احتضنت قاعة الموقار أول أمس، العرض الشرفي الأول للمونولوغ السوري "بيان شخصي"، الذي أخرجه الفنان المعروف جهاد سعد وكتبه وأداه باقتدار الفنان عبد الرحمن أبو القاسم، وذلك في إطار الطبعة الجارية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، التي ترفع هذه السنة شعار "القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية". هذا البيان، فضل المخرج والفنان جهاد سعد أن ينشره أولا من الجزائر، التي تعني له الكثير على حد تعبيره، لما تحمله من رمزية تاريخية واختزالها لكل البطولات التي مازالت تمثل قدوة لكل الثوار في العالم. وقد حمل المخرج بيانه بالعديد من النداءات والصرخات لمن يريد أن يسمع، لمن يريد أن يستيقظ من السبات ويرفع عنه أسمال الذل والهوان ويدرك حقيقة ما يعانيه الفرد العربي من مآس وآلام يوميا، لتصبح جزءا من كينونته ومن وجوده، ويفضح أولا ما يرتكبه العدو الإسرائيلي، الذي جسد المخرج حضوره على الخشبة من خلال أصوات القصف والرصاص وخطوات الجنود، في حق شعبنا بفلسطين من قتل وحصار وذل وتجويع واجتياح، مرورا بتخاذل السلطات العربية وقادتها وتنصلها من مسؤوليتها تجاه القضية الأم، بل وتواطئها مع العدو ضد الأخ وطعنه في الظهر وسقوط الهاوية الذي تعيشه الأمة العربية، الذي مثله المخرج بسقطة الموت لعباس بن فرناس عندما أراد الطيران، هذا إلى جانب جهل الشباب بقضاياه الجوهرية، وكذا صراع الإخوة، في إشارة من جهة إلى صراع الأطراف الفلسطينية فيما بينها ثم بين الدول العربية فيما بينها حول مواضيع تافهة، وصولا إلى مسؤولية الإعلام في تخدير الفكر وتهشيم الأحلام، بما فيها قناة "الجزيرة" التي تتيّه الفرد العربي - على حد تعبير بطل المسرحية الفنان عبد الرحمان أبي القاسم - بين آراء المحللين والنقاد والمختصين. ولم يهمل المونولوغ الوقوف عند مختلف تلك الهزائم التي تجرعها العرب واحدة بعد أخرى، لتكون غزة الجرعة الأقسى والأمر. قوة المسرحية كمنت خاصة في الأداء المتميز والمتمكن للفنان عبد الرحمان أبي القاسم الذي عرفه الجمهور العربي، خاصة من خلال دور "ابن الرومية" في مسلسل الجوارج "، حيث تمكن باحترافية كبيرة من أن يعيش الدور بكل حاسة من حواسه، ليحمل الحضور على الغضب مرة والبكاء مرة والحسرة مرات كثيرة. لكن بالمقابل، حمل نص العمل الكثير من الخطابية رغم بعض الإيحاءات الرمزية، كما ضم تحاملا واضحا على مصر من خلال لقاء وهمي بين بطل العمل وسائق طاكسي مصري، في حوار حمله كاتب النص الفنان أبو لقاسم بمساعدة مؤنس حامد، الكثير من الدلالات، ولم يستغل المخرج أيضا كل فضاءات الديكور الذي تمثّل في مجموعة من البيانات المعلقة وركام الجرائد وعربة قمامة.