تمّ مؤخّرا إصدار قانون تنفيذي جديد يقرّ بإحداث تغييرات على مستوى القانون الأساسي المنظّم للمسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي"، وقد منح هذا القانون الجديد المزيد من الصلاحيات لتنظيم النشاطات الفنية والثقافية بصرح بورسعيد الذي لم يعد يقتصر على الفن الرابع. أهمّ ما حمله القانون الجديد للمسرح الوطني -الذي بات مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري تتمتّع بشخصية معنوية واستقلالية مالية- هو توسيع أفق نشاطاته التي لم تعد مقتصرة على الفن الرابع والرقص كما أقرّه القانون القديم رقم 70 -38 المؤرخ في8 ربيع الثاني 1390 الموافق ل 12 جوان 1970 بل امتدت لتشمل كلّ مجالات الإبداع، بحيث يمنح القانون الجديد للمسرح إمكانية إنتاج عروض فنية درامية وغنائية وتوزيعها والمساهمة في تنشيط الحياة الثقافية و"الفنية" الوطنية والترويج لها، إلى جانب تمكينه من تنظيم تظاهرات فنية وثقافية متنوّعة في القاعات المتوفرة له، بعدما كانت تقتصر مهمته على إنتاج وتعميم عروض الفن المسرحي والرقص الذي يشترط فيهما توفّر الطابع التربوي والثقافي. كما منح القانون الجديد لمبنى بور سعيد إمكانية إجراء دورات تكوينية من خلال تنظيم تربصات متخصّصة في التكوين التطبيقي، وأقر له أيضا بإمكانية إنشاء صندوق إعلام وتوثيق، والجدير بالملاحظة أيضا المادة الثالثة من القانون الجديد التي تقرّ بأنّ مقر المسرح الوطني يتواجد بمدينة الجزائر لكن يمكن نقله إلى أيّ مكان آخر من التراب الوطني بناء على اقتراح من الوزير المكلّف بالثقافة. وفي الوقت الذي ركّز فيه القانون القديم على المسرح الجزائري من خلال فرض "ضرورة استخلاص مميّزات مسرح جزائري صميم وإحداث عدد أدنى من مؤلفات مسرحية لمؤلفين جزائريين وتمكين الفرق الوطنية من الارتقاء إلى مستوى فني عال مع الانفتاح على المسرح العالمي واستقبال الفرق الأجنبية لفن الرقص والمسرح في إطار البرنامج السنوي للمبادلات الدولية"، لم ينصّ القانون الجديد إلاّ على ضرورة ترقية التجربة المسرحية الجزائرية والتعريف بها على المستويين الوطني والدولي. القانون الجديد أحدث تغييرات جذرية أيضا على مستوى الترتيب الداخلي لبيت "محي الدين بشطارزي"، بحيث أسند التسيير للمدير العام والإدارة يتولاها مجلس إداري عوض المجلس الاستشاري واللجنة الفنية كما كان معمولا به وفق القانون القديم، حيث تقتصر مهمتهما على المساعدة والاستشارة. ويضمّ المجلس الجديد ممثلين عن عدد من الوزرات، كالوزير المكلّف بالثقافة كرئيس لهذا المجلس، ممثل عن الوزير المكلف بالداخلية والجماعات المحلية، عن وزير الترابية الوطنية، التعليم العالي، التكوين والتعليم المهنيين، وكذا الشبيبة والرياضة، إلى جانب ممثلين عن الديوان الوطني لحقوق المؤلف، التلفزيون الجزائري، الإذاعة الوطنية، وممثلين اثنين عن عمال المسرح الوطني منتخبين، وممثلين اثنين من عالم المسرح يختارهما الوزير المكلّف بالثقافة، وعكس القانون القديم فإنّ دور المدير العام للمسرح يقتصر على الاستشارة بالنسبة للمجلس. وكان دور المجلس الاستشاري القديم يقتصر على الاطلاع على تقارير المدير العام الخاصة بنشاطات المسرح وإعطاء رأيه حول مختلف المسائل المتعلّقة بالمؤسّسة في حين أنّ دور المجلس الإداري الجديد يتلخّص في التداول حول مشروع التنظيم الداخلي والبرنامج السنوي والاتفاقات والاتفاقيات والعقود والصفقات، قبول الهبات والوصايا، الكشوف التقديرية والإيرادات والنفقات، الحسابات السنوية، مشروع الميزانية التي يشرف على إعدادها المدير العام. أمّا اللجنة الفنية فكانت تضمّ كلا من مدير الشؤون الثقافية بوزارة التربية، مدير الإنتاج المسرحي، والبالي، ويتلخّص دورها على دراسة وانتقاء المؤلفات الفنية والبرنامج السنوي وكذا إعداد تقرير سنوي حول النشاطات الفنية للمسرح، وقد حدّدت مدّة تعيين أعضاء المجلس الإداري بثلاث سنوات قابلة للتجديد عوض سنتين بالنسبة للمجلس الاستشاري، وفي الوقت الذي حدّد القانون القديم أنّ عمل المجلس الاستشاري يكون مجانيا، صمت القانون الجديد عن هذه النقطة. ومن ثمّة نلاحظ أنّ أهم تغيير حمله هذا القانون هو السماح لصرح أب الفنون بتنظيم نشاطات أخرى غير المسرح وخاصة العروض الموسيقية وهو ما كانت تقوم به منذ مدّة، علاوة على خضوع عمله لمجلس إدارة يطلع على الشاردة والواردة.