أكّد أمس الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل بالعاصمة السورية دمشق في خطاب ألقاه أمام الدورة ال36 لمجلس وزراء الشؤون الخارجية للبلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي أنّ العالم الإسلامي "بحاجة ماسّة إلى تعزيز وحدته وتضامنه لمواجهة الأخطار التي تستهدفه في رموزه الدينية المقدسة وفي قضاياه العادلة". واعتبر الوزير القضية الفلسطينية في مقدّمة هذه القضايا مشيرا إلى أنّ الشعب الفلسطيني "يمرّ بظروف دقيقة تفرض علينا مساندة قوية لكفاحه العادل من أجل استرجاع حقوقه الوطنية والتاريخية"، وذكر بهذه المناسبة بالعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة والتهجير وبناء "جدار الفصل العنصري" وهدم المنازل وكذا مصادرة الأراضي وسياسة الاستيطان ومخطّط تهويد القدس معتبرا كلّ ذلك "ممارسات أظهرت الوجه الحقيقي للسياسة الإسرائيلية التي تسعى دائما إلى فرض أمر واقع جديد يطمس حقوق الشعب الفلسطيني والتنصّل من الالتزامات الدولية والتراجع على مسار السلام". وحسب السيد مساهل فإنّ الأولوية حاليا تكمن في "العمل على محو آثار الدمار الهائل الذي طال سكان غزة وإعادة إعمار ما خرّبه العدوان الإسرائيلي والتكفّل بتبعات هذا العدوان الإجرامي والمطالبة برفع الحصار عن قطاع غزة وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ومساندة جهود محاكمة القيادة الإسرائيلية عن جرائمها في حق المدنيين الفلسطينيين"، وفي هذا الصدد أكّد أنّ التنديد "لا يكفي" بل يجب اتّخاذ "مواقف وإجراءات عملية جريئة" من أجل استرجاع كافة حقوق الشعب الفلسطيني من قيام دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين واسترجاع كافة الأراضي العربية المحتلة وكل ذلك يتم -حسب الوزير- بالتقيّد بخارطة الطريق وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، داعيا في هذا الصدد الفلسطينيين إلى "التحلي بروح المسؤولية ووضع حدّ لانقساماتهم واختلافاتهم التي لا تخدم إلاّ عدوّهم". ومن جهة أخرى، تطرق السيد مساهل إلى الوضع في السودان مشيدا بموقف منظمة المؤتمر الإسلامي "الرافض" لقرار المحكمة الجنائية الدولية الصادر في حق عمر البشير الذي يرمي - كما قال - إلى "النيل من سيادة السودان وأمنه واستقراره وتهديد جهود السلام في دارفور"، وحثّ السيد مساهل الدول الأعضاء في المنظمة على إبداء نفس التضامن تجاه الدول والشعوب الإسلامية في إفريقيا وآسيا "التي تعيش أوضاعا داخلية متأزمة أو التي لا تزال تسعى لممارسة حقها في تقرير مصيرها"، وبخصوص العراق أعرب الوزير عن ارتياحه "للعودة التدريجية للأمن والاستقرار" في هذا البلد. وفي سياق آخر، تطرّق السيد مساهل إلى الأزمة المالية العالمية التي قال بأنّها "انعكست سلبا على الشعوب الإسلامية" وذلك دليل على "عمق الخلل في النظام الاقتصادي الدولي مما يستدعي إعادة النظر في قواعد صياغته وتسييره حفاظا على مصالح شعوبنا وحقّها في المشاركة في عملية صنع القرار الدولي". وتضمن خطاب الوزير أيضا ما اسماه ب "الحملة الشرسة ضد الإسلام" معتبرا أنّ الأزمة الاقتصادية قد تزيدها خطورة باستهداف الجاليات الإسلامية المقيمة في البلدان الغربية، مؤكّدا أنّ الجزائر "تعدّ من المبادرين للحوار بين الأديان والحضارات وترى ضرورة مواصلته وتعزيزه بأفكار ومشاريع باعتباره وسيلة لحفظ السلم والأمن الدوليين"، وأوضح أنّ المبادرات والأفكار التي تطرحها الجزائر حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الراشد تعبّر عن الرغبة في "ترسيخ القيم الإنسانية والكونية التي لا تتعارض مع ديننا الحنيف". وفي هذا الصدد، ذكر السيد مساهل مساندة الجزائر لمبدأ إرجاء المصادقة على مشروع إنشاء لجنة دائمة لحقوق الإنسان تابعة للمنظمة وذلك "حتى تتم دراسة أحكامه ويكون للأمة الإسلامية إسهاما حقيقيا في جهود المجتمع الدولي في مجال خدمة حقوق الإنسان وترقيتها". وبعد أن أكّد الوزير على استعداد الجزائر لمد المنظمة بإطارات ذات كفاءة وخبرة في المجال الدبلوماسي أبدى بعض الملاحظات حول ترشيد وتفعيل عمل المنظمة منها الاستلهام من تجارب المنظمات الدولية والجهوية الشبيهة في ضبط جدول أعمال مؤتمرات القمة ومجلس وزراء الشؤون الخارجية، وفي هذا الصدد اقترح السيد مساهل استحداث دائرة للشؤون الإنسانية ل"حشد الموارد وتنسيق الإعانات لفائدة ضحايا الكوارث الطبيعية أو التي يسبّبها الإنسان" مؤكّدا على أهمية التعاون والتنسيق بين منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظّمات الجهوية الأخرى القريبة على غرار جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي.