الاجتماع، وأعتقد بشدة أن الدورة القادمة يمكن أن تخدم أهداف "اتفاقية الشراكة الاستراتيجية" الموقعة بينهما، عام 2013. ما هو تقييمكم لما تم إنجازه لحد الآن في هذا الاطار؟ وماهي الجوانب التي تريدون تطويرها أكثر في العلاقات بين البلدين؟ ❊❊ يمكن اعتبار التعاون القوي بين البلدين في الدبلوماسية السياسية الثنائية والقضايا الإقليمية والمتعددة الأطراف بمثابة إنجازات. ومع ذلك، كما ذكرت سابقا، هناك الكثير مازال ينتظر إنجازه لتعزيز العلاقات بين البلدين، خاصة في المجال الاقتصادي والتجاري. ولقد قامت سفارتنا منذ فتحها بالعمل في هذا الاتجاه ببرمجة العديد من الأنشطة، والمشاركة في المعارض التجارية والمعارض السياحية وكذلك تنظيم منتديات الأعمال. اللجنة الوزارية المشتركة ستخدم أهداف اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بالفعل، سجلت إثيوبيا حضورا مميزا في تظاهرات اقتصادية نظمت في السنوات الأخيرة بالجزائر، منها معرض الجزائر الدولي ومعارض سياحية. ماهي خططكم لتعزيز هذا التعاون أكثر؟ ❊❊ الدافع من وراء مشاركتنا في التظاهرات التجارية والسياحية هو تعزيز العلاقات بين البلدين في مجال التجارة والسياحة. فعلى الرغم من العلاقات السياسية القوية القائمة بين البلدين، إلا أن التبادل التجاري والسياحي لا يزال منخفضًا للغاية بالرغم من الإمكانيات المتاحة. فعلى سبيل المثال، إثيوبيا هي أكبر منتج ومصدر لقهوة "أرابيكا" في القارة، بينما تتمتع الجزائر بواحد من أعلى معدلات استهلاك القهوة في المنطقة، وتلجأ لاستيرادها من بلدان أخرى وليس من إثيوبيا، وذلك بسبب نقص الترويج. وليس القهوة الإثيوبية وحدها، التي لم تدخل السوق الجزائرية الكبيرة، بل هناك كثير من المنتجات الإثيوبية غائبة عنها، والعكس صحيح بالنسبة للمنتجات الجزائرية. ومن أجل ذلك سنعمل للترويج وخلق بيئة مواتية لرجال الأعمال في كلا البلدين. وهو ما ستعززه الدورة الخامسة للجنة الوزارية المشتركة التي ينتظر انعقادها في أديس أبابا، والتي سيصاحبها أيضًا منتدى أعمال ثنائي رفيع المستوى، يتوقع أن يفضي إلى إنشاء منصة تمكن رجال أعمال البلدين من الاتصال فيما بينهم ، مما سيسهل التبادل والتعاون في المستقبل. كيف يمكن برأيكم استغلال منطقة التبادل الحر الإفريقية، في رفع حجم المبادلات بين البلدين؟ ❊❊ كما أوضح الاتحاد الأفريقي، تشمل أهداف منطقة التجارة الحرة القارية إنشاء سوق قارية واحدة للسلع والخدمات، مع حرية حركة البضائع وتنقل الأفراد والاستثمارات، وبالتالي، تمهيد الطريق أمام إنشاء سريع للاتحاد الجمركي القاري، والذي من شأنه زيادة توسيع التجارة بين البلدان الأفريقية، من خلال تنسيق أفضل لأنظمة تحرير وتسهيل سياسات التجارة عبر المجموعات الاقتصادية الإقليمية وفي القارة بشكل عام. ولذلك نعتقد أن خلق منطقة التجارة الحرة القارية لن يؤدي فقط إلى زيادة حجم التجارة بين البلدين، ولكن أيضًا إلى إمكانية الحصول على مصادر الاستثمار، وبالتالي الحصول على المزيد من عائدات التصدير، بسبب الوصول إلى سوق أوسع. تشهد إفريقيا العديد من الاضطرابات، كيف يمكن مواجهة هذا التحدي لتعزيز السلم في القارة؟ ❊❊ إفريقيا قارة "مباركة بالفطرة" ولديها موارد ضخمة غير مستغلة، ومع ذلك، فإن التهديد المتزايد للسلام والأمن فيها الذي يشكله الإرهاب والتطرف العنيف، وكذلك تدفق الإرهابيين الأجانب، يحتم على الاتحاد الإفريقي العمل من أجل إنهاء هذه الصراعات وتحقيق الأمن والاستقرار؛ وخاصة في ظل تشابك مصالح الجماعات الإرهابية ومنظمات الجريمة العابرة للحدود، والتي تشمل تبييض الأموال والتدفقات المالية غير المشروعة والانتشار غير المشروع للأسلحة والاتجار بالبشر والمخدرات، دون نسيان التهديدات المتزايدة للجرائم الإلكترونية المتعلقة بالإرهاب ومشاكل الصحة ذات الصلة، الخ... ويتعين على دول القارة للتغلب على هذه التحديات، العمل سويا، وتحت مظلة الاتحاد الإفريقي لإيجاد حلول "إفريقية" فورية لها. وتعد منطقة التبادل الحر من أعظم الإنجازات في القارة، لكونها أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية. ومن الإنجازات البارزة الأخرى، اعتماد جدول أعمال بقيادة وملكية إفريقية لمسار نموها وفق أجندة آفاق 2063، والذي يجسد التزامًا متجددًا من قبل القيادات السياسية الافريقية لتحقيق رؤية متكاملة ومزدهرة وآمنة، يقودها مواطنوها وتمثل قوة ديناميكية في الساحة العالمية. ويُظهر التقرير القاري الأول حول تنفيذ أجندة 2063، أن القارة أحرزت بعض التقدم الملحوظ نحو تحقيق الأهداف المحددة. المعارضون للإصلاحات وللديمقراطية وراء أعمال العنف بإثيوبيا شهدت إثيوبيا في الأسابيع الأخيرة أعمال عنف متكررة، في غرب البلاد، راح ضحيتها العشرات. ووصف رئيس الوزراء السيد آبي أحمد ما يحدث ب"قتل الأشخاص حسب الهوية". ماهي الأسباب التي تقف وراء هذه الأعمال؟ وكيف ستتم مواجهتها؟ ❊❊ تعرف إثيوبيا، تحولات سياسية واقتصادية وإصلاحات ديمقراطية كثيرة، منذ تولي السيد آبي أحمد رئاسة الوزارة قبل عامين، وأول شيء قام به هو دعوة كل السياسيين الذين كانوا في الخارج للعودة إلى بلدهم، وأخرج كل المعارضين من السجن، وأطلق سراح كل الصحفيين المعارضين والممنوعين من عملهم، وفتح مواقع الأنترنت التي كانت ممنوعة، بهدف فتح المجال لبناء عهد ديمقراطي جديد في إثيوبيا. واليوم لدينا الكثير من السياسيين الناشطين بالبلاد والذين قبلوا دعوة رئيس الوزراء ويمارسون نشاطهم السياسي بكل حرية. وفي مقابل ذلك، توجد فئة قليلة تحاول استغلال هذا الجو من الحرية والديمقراطية، لخلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد لأغراض سياسية، وذلك عبر محاولة تحريض المجموعات الاثنية والإرهابيين. يؤسفني ما يحدث من اعتداءات في غرب البلاد، والحكومة قامت بإطلاق تحذير مباشر إليهم واتخذت إجراءات لمحاربة هذه المجموعات. هناك من لا تعجبهم الإصلاحات الجارية بالبلاد ويودون تخريب هذا العمل، والحكومة تطبق القانون عليهم. وهذا شيء أساسي لبناء الديمقراطية في إثيوبيا. هذه هي حقيقة مظاهر العنف التي نواجهها اليوم. سد النهضة ضروري لاقتصادنا وإثيوبيا ملتزمة بالحوار في إطار إفريقي خلف قرار إثيوبيا بملء سد النهضة جدلا كبيرا على المستويين الجهوي والدولي. كيف تردون على مخاوف الدول المجاورة من تداعيات ملء السد وتأثير ذلك عليها؟وهل ترون أن مساعي الاتحاد الإفريقي، والعودة الأخيرة إلى طاولة المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان، ستفضي هذه المرة إلى حل الخلاف؟ ❊❊ إثيوبيا تدعو دوما للحوار من أجل حل المشاكل المطروحة، ونؤمن بقوة بحلول إفريقية لمشاكل إفريقيا، لذا دعونا الاتحاد الإفريقي ليكون وسيطا لحل الإشكال ولا نريد تدخلا أجنيا في هذه المسألة. الآن وقد عادت الدول الثلاث إلى طاولة المحادثات ممثلة في فريق الخبراء الذي يجتمع لأسابيع، نؤمن بوجوب استفادة الدول الثلاث من ماء النيل بطريقة عادلة، ونريد أن يتم ذلك وفق مقاربة تقوم على مبدأ "رابح- رابح". فمن حق إثيوبيا الاستفادة من النهر لتطوير بلدها وانتشال شعبها من الفقر. فاليوم الشعب الإثيوبي وصل تعداده حوالي 115 مليون نسمة، 65 بالمئة من بينهم لا يستفيدون من الكهرباء. ولدينا برنامجا اقتصاديا تنمويا في كل المجالات، ولكن الطاقة ضرورية لتنفيذه، هذا كل ما نطالب به. فلا علاقة لبناء سد النهضة بادعاء نية الاستفادة من الثورة في مصر، بدليل أن مشروع السد تم تصوره منذ وقت طويل إلا أن إثيوبيا لم تتمكن من إطلاقه بسبب نقص التمويل، بسبب الدور الضار الذي لعبته مصر في الضغط على المؤسسات المالية الدولية، لمنع الاستفادة من الموارد للمساعدة في تمويل المشروع. في عام 2011 قررت إثيوبيا إطلاق المشروع برعاية إثيوبيين في الداخل والخارج، ومباشرة بعد إطلاق المشروع في أفريل 2011، اقترحت إثيوبيا بحسن نية وبطريقة غير مسبوقة، إنشاء فريق دولي من الخبراء لتبادل المعلومات بشفافية ودراسة تأثير سد النهضة على دول المصب، بمشاركة تامة من مصر والسودان. وتم استكشاف الخيارات المربحة لجميع الأطراف لملء وتشغيل سد النهضة. إثيوبيا ملتزمة بالحوار مع دول المصب، بهدف معالجة مخاوفها وتحقيق نتائج مفيدة للطرفين. ونعتقد أن العملية الجارية بقيادة الاتحاد الأفريقي ستسهم في تحقيق هذا الهدف. وتم بالفعل إحراز بعض التقدم في هذا الصدد. ننظر بإيجابية للوضع الاقتصادي في 2021 صنف المركز الإفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها إثيوبيا ضمن الدول الأكثر تضررا من وباء كورونا، من حيث عدد الإصابات. ما مدى تأثير الوباء على الاقتصاد الإثيوبي، وهل أنتم متخوفون من تداعيات الموجة الثانية التي تضرب كل العالم؟ ❊❊ تأثرت إثيوبيا كغيرها من الدول الإفريقية بالوباء، لكن في نفس الوقت اتخذنا إجراءات مبكرة في بداية ظهور الفيروس للتحكم بشكل جيد في الوضع الوبائي، باعتماد كافة البروتوكولات الصحية المناسبة بما فيها فرض حجر صحي فعلي. ولكننا رفعناه تدريجيا، من أجل تمكين المواطنين من الرجوع إلى حياتهم اليومية، مع أخذ كل الاحتياطات الواجبة. لكن يمكن الإشارة إلى أن هناك أمثلة تبشر بالخير، منها ما قامت به شركة الطيران الإثيوبية، التي تمكنت من التكيف مع الوضع، وحولت عملها من نقل المسافرين، إلى نقل السلع، لاسيما الأدوية والأجهزة الطبية من الصين باتجاه كل دول العالم، وخاصة الإفريقية منها وتمكنت بفضل ذلك تفادي إفلاسها. كما وضعت الحكومة استراتيجية شملت كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى، للخروج باقل الأضرار الممكنة كما انه لدينا نظرة إيجابية للوضع الاقتصادي بالنسبة لعام 2021. دافع ممثل إثيوبيا في الأممالمتحدة، مؤخرا ، عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. كيف ترون سبيل لحل هذه القضية التي طال أمدها؟ ❊❊ قضية الصحراء الغربية واحدة من أطول وأقدم المشاكل في إفريقيا، وطرحت عدة مرات في الأممالمتحدة، ونحن نتابع ما يقوم به الاتحاد الافريقي، في هذا الاطار، وكنا دوما إلى جانب تطبيق لوائح الأممالمتحدة. والحل يكمن في تقرير مصير الشعب الصحراوي بنفسه. ونأمل أن نرى اليوم الذي يتحقق فيه ذلك.