للحديث عن كل ما له علاقة بالترجمة الأدبية والتاريخية، تنظم الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي بالتعاون مع المكتبة الوطنية الجزائرية بالحامة، يومي 13 و14 ديسمبر الجاري، "منتدى الترجمة الأدبية والتاريخية في الجزائر.. واقع وآفاق"، الذي سيشكل فرصة للاقتراب أكثر من ماهية الترجمة الأدبية والتاريخية وراهنها، وكذا معوقاتها، مع رد الاعتبار، وتثمين مسار اثنين من المترجمين الجزائريين، لهما باع طويل في هذا المجال، ويتعلق الأمر بكل من جيلالي خلاص، وأحمد بن محمد باكلي. المنتدى الذي سينشطه أساتذة مختصون في الأدب والتاريخ والترجمة، سيقدم عددا من المداخلات التي ترتكز على الموضوع العام، حيث سيتحدث الدكتور عبد القادر بوزيدة عن "الترجمة في الجزائر.. معطيات وقضايا"، فيما يستعرض الأستاذ بوداود عمير "حاجتنا الماسة إلى الترجمة، خدمة لثقافتنا الوطنية وتاريخنا"، ليعدد، من جهته، الدكتور عبد الرزاق عبيد "رهانات المعادلة اللسانية والثقافية في الترجمة الأدبية"، فيما يناقش الأستاذ جمال لاصب، "الترجمة من وإلى اللغة الأمازيغية - تحديات المترجم". كما سيتم الوقوف عند "الترجمة فن وعلم.. قراءة في بعض التجارب لأعمال تاريخية" مع الأستاذ عبد المجيد بوجلة. ويتناول الدكتور جمال يحياوي "ترجمات تاريخ الجزائر - الإشكالية والهدف"، على أن يتطرق الدكتور يوسف مناصرية، ل "مساهمة المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة نوفمبر 54، في ترجمة مؤلفات الأوروبيين والجزائريين من الفرنسية إلى العربية". ولا يمكن الخوض في غمار الترجمة الأدبية والتاريخية في الجزائر بدون استعراض عدد من التجارب الفارقة في المشهد الترجمي، وعليه سيقدم الأستاذ محمد بوطغان تجربته في ترجمة الأدب الجزائري والإفريقي. ويتناول الدكتور محمد الهادي حارش، تجربته في ترجمة "حرب يوغرطة لسالوستيوس". كما يعود الأستاذ مصطفى ماضي إلى بعض محطات تجربته في الترجمة التاريخية. وللتذكير، تلعب الترجمة دورا هاما كوسيط لغوي وثقافي أساسي في عملية التواصل بين عالمين اجتماعيين وثقافيين متميزين ومختلفين. ولعل أكثر ما شغل منظّري الترجمة والعاملين بها، هو دور الترجمة الثقافي، خاصة في ما يتعلق بترجمة الأعمال الأدبية؛ ذلك أن الترجمة تتم بين لغات وثقافات متعددة ومختلفة؛ لذلك كان هدفها الأساس تحفيز التفاهم والتقارب بين اللغات والحضارات، لتحقيق التواصل بين الشعوب والأمم. ويرى المختصون والدارسون للترجمة أن صعوبات الترجمة تظهر جليا من خلال ممارستها، وقد يتبادر على أذهاننا لأول وهلة، أن أهم هذه الصعوبات قد تكون لغوية وأسلوبية، لكن سرعان ما يبرز جانب آخر قد يشكل عائقا أمام المترجم، وهي تلك الصعوبات المرتبطة بالمحيط الخارجي للنص بسياقه الثقافي والاجتماعي، ومدى تمكن المترجم فيها، مشيرين إلى أنه لا شك في أن الترجمة الأدبية هي التي أثارت أكثر من غيرها هذه الصعوبات، لأنها لا تتوقف عند ترجمة اللغة، وإنما تنقل كل الحمولة الثقافية والتراثية التي يتضمنها النص؛ فلكل لغة طريقتها في التعبير عن تجربة إنسانية معيّنة، ولها ما يميزها من مرجعية تاريخية، ومخزون لغوي، وبعد اجتماعي. كما يعتبر المختصون أن العمل الترجمي بما يقتضيه من أمانة في النقل واحترام للسياق التداولي، يصبح ذا خصوصية إذا كان في الحقل التاريخي. وأضافوا: "إذا كانت الترجمة تكتسي أهميتها من كونها الجسر الرابط بين الشعوب والثقافات، فإن هذه الأهمية تتضاعف وتكبر حين نجد أن المادة التي نحن بصدد ترجمتها، تحكي تاريخنا وتراثنا وأمجادنا ومآسي أجدادنا"، مؤكدين أن الخوض في الترجمة التاريخية يجعل المترجم من الوهلة الأولى، يخوض في بحر خصب، لا يتغلب عليه سوى البحث الحثيث، والرجوع إلى المؤرخين والمختصين في اللسانيات وشتى التخصصات؛ كالجغرافيا والعلوم العسكرية والآداب وغيرها.