انتهى لقاء الحكومة الولاة لتنطلق مأمورية تنفيذ ورقة الطريق التي رسمها مجدّدا رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي اعتبر هذا الاجتماع الثالث من نوعه، فرصة للتقييم والتقويم والاستشراف. انتهى الاجتماع لتنطلق المهلة الزمنية التي منحها الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، للمسؤولين وحدّد آجالها ب18 شهرا، لتطبيق تعليمات رئيس الجمهورية، حرفيا في الميدان وبلا لفّ ولا دوران. انتهى الاجتماع لتبدأ عمليات ملء "كشوف نقاط" الوزراء والولاة، انطلاقا من تقييم مدى تطبيقهم لأوامر رئيس الجمهورية، وتعليمات الوزير الأول، وكذا التوصيات التي خرج بها اللقاء، بهدف مواصلة التغيير ومسار الإصلاحات على المستوى المحلي. لا يجب أن يعتقد الولاة، أن انتهاء اجتماع 25 و26 سبتمبر 2021، هو "نهاية مهمة" لأن التشخيص الذي وضعه الرئيس، بكلّ واقعية وصراحة، والإضاءات التي قدّمها علنا، والتطمينات التي منحها بالجملة والتجزئة، كلها عوامل ومحفّزات تستدعي إنجاح المهمة وتفادي التماطل والتقاعس والتكاسل والتعطيل. لقد رسم رئيس الجمهورية، الخطة وضبط البوصلة وحدّد خارطة الطريق، وما على "الجهاز التنفيذي" من وزراء وولاة ورؤساء دوائر، في انتظار انتخاب أميار جُدد، في محليات 27 نوفمبر القادم، ما عليهم إلاّ التنفيذ والتطبيق بما يخدم المواطنين ويستجيب لتطلعاتهم. الرئيس تبون، قالها مرّة أخرى و"بالفمّ بالمليان" :انتهت عقلية الاستيراد والريع، مشددا لدى تنصيبه أعضاء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، على أن الأموال المتداولة والنائمة في "بورصة الطراباندو" وقيمتها نحو 90 مليار دولار عليها أن تخرج الآن، مستبعدا جملة وتفصيلا عودة الدولة إلى الاستدانة الخارجية. هذا التشخيص ووضع اليد على الجرح، يرمي كرة التغيير باتجاه الولاة و"من تبعهم" من رؤساء دوائر وأميار ومديرين تنفيذيين، من أجل أن يكون هذا التغيير والإصلاح عموديا ومن الأسفل، مثلما هو أفقي ومن الأعلى. نعم، يجب أن تضع الإدارة حدّا نهائيا ولو بالتدريج، أو حتى "التقسيط المملّ" لهذه البيروقراطية وعقليات "الجموفوتيست" التي فرملت المشاريع وقتلت الاستثمار وعمّقت الاتكالية، وحوّلت أموال النفط إلى "بقرة حلوب" لا ينبغي على ضروعها أن تجفّ إلى أبد الآبدين! فعلا، لقد تعلّمت الأغلبية من ريع البترول فنون التبذير ووأدت التفكير، وسمّنت في الكثير من الحالات الفساد والنّهب والنّصب والاحتيال، وحوّلت العبث وسوء التسيير وتسيير السوء إلى آلية رسمية ومقنّنة بتشريعات ونصوص على المقاس، انتهت بإحالة البلاد والعباد على التماس لسنوات طويلة خلت! كلّ الضمانات تمّ تقديمها من طرف رئيس الجمهورية شخصيا، لحماية المسؤولين من أخطاء التسيير البريئة، وقد دعاهم إلى الابتكار وحرّية القرار، وهذا وحده يكفي لتحرير المبادرة وإنعاش الاقتصاد وإطلاق التنمية وإحياء الاستثمار، بشكل يُنهي آثار عهد "الإفلاس والاختلاس" الذي سقط بحراك أصلي وأصيل، وتمّ دفنه بإطلاق مسعى بناء الجزائر الجديدة. آن الأوان للمتابعة والمراقبة، وقد أكد الوزير الأول، في هذا السياق أمام اجتماع الحكومة الولاة، بأن الحكومة ستسهر على متابعة مدى تطبيق توصيات وتوجيهات السيّد الرئيس، وبعدها سيأتي وقت "التنقيط" ليعقبه "الحساب" بعد فترة زمنية، عليها أن تكون للعمل والجدّ والكدّ والابتكار وإنتاج الأفكار من أجل تسريع وتيرة سير قطار التغيير.