تمكنت المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في الأمراض العقلية سيدي الشحمي بوهران، من تحقيق نتائج هامة في مجال التكفل الصحي بالمرضى خلال جائحة "كورونا"، رغم التحديات والصعاب التي واجهتها في فترة الحجر الصحي المنزلي، حيث تستعد إدارة المستشفى لإعادة بعث جناح مغلق، سيستفيد من عملية ترميم شاملة، وهو ما يضمن الرفع من عدد الأسرة لاستقبال أكبر عدد من المرضى القادمين من مختلف ولايات الوطن، في ظل توسع وارتفاع عدد المصابين بالأمراض العقلية واستقبال المدمنين، حيث أشار في هذا الشأن، مدير المؤسسة، قدور بن دحمة حفيظ، إلى الجهود الكبيرة التي تبذل من طرف الطواقم الطبية لتخليص الشباب من مستنقع المخدرات. كشف مدير المؤسسة الاستشفائية المذكورة، قدور بن دحمة حفيظ، في لقاء مع "المساء"، أن مصالحه تمكنت من توفير الرعاية الطبية واستقبال المرضى خلال جائحة "كوفيد-19"، حيث لم يتم تسجيل أية إصابة ب"كورونا" وسط المرضى المقيمين، بفضل تجند الجميع، حسب ما وصف المتحدث، إلى جانب تطبيق بروتوكول صحي صارم. كشفت الأرقام التي قدمها المتحدث، عن أن المستشفى استقبل خلال السنة المنقضية، 42421 مريض خضعوا للمتابعة الطبية والعلاج، موزعين على 24025 رجل، و15072 امرأة ، و3324 طفل، فيما تم إدخال 718 شخص إلى المستشفى للمتابعة الطبية التي تتواصل لأيام وأسابيع، حسب وضعية المريض، فيما بلغ عدد أيام الإقامة الإجمالية للمرضى 66745 يوم، وهي أرقام أكد بخصوصها المدير العام للمستشفى، أنها هامة، وتؤكد الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الأطقم الطبية وشبه الطبية والإدارة العامة للمستشفى. وأعلن المدير العام للمستشفى، بالمناسبة، عن انطلاق برنامج هام للترميم بأجنحة المستشفى، تتوفر حاليا على 480 سرير، بعد أن كان المستشفى يتوفر على 1200 سرير، ويعتبر من أكبر المستشفيات المتخصصة في الأمراض العقلية وطنيا وإقليميا. أوضح المتحدث أن بنايات المستشفى قديمة، ويرجع تاريخ بنائه إلى عام 1957، حيث تم بعد الاستقلال، توسعة عدد الأجنحة ويمتد المستشفى بالكامل حاليا على مساحة 83 هكتار، موزع على عدة أجنحة متخصصة، منها مصلحة الأمراض العقلية، التي تضم كذلك المصلحة المغلقة والخاصة بالمرضى المتواجدين بالمستشفى، بأمر من العدالة، أو بتسخيرات من الولاة ال14 الذين تعاقبوا على تسيير شؤون الولاية، وفق متطلبات القانون المحددة، إلى جانب مصلحة الأمراض النفسية للأطفال ومصلحة مكافحة الإدمان. أضاف المدير، أن أول عملية ترميم ستطال جناح هام، من شأنه إضافة 70 سرير آخر للمستشفى، إلى جانب المصالح التي لا تزال تستقبل المرضى، وتعرف جدرانها تشققات بسبب نوعية الأرضية المنجزة فوقها. أكدت دراسة تقنية أجريت مؤخرا، إمكانية دعم الأساسات والجدران بتقنيات جديدة تستعمل في مثل هذه الأرضيات، التي تحتوي على نسبة معينة من الملوحة. فيما أوضح المتحدث بخصوص باقي الأحنحة القديمة المغلقة، أن تقارير الهيئة الخاصة بمراقبة البنايات "سي تي سي"، كشفت أنها غير صالحة، وسيتم هدمها لاحقا. مشروع مستشفى جديد 720 سرير لم ير النور أكد مسؤول الهيئة الصحية الاستشفائية المذكورة، أن المستشفى حاليا، بحاجة إلى توسعة وإنجاز أجنحة أخرى للتكفل بالمرضى القادمين من مختلف ولايات الوطن، حيث يطرح حاليا مشكل الاكتظاظ، في ظل ارتفاع عدد المرضى المحولين إلى المستشفى، خاصة مع وجود عقارات شاغرة لا تزال دون استغلال، قُدرت بنحو 70 بالمائة من إجمالي المساحة غير مستغلة. وذكر المدير بالخصوص، بمشروع المستشفى الجديد للأمراض العقلية، المكون من 720 سرير، والذي كان سينجز بمنطقة الحامول، ثم ألغي بعدها، داعيا إلى ضرورة التوجه نحو إنجاز وحدات وأجنحة داخل المستشفى الحالي، وذكّر المدير بالاقتراح الذي قدمه المدير السابق للصحة بولاية وهران، لإنجاز جناحين بسعة 60 سريرا لكل جناح داخل المستشفى، إذ لا يزال دون تجسيد. أوضح مدير المستشفى، أن مصالحه لا تزال إلى غاية اليوم، تستعين بمؤسستين للصحة الجوارية تقعان بحي ابن سينا في مدينة وهران، وسيدي معروف ببلدية سيدي الشحمي، لاستقبال المرضى من أجل الاستشارات والفحص الأولي، إلا أنهما غير كافيتان ولا تساعدان على استقبال كامل المرضى، رغم الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الأطقم الطبية التي تتنقل دوريا إلى المكاتب المخصصة لهذا الغرض، وهو ما يجعل مشروع التوسعة وإنجاز وحدات ومصالح جديدة أمر ضروري للتكفل النوعي بالمرضى. أعقب المدير أن التكفل بالمرضى المختلين عقليا، لا يتطلب إمكانيات كبيرة وتجهيزات كباقي المستشفيات، حيث يتطلب الأمر توفير المنشآت والقاعات العلاجية والأطباء المتخصصين، مضيفا أن حجم استغلال الأسرة حاليا بلغ 87 بالمائة، في ظل نوعية الخدمات الصحية المقدمة، التي تتطلب الإبقاء في الكثير من الأحيان، على المرضى لمدة طويلة، قد تتجاوز غالبا 6 أشهر إلى غاية سنتين، مما يتطلب وجود أسرّة أكثر للتكفل بالحالات المرضية التي تزداد يوميا، في ظل محدودية أسرة المستشفى، خاصة على مستوى المصلحة المغلقة التي يتم فيها استقبال المرضى بأمر من العدالة أو بتسخيرة الولاة، والذين يتم الإبقاء عليهم لفترات طويلة، وهو ما يتطلب كذلك توسعة الجناح لاستقبال أكبر عدد من المرضى. 80 بالمائة من المدمنين أقلعوا عن تعاطي السموم يتوفر المستشفى على مصلحة مكافحة الإدمان، التي تعد واحدة من بين 3 مصالح فقط على المستوى الوطني، تضم المصلحة 30 سريرا موزعا على 20 سريرا للرجال، و10 أسرة للنساء. وكشف المتحدث أن المصلحة تضم مخبرا لتحليل المخدرات، يكشف عن 10 أنواع منها، وأن دخول المصلحة يعتمد على تطوع المدمن، وهي مفتوحة للجميع، وفق شروط محددة يتقدمها شرط التطوع، ووجود رغبة لدى المدمن لدخول المصلحة من أجل العلاج، حيث يتم استقباله من قبل مختصين نفسانيين لمرتين، يتم في المرة الأولى الاستماع له والتعرف عليه، وعلى نوعية المخدرات أو الكحول التي كان يتناولها أو يتعاطاها، حيث يُمنح له علاج خاص من أدوية من قبل طبيب مختص، ليعود بعد شهر، وفي حالة اكتشاف بأن المدمن يريد دخول المصلحة، يتم استقباله وإخضاعه للعلاج والمتابعة الطبية ضمن احترام مبدأ السرية. أضاف مسؤول المؤسسة الاستشفائية، أن المستشفى لجأ إلى منح كل من يقبل في المصلحة، حق الدخول مرتين، لأن بعض الأشخاص لا يتمكنون من مواصلة العلاج والتأقلم، حيث يغادرون بعد أيام، ليتم استقبالهم مجددا مرة ثانية، وإدخالهم المصلحة مجددا، ومنحهم فرصة العلاج والمتابعة الطبية. كشف المدير أن المصلحة تشهد إقبالا كبيرا بعد أن نجاح العلاج، وتمكن عدد كبير ممن دخلوا المستشفى، من التخلص من الإدمان بفضل البرنامج العلاج والنفسي الذي يخضعون له، ويضم متابعة طبية ونفسية، وتنظيم لقاءات خاصة بين المدمنين وممارسة الرياضة، بعد إنجاز ملعب لكرة القدم وفتح قاعة للألعاب والترفيه، لفترة 45 يوما، وهي تدخل في برنامج العلاج الخاص الذي أدى إلى نتائج إيجابية، بدليل بلوغ نسبة التخلص من الإدمان حدود 80 بالمائة، كما اقترح تحويل المصلحة من مستشفى الأمراض العقلية نحو منطقة أخرى، قصد فتح المجال أمام المدمنين لدخول المصلحة، حيث يبقى تواجدها بمستشفى الأمراض العقلية، يشكل عائقا نفسيا لدى الكثيرين. مصلحة لأطفال التوحد يضم المستشفى المذكور آنفا، مصلحة لطب الأمراض النفسية للأطفال التي تتكفل أيضا بأطفال التوحد، حيث تم فتح مكتب استقبال على مستوى بلدية بئر الجير للاستشارات، كما يتم استقبال الأطفال للعلاج بالمصلحة المتواجدة داخل المستشفى، وتضم مختصين نفسانيين ومختصين في علم النطق، إلى جانب ورشات للتعليم والتكوين لإدماج الأطفال بالفضاء المدرسي، بعد انتهاء فترة العلاج، حيث يخصص المستشفى عدة ورشات تعليمية، إلى جانب تقديم وجبات غذائية خاصة لتعليم الأطفال كيفية التعامل والأكل، بإشراف من مختصين. وقد تنقلت "المساء" إلى المصلحة، ووقفت عل نوعية الورشات، واستقبال الأطفال، خاصة على مستوى الورشات التعليمية التي تتكفل بتقديم رعاية نفسية وتربوية للأطفال، إلى جانب قاعة للألعاب وفضاء خارجي آخر للألعاب وممارسة الرياضة. أوضح المدير أن البرنامج التعليمي والمتابعة ناجح، ومكن من دمج عدد كبير من الأطفال في الوسط المدرسي، بفضل نجاح البرنامج التعليمي والمتابعة النفسية.