لأنّها القضية الأم وحلم كلّ عربي ومسلم وأمنية كلّ إنسان كان من اللازم والحتمي أن تنقش في وجدان كلّ حرّ من أحرار هذا العالم، فالجزائر التي كانت ولا تزال مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، لبست أمس رداء مقدسيا خالصا يعكس معزّة القدس الشريف أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين مسرى نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم ومهد سيدنا عيسى عليه السلام، في قلوب الجزائريين، وذلك من خلال الانطلاق الرسمي لاحتفالية "القدس عاصمة أبدية للثقافة" في الجزائر. قاعة "الموقار" شكلت سهرة أمس فضاء لترجمة وقوف الجزائر إلى جانب فلسطين وعاصمتها القدس ثقافيا، لتضيف بذلك خطوة إلى الخطوات الكثيرة التي مشتها بلد المليون ونصف مليون شهيد مع منبع الحضارات فلسطين الجرح العربي النازف منذ سنين، فعلا صوت الفنانة الملتزمة ريم البنا في سهرة ليست ككل السهرات ووقفة مميّزة، كلّ قلب فيها ينبض لفلسطين وبيت المقدس. الجزائر التي كانت دائما إلى جانب فلسطين ولم تبخل عنها بشيء، احتضنت الأهل والمؤسسات وقدّمت الدعم وساندت القضية بكل ما تملك وأعلنت قيام دولتها من على أرض الثوّار، مدّت جسورا ثقافية وفنية لعلّها تزيد من خصوصية احتفالية "القدس عاصمة الثقافة العربية" التي تحاول إسرائيل أن تمنعها ناسية أو متناسية أنّه في قلب كلّ عربي وكلّ مسلم شيء من القدس وللقدس. سهرة الانطلاق وقّعها الصوت المتفرّد ريم البنّا التي تعدّ من الفنانات الفلسطينيات اللواتي غنّين للوطن وتغنين به، فبعد أن عشقت الغناء والموسيقى في سن مبكرة، حيث كانت تشارك في "مهرجانات يوم الأرض الخالد" والاحتفالات الوطنية وفي المناسبات السياسية الأخرى وأيضا في الاحتفالات المدرسية، أصبحت بعدها أحد الأصوات الهامة والقوية المدافعة عن القضية الأم. وتستمد البنّا أغانيها من وجدان الشعب الفلسطيني ومن تراثه وحضارته وتاريخه، ومن أهمّ الأساليب الغنائية التي تميّزت بها "التهليلية الفلسطينية التراثية" التي رافقت بأدائها والتصقت باسمها، فهي تؤدي الأغنية الفلسطينية الحداثية التي تجد لها صدى بين الموسيقى العربية والعالمية، ومن أشهر ألبوماتها "مواسم البنفسج"، "لم تكن تلك حكايتي"، "من مرايا الروح"، "تهاليل من محور الشر"، "الحلم" و "وحدها تبقى القدس".