وضعت كوريا الشمالية أمس الدول الغربية في حرج كبير حول الكيفية التي يتعين التعامل بها معها بعد إقدامها على إطلاق قمر اصطناعي تضاربت المعلومات حول طبيعته المدنية أو العسكرية، نجاحه أو فشله في الوصول إلى مداره.ودفعت مواقف الاستنكار التي أبدتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من الدول الغربية والآسيوية إلى التساؤل حول الخطوة التي يمكن أن تتخذها هذه الدول للتعامل مع هذا "الطارئ". وأحدث إقدام بيونغ يونغ على إطلاق هذا القمر ضجة في كل العالم تبعتها مواقف تنديد من طرف الولاياتالمتحدة وكل الدول الغربية الأخرى التي رأت في هذه الخطوة تحد لها ولكل المساعي الرامية إلى منع الانتشار النووي في العالم. ونظرت الولاياتالمتحدة ومعها الدول الغربية إلى هذه الخطوة على أنها تحد عسكري أكثر منه خطوة عملية حققتها كوريا الشمالية على خلفية أنشطتها النووية وخاصة بعد دخولها النادي النووي قبل ثلاث سنوات عندما تمكنت من تفجير أول قنبلة ذرية. وبقدر ما وضع إطلاق القمر الصناعي الكوري الشمالي الدول الغربية في حالة فوران فقد أثار مخاوف جمة لدى دول الجوار الآسيوي التي رأت فيه انهيارا للمفاوضات السداسية الجارية منذ سنوات ورصاصة رحمة لها رغم أنها لم تنجح إلى حد الآن في إقناع بيونغ يونغ بالعدول عن برنامجها النووي. وكان الرئيس الأمريكي أول المستنكرين لهذه الخطوة ووصفها ب"الاستفزازية" مما دفع به إلى مطالبة المجموعة الدولية الى اتخاذ موقف قوي لمواجهة هذه التجربة الصاروخية الكورية الشمالية. وجاءت دعوة الرئيس اوباما قبل اجتماع طارئ لأعضاء مجلس الأمن الدولي لبحث الإجراءات الممكن اتخاذها لمواجهة هذا التحدي. وأعلنت السلطات الكورية الشمالية أنها أطلقت منتصف نهار أمس أول قمر اصطناعي ووضعه في مداره الجوي وقد حلق لعدة دقائق في أجواء شمال اليابان التي اضطرت إلى وضع كل قواتها ودفاعاتها في حالة تأهب قصوى. وهو الموقف الذي أبدته الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية التي وضعت قواتها في حالة تأهب بعد أن اعتبرت أن بيونغ يونغ تسعى إلى تطوير قدراتها الصاروخية العابرة للقارات من خلال تجربة صاروخ "تايبودونغ 2" الذي سبق أن جربت نسخة منه في جويلية 2006. ونفت السلطات الكورية الشمالية كل صفة عسكرية لقمرها الاصطناعي وأكدت في بيان لها أنه قمر للاتصالات "يقوم ببث الأغاني والأناشيد الثورية الممجدة للنظام الحاكم في البلاد". ووضعت هذه التأكيدات عدة عواصم غربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة في حيرة من أمرها وما إذا كانت هذه التجربة عسكرية أو علمية وخاصة وأن عملية إطلاق هذين النوعين من الاقمار الصناعية واحدة وتتم بنفس التقنية. ورغم ذلك فإن الولاياتالمتحدة رأت في التجربة خطرا على أمنها القومي وخاصة وأن مداه الذي يبلغ 6700 كلم يعني بصورة تلقائية أن بيونغ يونغ يمكن ان تهدد الأراضي الأمريكية في جزيرتي هاواي وألاسكا في حال وقوع أي تصعيد عسكري بينهما. وقد تمسكت الإدارة الأمريكية بمخاوفها رغم أن مصادر وخبراء القوات الأمريكية أكدوا أن الصاروخ فشل في وضع القمر الاصطناعي في مداره وأن الطابق الأول من الصاروخ سقط في بحر اليابان بينما سقط طابقه الثاني في المحيط الهادي. وهو ما أكدته السلطات اليابانية التي أشارت إلى أن شظايا الصاروخ لم تخلف قتلى أو خسائر مادية. وبنفس قوة التنديد التي أصدرها الرئيس الأمريكي على هذه التجربة فقد نددت رئاسة الاتحاد الأوروبي بهذه التجربة واعتبرتها بمثابة تهديد للاستقرار الإقليمي في موقف مماثل لذلك الذي أصدره الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي اعتبر اطلاق هذا القمر الاصطناعي بالاستفزاز ودعا المجموعة الدولية إلى فرض عقوبات على أحد آخر الأنظمة الشيوعية في العالم . وهو الموقف الذي عبر عنه الأمين العام الأممي بان كي مون الذي استنكر التجربة الكورية الشمالية وقال أنها تذهب إلى نقيض الجهود المبذولة والرامية إلى ترقية الحوار والسلم الإقليمي والاستقرار". يذكر أن كوريا الشمالية دخلت إلى النادي النووي كثامن دولة في العالم تمتلك أسلحة نووية منذ سنة 2006 وسبق لها أن أحدثت ضجة دولية وردود فعل ساخطة بعد تجربتها الناجحة لإطلاق صواريخ عابرة للقارات سنتي 1998 و2006.