عاش العراق نهاية أسبوع دامية بمصرع قرابة 150 شخصا وإصابة أكثر من مئة آخرين في سلسلة تفجيرات انتحارية هي الأعنف من نوعها منذ بداية العام الجاري استهدفت الطائفة الشيعية في العاصمة بغداد وديالى.ولقي قرابة 56 شخصا من بينهم 20 حاجا شيعيا إيرانيا مصرعهم في حين أصيب 125 آخرين من بينهم 80 حاجا إيرانيا في تفجيرين انتحاريين وقع أمس بالقرب من ضريح شيعي بحي الكاظمية بالعاصمة بغداد. ووقع التفجيران قبل بدء صلاة الجمعة بفارق زمني بسيط بحيث فجر انتحاري أول نفسه بالقرب من تجمع لحجاج إيرانيين في حين فجر الانتحاري الثاني حزامه الناسف بسوق قريب من مكان التفجير الأول. وبهذه الحصيلة يرتفع عدد القتلى الذين سقطوا إثر العمليات الانتحارية الذي شهدها العراق في ظرف 24 ساعة الأخيرة إلى 144 قتيل إضافة إلى إصابة المئات الآخرين. وكان 87 شخصا لقوا مصرعهم الخميس الأخير في ثلاثة تفجيرات انتحارية هي الأعنف من نوعها منذ أزيد من عام كان أعنفها ذلك الذي هز قلب مدينة المقدادية بمحافظة ديالى في شمال البلاد عندما فجر انتحاري نفسه داخل مطعم مزدحم بالزبائن أسفر عن مقتل 56 شخصا معظمهم من الحجاج الإيرانيين وإصابة 63 آخرين. ويتوافد الحجاج الإيرانيون على العراق لزيارة الأماكن الشيعية المقدسة وخاصة بمدينتي النجف وكربلاء منذ سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين. ويعد هذا التفجير الأكثر دموية يشهده العراق منذ بداية العام الجاري وتلاه تفجير آخر نفذته انتحارية شرق العاصمة بغداد كانت ترتدي اللباس العراقي التقليدي بعد أن تمكنت من التسلل الى وسط تجمع للنساء والأطفال أمام مقر للشرطة التي كان عناصرها منشغلين بتوزيع المساعدات الغذائية على هؤلاء. وخلف التفجير مقتل 28 شخصا وإصابة 52 آخرين معظمهم من عناصر الشرطة والنازحين الفارين من أعمال العنف الطائفي التي عصفت بالعراق منذ احتلاله على يد قوات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة شهر مارس 2003. وتزامنت هذه التفجيرات مع إعلان أجهزة الأمن العراقية عن اعتقال ابو عمر البغدادي الزعيم المفترض لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين غير أن البنتاغون الأمريكي رفض تأكيد نبأ اعتقال البغدادي الذي يقدم على انه قائد الدولة الإسلامية في العراق. وعادت التفجيرات الانتحارية والهجمات المسلحة ضد القوات الأمنية والجيش العراقيين وضد الطائفة الشيعية بقوة إلى العراق في الفترة الأخيرة في مؤشر ينذر بدخول البلاد مجددا في متاهة الحرب الطائفية التي ظن الجميع في وقت سابق انه تم تجاوزها في ظل الانخفاض التدريجي لأعمال العنف في العراق مع نهاية السنة الماضية. ويضع هذا الانزلاق الأمني الخطير القوات العراقية في وضع حرج خاصة وأنها تستعد لاستلام مهامها الأمنية في كافة المحافظات العراقية مع بدء الانسحاب العسكري الأمريكي من المدن العراقية شهر جوان المقبل إلى غاية تنفيذ الانسحاب الكلي مع نهاية عام 2011. وكانت أصوات من داخل الحكومة العراقية أبدت مخاوف من عودة العنف إلى العراق بمجرد انسحاب القوات الأمريكية وشككت في قدرات القوات العراقية على فرض القانون وحفظ الأمن في مختلف المحافظات العراقية. والمؤكد أنه في حال استمرار هذا التدهور الأمني الخطير فإن القيادة الأمريكية في العراق ستلجأ إلى تأخير موعد انسحاب قواتها من المدن العراقية إلى حين التحقق من إمكانية تولي نظيرتها العراقية مهامها الأمنية.