سقط أكثر من 34 قتيلا وأصيب زهاء 130 آخرين في سلسلة تفجيرات دامية هزت مناطق متفرقة من العاصمة العراقية بغداد أمس، وذلك في أعنف هجمات يشهدها العراق منذ الشهر الماضي الذي شهد أربعة تفجيرات كبيرة راح ضحيتها 108 أشخاص واستهدف أعنفها أكاديمية الشرطة وزعيما قبليا. وأشار نائب عراقي مقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأصابع الاتهام في التفجيرات الأخيرة إلى ما وصفه بجهد استخباراتي تعمل عليه جهات داخلية وخارجية منظمة لعرقلة تسريع انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية في إطار الاتفاقية الأمنية الموقعة بين واشنطن وبغداد أواخر العام الماضي. وتأتي هذه الهجمات بعد حملات شنتها القوات العراقية واستهدفت مجالس الصحوات إثر اعتقال أحد قادة تلك الصحوات في حي ببغداد بتهم تتعلق "بالإرهاب والإجرام" وما أعقب ذلك من اشتباكات اندلعت بين الجانبين. وقالت مصادر الشرطة إن ست سيارات مفخخة انفجرت في أنحاء بغداد في أوقات الذروة الصباحية واستهدفت ثلاثة أسواق شعبية وموكبا لمسؤول في وزارة الداخلية ومجموعة عمال. واستهدف أعنف تفجير صباح أمس سوقا شعبيا في منطقة أم المعالف الواقعة إلى الغرب من وسط بغداد مما أسفر عن سقوط 12 قتيلا و29 جريحا. وفي منطقة الصدر شرق بغداد قتل عشرة أشخاص بينهم ثلاث نساء وأربعة أطفال وأصيب 65 آخرون في انفجار سيارة مفخخة بسوق شعبي، تبع ذلك بدقائق انفجار سيارة أخرى بسوق في منطقة الحسينية الواقعة شمال شرق العاصمة موقعا أربعة قتلى وعشرين جريحا. ولقي ستة أشخاص مصرعهم وجرح 16 آخرون جميعهم من عمال البناء في انفجار سيارة مفخخة بمنطقة العلاوي المزدحمة وسط بغداد. كما تعرض موكب مسؤول كبير في وزارة الداخلية العراقية لهجوم بواسطة سيارة مفخخة في حي بغداد الجديدة تسبب في قتل ثلاثة أشخاص اثنان منهم من الشرطة وإصابة ستة من عناصر الداخلية، في حين نجا المسؤول -وهو نائب مدير الأمن الداخلي- من الهجوم. ومن جهتها أعلنت القوات الأمريكية في العراق في بيان رسمي صدر أمس مقتل أحد جنودها في عملية في محافظة ديالى 60 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من العاصمة العراقية أول أمس الأحد. وبمقتل هذا الجندي ترتفع حصيلة قتلى الجيش الأمريكي بالعراق منذ غزو هذا البلد في مارس 2003 إلى 4266 قتيلا. وفي أول رد فعل على التفجيرات الأخيرة اتهم النائب عن التيار الصدري في البرلمان العراقي نصير العيساوي جهات استخباراتية بالمسؤولية عنها. وقال لوكالة الأنباء الألمانية "لدينا رؤية تحليلية في هذا الجانب هي أن هناك جهات استخباراتية داخلية وخارجية تعمل على تصعيد سلسلة الانفجارات هنا وهناك لخلق حالة من التوتر في البلاد تعطي الذريعة للقوات الأمريكية لتأخير عملية الانسحاب من المدن وفق المدة المحددة في الاتفاقية الأمنية في الأول من جويلية المقبل فضلا عن الضغط على الحكومة العراقية للطلب من القوات الأمريكية البقاء فترة أطول لضبط الأمن". وأشار إلى أن القوات الأمريكية ستسعى خلال المرحلة المقبلة "إلى خلق الذرائع والحجج من أجل تأخير الانسحاب من المدن العراقية". ووصف جهود تلك الجهات بأنها منظمة "وستكون لها انعكاسات واضحة على الواقع الأمني خلال المرحلة المقبلة"، مضيفا "لقد سبق أن حذرنا من هذه التصرفات قبيل الاتفاق على الاتفاقية الأمنية مع واشنطن". كما تتزامن التطورات الأمنية الدامية مع وصول وزير التجارة البريطاني بيتر ماندلسون إلى بغداد مصحوبا بوفد تجاري في أول زيارة من نوعها منذ أكثر من 20 عاما، وسيزور الوفد -وفق السفارة البريطانية- أيضا مدينة البصرة جنوبي العراق.