اللقاء الجديد المنتظر والمبرمج بين الحكومة والولاة، يأتي بعد نحو 6 أشهر من "الجلسة الأولى" التي أشرف عليها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وفيها أسدى توجيهاته وأوامره، وأكد للحضور من مسؤولي الجماعات المحلية والوزراء، بأنهم في خدمة الشعب وتحت تصرّفه. الآن، حان وقت إيداع الحصائل، وملء كشوف النقاط، بعد فتح 6 ورشات كان أهمها التكفّل بانشغالات ومشاكل مناطق الظل والربوات المنسية التي وفي سابقة من نوعها "فاجأ" الرئيس، الحاضرين بفيديوهات حيّة عن الواقع المرّ لمواطنين "منسيين" ومعذّبين في جهات من الوطن. كان في سنوات ماضية، الاعتقاد السائد، أن الوالي ورئيس الدائرة والأمين العام للولاية والدائرة، و"المير"، فوق رأسهم ريشة، يُسائلون ويسألون ولا يُساءلون، ولذلك، حدث ما حدث، وعمّت مناطق الظل وتعطلت التنمية، وعشّش الفساد في الكثير من المناطق "الموبوءة" بالعقليات الفاسدة والمفسدة! "الجزائر الجديدة" تكفر بهذا المنطق الغريب، ولا تؤمن إلاّ بالعمل والتضحية والوفاء والإخلاص والولاء للوطن، ولذلك، يُرتقب أن يكون اللقاء الثاني بين الحكومة والولاة، جسرا آخر لاستعادة الثقة وزرع الأمل في نفوس المواطنين، ورسم كلّ ما هو جميل في هذا البلد الآمن العامر بأبنائه المخلصين والخيّرين. لا يُمكن للتغيير الجذري أن يعرف طريقه إلى التنفيذ، مثلما هو مطلوب ومرغوب ومأمول، ما لم ينخرط الوزراء والولاة ورؤساء الدوائر ورؤساء البلديات وكلّ مسؤولي الجماعات المحلية.. ينخرطون بالنوايا الحسنة، وينخرطون كذلك وهذا هو الأهم في المهمّ بالكدّ والجدّ والاجتهاد، وقد قالها الرئيس تبون، بأن النوايا الصادقة لا تكفي وحدها ما لم تكن مرفوقة بإنجازات ملموسة. مهمة نفض الغبار عن مناطق الظل و"المناطق المعطلة" خلال السنوات الماضية، بالتهميش والإقصاء و"الحقرة" وسوء التسيير و"التعنتير" و"الجموفوتيست"، تقتضي عقلية جديدة ومتجدّدة للولاة ورؤساء الدوائر والأميار، وهو ما ستكشف عنه الجلسة القادمة مع الحكومة، خاصة في ظلّ تداعيات وآثار الأزمة الصحية الناجمة عن وباء كورونا. لا يُمكن للولاية والدائرة والبلدية، أن تبقى مجرّد "كتاتيب" إدارية، أو ملحقات وظيفية تستفيد ولا تفيد، تأخذ ولا تعطي، "تحلب" ولا تحلّ المشاكل.. لقد انتهى ذلك العهد و"الجزائر الجديدة" مثلما تتطلّب الحكمة والعقل والعدل، فإنها تستدعي أيضا توزيع الجُهد والمهام بين هؤلاء وأولئك، بما يسرّع وتيرة إنجاز المشروع وإنجاحه وتحقيق حلم كلّ الجزائريين. لقد أمر رئيس الجمهورية، المسؤولين بالخروج من المكاتب المكيّفة إلى الميدان، والاستماع إلى انشغالات المواطنين في قراهم وبلدياتهم وولاياتهم وليس ذلك "مزيّة" تنتظر جزاء أو شكورا، وإنما هي واجب مقدّس، من أجل الخروج بالجزائر من "غرفة الانتظار" التي أقعدتها فيها ممارسات سابقة، أكد الرئيس تبون، وتعهّد أنه لا مجال للعودة إليها. نعم، لكلّ بداية نهاية، ومسافة الألف ميل تبدأ بخطوة، ولذلك على الجميع السير نحو الأمام، والمشاركة في البناء والتطوير والتغيير وحسن التسيير والتدبير، بدل الغرق في مستنقع القيل والقال ومحاولة توقيف المطر بمجرّد رؤية قدوم السحب!