حاورته وهيبة منداس يفتح الفنان النجم جهاد سعد مخرج مسرحية "بيان شخصي" التي ستعرض لأول مرة اليوم بقاعة الموقار الموقار في إطار طبعة القدس للمهرجان الوطني للمسرح المحترف 2009 قلبه للقراء "صوت الأحرار" للحديث عن مسارات التجربة والتنويع في أداء الأدوار التاريخية التي برع فيها إلى جانب الأدوار الإجتماعية ويتناول في حواره مواقفه إتجاه العديد من القضايا التي تطرح على المشهد المسرحي والدرامي والسياسي خاصة فيما يتعلق بمسؤولية المثقف العربي في ضل اللجظة الحرجة التي تعيشها القضية الفلسطينية والشرق الأوسط والعالم العربي من تحولات في بنية صناعة القرار والتمزق العربي إتجاه أولويات التعامل مع ملف القضية الفلسطينية - هل تعتقد أن المسرح العربي كتجربة كان في مستوى القضية الفلسطينية ؟ * لا، المسرح العربي لم يكن في مستوى القضية وأرى أن أي شكل فني على الإطلاق لن يرقى إلى مستوى القضية الفلسطينية وصميمها باستثناء بعض المواقف الكبرى لكبار المثقفين العرب على غرار الشاعر الراحل محمود درويش والمفكر الفلسطيني الراحل إدوارد السعيد و الشاعر سميح القاسم، بمعنى النخبة المبدعة بالإضافة إلى دماء الشهداء الغزيرة التي تروي الأرض الفلسطينية، •• الثمن هو المعبر والحامل الأساسي للقضية الفلسطينية لكن رغم ذلك لا أنفي وجود أعمال مسرحية عربية قاربت القضية وأذكر مشاركتي عام 1993 بمسرحية "إيواكس" التي عرضت عبر العديد من المسارح العربية وبمشاركة 30 فنانا، حيث يتناول العمل الشرق الأوسط والتاريخ الفلسطيني منذ بدايات التاريخ الإنساني ووصولا عند هجرة اليهود إلى فلسطين لبناء الدولة اليهودية 1948 وكان العرض فلسطيني عربي وأتساءل كيف تستطيع أن تتحدث بما يوازي أوجاع القضية والإنسان الفلسطيني• - تشاركون في إطار المهرجان الوطني للمسرح المحترف طبعة القدس بمسرحية "بيان شخصي" هل من تفاصيل ؟ * يندرج العمل المسرحي السوري الجديد "بيان شخصي" ضمن فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 وهو عرض فلسطيني بالكامل من تأليف الفلسطيني مؤنس حامد وبطولة الممثل القدير عبد الرحمن أبو القاسم وآثرنا أن يكون العرض الشرفي العام للمسرحية بالجزائر يوم 27 ماي بقاعة الموقار وهي سابقة حيث لم يعرض العمل من قبل• وتتناول المسرحية أوجاع الإنسان الفلسطيني وعذاباته ضمن الأحداث الحاصلة• وفي سياق الضغوطات التي تحيط به يوميا وبمصيره وما حدث وما يمكن أن يحدث من حروب ومجازر وكيف يستطيع الإنسان الفلسطيني أن يبقى حتى رمقه الأخير من الحياة ورغم الحزن والتهميش واقفا على قدميه أبيا• - وبخصوص السينما هل ساهمت في إيصال الوجع الفلسطيني ؟ * هناك محاولات سينمائية لكن للأسف الانتاجات الفنية والثقافية لم تواكب تراكم الألم ولم تستطع أن تؤثر في الآخر والإعلام العالمي أو بالموقف حتى على صعيد السلام مع إسرائيل، إسرائيل التي لها الحق أن تفعل ما تشاء وبالتوقيت الذي تحدده والدليل ما تعرضت له "غزة" من جرائم ضد الإنسانية ويعكس ذلك أننا مستهدفون جميعا كعرب وليس الفلسطينيون• للأسف الإعلام العربي والإسرائيلي أقوى بكثير من إعلامنا العربي وما نريده هو نهضة عربية حقيقية تتعلق بوزارات الثقافة والإعلام في الدول العربية كافة في سبيل أن نصل بأصواتنا إلى الإعلام الخارجي، أمام تضليلات الإعلام الإسرائيلي ومفرداته.. نحن بأمس الحاجة أن يصل إعلامنا العربي إلى العالم، وأشير أننا الآن أفضل بكثير من النضج بعد هزيمة 1967 وحرب 1973، لكن هذا لا يكفي، هناك إعلام فعال وإعلام غير فعال إعلام الآخر فعال نرصد له الأموال والتبرعات وترعاه المؤسسات الغربية التي تمد إسرائيل بتمويلات لشراء الأسلحة.. أعتقد أن الفن فقط يقول كلمته بشرف قبل أن ينصرف• - خصوصية المسرح السوري بحكم أن سوريا في خط المواجهة؟ * علاقتنا مباشرة بالقضية الفلسطينية بحكم متاخمتنا لفلسطين وحدودنا، والأكيد أننا نتأثر يوميا بما يعيشه الأشقاء تحت ظل الاحتلال، ولا شك أن أي إنسان عربي مخلص يتأثر بالقضية، والأكيد أننا كبلد مواجه نتأثر في كل لحظة بتداعيات التطورات الميدانية• نحن - والجولان السليب - في لحظة حرجة على حدّ شفرات وفي أي لحظة يمكن أن تندلع الحرب وكل هذا الراهن كفيل أن يخلق توترا بالمنطقة، قد يكون التأثر إيجابيا أو سلبيا عندما يزيد عن حدّه وأتساءل ماذا للفن أن يمنح في توترات أعلى من وظيفة•• الفن لحظة الحروب غير مجدية، إلا لقول الكلمة•• لكن المسرح تحديدا، عندما يقول كلمته من الممكن أن يغذي الشارع والإنسان والوعي وأن يساعد على استمرار الموقف واسترجع هنا على لسان شخصية في مسرحية "إيواكس" علينا أن نضع وعينا في ثلاجة المستقبل، لأنه موضوعيا قد لا نستطيع أن نفعل أو نغير شيئا، لكن هناك ميلادا لحركة وعي جديدة كل لحظة مبنية على الهوية وعدم المقايضة عليها، إن الإسرائيليين يريدون تشويه تاريخنا وطمس هويتنا وملامح أبنائنا، لكن سيفشلون• - مدى مسؤولية المسرحيين والمثقفين العرب تجاه لب القضية الفلسطينية وفي ظل التمزق الفلسطيني الدائم؟• * مسؤولية صعبة للغاية وهي سحابة صيف ستزول حتما، وأول من يتأثر بذلك هو الفنان والمثقف الذي عليه أن يقول كلمته••• هناك تفخيخ للوعي و "بيان شخصي" هو بيان الإنسان الفلسطيني، الذي يؤكد أنه رغم القهر والاضطهاد ورغم أن النهاية لا تكون سعيدة للغاية وتساؤل ما هو المصير وبرغم إرادته شئنا أم أبينا، هناك محاولة لإجهاض كل اتفاق ونهضة للإنسان الفلسطيني والعربي، فمثلا شهدت نهضة الجزائر • عرفت محاولات تحطيمها وإفشالها لكن الشعب الجزائري واع وصاحب تجربة متراكمة منذ المرحلة الثورية وبالتالي باءت المحاولة بالفشل وتمتلك كل الشعوب العربية وعيا بما يحدق بها. واسترجع صور انتفاضة الشارع العربي وخروجه إلى الشارع خلال مجازر غزة الأخيرة وكانت مواقفه أقوى من رد فعل الحكومات في معظم الدول العربية التي لم تحرك ساكنا وكلنا متأكدون أن الشارع العربي شارع واحد وعلى إيقاع نبض واحد رغم الإنشقاقات بين الحكومات لأن مصيرنا واحد كعرب، خاصة أننا مستهدفون سواء بالجزائر، سوريا، بالمغرب..الخ - نعاني من أزمة تفخيخ للوعي العربي ؟ * هناك تفخيخ مضبوط ومدروس للوعي العربي وللأسف في الوطن العربي يتبلور حاليا جيل جديد مبرمج ومنشطر وأرى أن وظيفة ورسالة الفن أساسية لإعادة صياغته لأنه ليس علينا أن نصدق الثقافة الغربية وإغراءاتها والموسيقى الغربية رغم أنني لست ضدها والآخر شريطة أن يكون هناك وعي نستطيع من خلاله أن نحافظ على خصوصياتنا و تراثنا وكياننا.. لا نريد جيلا جديدا مهزوما مهزوزا أو فاقدا للوعي والهوية كي لا يضبط قوته في الحياة . - هل يعاني المسرح العربي من الرقيب؟ * أتصور أن من يعاني من الرقيب هو الذي يحمل الرقيب في داخله، ومن لا يعاني من الرقيب يلغي الرقيب ويفعل ما يشاء على الخشبة، المسرح حرية وأكبر منبر للحرية، ولا نستطيع أن نفعل في الحياة كما نفعل على المسرح دائما، أردد أن يقف على الخشبة الحرة ولو مرة في الحياة ليشعر بالسعادة الفائقة•• الحديث عن الرقيب والرقابة أصبح مهزلة ومثيرا للضحك في زمن القرية الكونية والمجتمع الاتصالي والأنترنيت• - هل استمرت وامتدت تجربة المسرحي الكبير سعد الله ونوس في الجيل الجديد بسوريا؟ * سجلت بعض المحاولات لتقديم بعض أعمال الكاتب سعد الله ونوس، ولكنه في الحقيقة لم يقدم ركحيا حتى اللحظة، كما يجب وبمستوى مشروعه وما قدم قليل جدا ونادر، أما على الصعيد العام لكي تتشكل أعماله كظاهرة مسرحية فهي لم تتشكل بعد، لأنها لم تقدم كما يجب وربما تحتاج إلى أجيال ووقت ومسارح، وتمويل وفرق مسرحية وأفول مهرجان دوري يحمل اسم سعد الله ونوس، لأن ما كتبه كان في نهاية حياته ولم تقدم نصوصه على المسرح خلال حياته• * لدي مشاريع عديدة ضمنها مسلسل "صدق وعده" للمخرج محمد عزيزية حول بداية الدعوة الإسلامية أين أقدم دور شخصية "أبي سفيان" إلى جانب فيلم ينطلق تصويره بمصر أكتوبر القادم مع المخرج السوري حاتم علي وبطولة الممثل يحيى الفخراني حول مؤسس الدولة المصرية الحديثة "محمد علي باشا" ونخبة من المشاريع الأخرى• - هل ستمثل في الفيلم الجزائري "الأمير عبد القادر" لو اقترح عليك؟ * يشرفني ذلك، لقد وصلتني أصداء حول تحضيرات لإنجاز فيلم ضخم حول "الأمير عبد القادر الجزائري" وتحمست كثيرا خاصة أنه يصور التاريخ السوري الجزائري المشترك والمواقف القومية، ويهمنا أن يقدم الفيلم التاريخي المواقف بأمانة والنص يكون مدروسا والمخرج مؤمن بما ينجزه والممثلين ليسوا مجرد ممثلين يؤدون أدوارا، بل تعكس مواقف حقيقية لتقديمه على الشاشة، وأتمنى أن يكون في المستوى سواء شاركت فيه أم لا خاصة عندما يتعلق الأمر بشخصية في مستوى الأمير عبد القادر تبرز فكرة قوافل المجاهدين بين سوريا والجزائر• - هل يمكن الحديث عن الفنان الملتزم أو الالتزام في الفن العربي بأنواعه؟ * الفنان الملتزم نادر الوجود ليس في البلاد العربية بل في العالم كما أنه لم يخل منهم أي عصر في كل العالم•• هناك فنانون ملتزمون بقضايا مجتمعهم يمثلون ضمير وموقف الأمة لكن بالمقابل هناك مرتزقة وأصبحوا نجوما ولا علاقة لهم بالفن إنهم كاذبون لكن الجمهور يكتشف زيفهم لأن مقياس نجاح الفنان هو جماهيريته وتعلق الجمهور بفنه وأعتقد أن الفنان لما يصل إلى قلب الجمهور فهو حتما صاحب موقف، أما من يتخذ من الفن مجرد مهنة ومصلحة، قد يعمل وينجح لفترة ليسقط من جديد رغم نجوميته• للأسف وجوه فقدت بريقها وحضورها على الشاشة وليسوا نجوما حقيقيين وهم يعرفون أنفسهم من الداخل، أقول دوما ثمة نجاح ناجح ونجاح فاشل والمهم هو النجاح بشكل حقيقي• *تحضر إلى الجزائر وبعد غياب 22 سنة مامادا تعرف عن المشهد الثقافي في الجزائر ؟ -نعم شاركت عام 1987 بمسرحية " كاليغولا" وسعيد بحضوري للمرة الثانية إلى أرض الشهداء ، لسوء الحظ أن الأعمال المسرحية أو التلفزيونية والسينمائية الجزائرية سوى من خلال المهرجانات والأكيد أننا بحاجة لتوزيع وتداول كل أشكال الأعمال الفنية العربية بيننا ومشاهدة كل المسلسلات وليس السورية فقط وكفنان أوجه دعوة لكل وزارات الإعلام والثقافة العرب إلى تبادل الأعمال الفنية وإيصالها إلى المشاهد العربي لتوصيل رسالتنا لكل الجماهير العربية *عرفت بأداء الأدوار التاريخية؟ لدي نخبة متنوعة من الأعمال ليست التاريخية فقط بل الإجتماعية وباقي الأشكال الدرامية * ومادا عن الإنتاج العربي العربي المشترك ؟ -نتحدث عن مشاريع فنية عربية وهو توجه جيد وشيئ جميل أن يشارك ممثل من سوريا مثلا في عمل مصري أو غيره وتأكدت التجربة من خلال مسلسل عرب لندن الدي جمع نخبة من نجوم الدراما والمسرح العربي من كل الدول العربية كسوريا مصر الأردن والمغرب ..وغيرها والجميل أن المسلسل يجسد التعاون المشترك العربي والموضوع الذي أثاره عربي محظ بهواجسه وبالتالي ما الفرق أن أمثل في الجزائر أو دمشق مادام موضوع عربي واحد مشترك يجمعنا *لكن تجربة الممثلين في سوريا كانت عكس دلك؟ -لا في البداية فقط ودلك تحت تأثير حجم من المعطيات وربما مواقف شخصية ضعيفة أعتقد أن الفنان الحقيقي هو المتفتح على كل الرؤى لأن تقديم مسلسل أو فيلم بممثلين عرب سيحقق المغايرة ويفاجئ الجمهور بنكهة وأسلوب جديد - دلالة التكريم في دورة القدس للمهرجان الوطني للمسرح المحترف؟ * سعادتي لا توصف وأنا أكرم في طبعة القدس للمهرجان الوطني للمسرح المحترف ولتكريمي بالجزائر خصوصية تختلف عن باقي التكريمات التي حظيت بها عبر العديد من المهرجانات في سوريا والدول العربية وتأثرت بعمق التكريم لأنه على أرض النضال والثورة•• وبلا مجاملة لتكريم الجزائر خصوصية نادرة، وأعتقد أن الفنان بحاجة إلى اهتمام ولما تهتم المؤسسات الثقافية بالفنان سيصل إلى الجمهور بطريقة مختلفة ويعطي قيمة لكل ما قدمه في مسيرته الإبداعية رغم أن ما قدمه في حد ذاته يعطي قيمة، لكن تكريم الفنان يؤكد هذه القيمة ويرسخها لدى الفنان والجمهور باعتبار أنها محطة من محطات حياته الحقيقية