أكدت أستاذة القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، في تصريح ل"المساء" أمس، على ضرورة تقيد السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بالموضوعية الكاملة في معالجة تراخيص إعفاء القوائم الانتخابية من شرط المناصفة بن الجنسين المعمول به استثنائيا في تشريعيات 12 جوان القادم، "وهذا حتى لا تقع في فخ الإقصاء والتمييز أو المفاضلة بين المترشحين، وتحقق بالتالي مبدأ المساوة". تبنّى المشرع بشكل استثنائي في تشريعيات 12 جوان المقبل، عدم التقيد بشرط المناصفة النسوية في القوائم الانتخابية، حيث رخص في القانون العضوي المتعلق بالانتخابات في المادة 317 الصادرة في الأحكام الانتقالية، للمترشحين إمكانية التخلي عن هذا الشرط في القوائم، حيث يتم قبول القوائم دون هذا الشرط بناء على "ترخيص" تمنحه السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. في هذا السياق تنص المادة المذكورة على أنه "بصفة انتقالية وفقط بالنسبة للانتخابات المجلس الشعبي الوطني، التي تلي صدور هذا الأمر المتضمن القانون العضوي، يمكن لقوائم المترشحين المقدمة تحت وصاية الأحزاب السياسية أو القوائم المستقلة في الدوائر الانتخابية التي لم تتمكن من تحقيق شرط المناصفة المطلوب بموجب المادة 194 من هذا القانون، أن تطلب من السلطة المستقلة إفادتها بترخيص لشرط المناصفة، وفي هذه الحالة توافق السلطة المستقلة على هذه القوائم وتصرح بقبولها". وترى خبيرة القانون الدستوري، الاستاذة فتيحة بن عبو، في تصريح ل«المساء" أنه "أمام عدم دقة المادة القانونية في تحديد أسباب عجز المترشحين على تحقيق مبدأ المناصفة في القوائم الانتخابية بدقة وتركه عاما، إذ لم يتم التنصيص على أسباب العجز بوضوح، تبقى سلطة التقدير كلها للسلطة الوطنية المستقلة". واعتبرت المتحدثة، أن "غياب معيار تحتكم إليه السلطة في تقدير العجز الخاص بالمناصفة النسوية أمر سلبي، لما يمكن أن يحمله من تأويلات في الأحكام الخاصة بقبول القوائم أو رفضها وإمكانية تفسيرها على أساس المحاباة أو الإقصاء وغيرها من الأحكام الأخرى". ويتيح عدم دقة المادة حسب الاستاذة بن عبو إمكانية حدوث تمييز لصالح قائمة دون أخرى، وهو ما يعد مساسا بالمبدأ الدستوري المتعلق بالمساواة. أمام هذه الإشكالية شددت الخبيرة في القانون الدستوري، على ضرورة أن تحتكم السلطة المستقلة للانتخابات، للموضوعية الكاملة في تقديرها للعجز وقبولها للقوائم، وذلك أثناء التدقيق في أسباب العجز، مذكرة في هذا السياق بالتوجه العام للعديد من الأحزاب غير المنفتحة على العنصر النسوي والتي تفضّل إقصاءه وتحييده من المشهد السياسي باستعمال ذرائع متعددة". واستشهدت محدثتنا في هذا السياق، بوضعية التمثيل التي كانت عليها المجالس المنتخبة الوطنية ومحلية في السنوات التي سبقت إقرار قانون ترقية الحقوق السياسية للمرأة، وهذا رغم إسهامات النساء في النضال السياسي عل مستوى القواعد. وأوصت الأستاذة بن عبو، في هذا الصدد بضرورة مراعاة السلطة المستقلة للانتخابات لمبدأ التساوي في الحظوظ بين المترشحين للانتخابات قبل منح تراخيص قبول القوائم والتي ينبغي أن تكون حسبها مبنية على أسس عادلة وموضوعية.