تتنامى الاحتجاجات الشعبية في المغرب ضد الغلاء وندرة الماء الشروب ومصادرة الحريات والتطبيع، رغم القمع المخزني لاحتواء الغضب الشعبي العارم الذي ينذر بانفجار وشيك، وسط دعوات لتوحيد الجهود من أجل جبهة واسعة مناهضة "للفساد والاستبداد". رغم المقاربة الأمنية التي يعتمدها النظام المغربي لإحكام قبضته الحديدية على البلاد تحت مبرر "الطوارئ الصحية"، انتفضت عدة مدن ضد الزيادات المهولة في الاسعار التي عمقت معاناته وأزمت ظروفه المعيشية، خاصة بعد تخلي الدولة عن سياسة الدعم، مقابل فتح الأبواب على مصراعيها لرجال المال والأعمال "للغنى غير المشروع ونهب الجيوب". وصاحبت هذه الحركات الاحتجاجية حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب برحيل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الذي تخلى عن كامل مسؤولياته في حماية الشعب، حيث انهمك في تحصيل أرباح خيالية من تجارة المحروقات، التي عرفت أسعارها زيادات جنونية. كما شهدت عدة مدن مغربية، احتجاجات ضد "العطش" جراء تفاقم العجز المائي والجفاف الذي عمق جراح الاقتصاد المغربي، بسبب سوء تدبير السلطات المحلية التي لجأت للاستثمار في فاكهة "الافوكادو"، عبر توقيع اتفاقيات مع الكيان الصهيوني على حساب الامن المائي للبلاد. وامتد الغضب الشعبي في المغرب الى الانتهاكات الخطيرة ضد الحقوق الأساسية التي أقرها الدستور وعلى رأسها الحق في التجمّع، حيث نظمت 20 هيئة حقوقية مغربية مؤخرا وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان، تنديدا برفض السلطات منح حزب "النهج الديمقراطي" فضاء عموميا لتنظيم مؤتمره الخامس. ونظم هذا الحزب خلال الأسبوع الماضي، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الداخلية للمطالبة بحقه في الحصول على هذا الفضاء، رغم القمع الذي قابلت به السلطات المخزنية هذا الموعد وتعنيف المتظاهرين وسط تنديد محلي ودولي بمصادرة نظام المخزن لحقوق الشعب المغربي. وفي سياق متصل، لم تتوقف الاحتجاجات المناهضة للتطبيع منذ ترسيم النظام المغربي لعلاقاته مع الكيان الصهيوني المحتل في ديسمبر 2020 والذي جاء ضد الارادة الشعبية المطالبة بإسقاط كل "الاتفاقيات التطبيعية" مع الكيان الصهيوني. وفي هذا الإطار، نظم مناهضو التطبيع الاسبوع الماضي وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان، تنديدا بزيارة رئيس أركان الجيش الصهيوني المحتل إلى الرباط. ولعل الغضب الشعبي الذي يتنامى أكثر فأكثر في المغرب والذي ينذر باندلاع "ثورة"، هو ما تعلق بالزيادات الصاروخية في الأسعار والتي أضرت بالسواد الأعظم من الشعب المغربي. وفي هذا الإطار، أكد الإعلامي المغربي عبد اللطيف الحماموشي في تصريحات صحفية أن "السلطوية المغربية تواجه غضبا قويا من لدن الفئات الشعبية المتوسطة والفقيرة التي تضررت من غلاء الأسعار وتأثيرات جائحة كورونا". وأبرز الصحفي المدافع عن حقوق الإنسان، أن النظام السياسي المغربي، يمعن في تعميم "القمع على المعارضة المستقلة والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني بهدف مراقبة غضب المجتمع والعناصر النشيطة فيه". وأضاف أن ذلك يفسر "تغييب الصحفيين المعروفين بكتاباتهم المنتقدة للسلطوية ولزواج المال بالسلطة، أمثال سليمان الريسوني وعمر الراضي وتوفيق بوعشرين عن المشهد، حتى تخلو الساحة من الكتاب المنتقدين للسياسة الاقتصادية للسلطة الحاكمة. وأكد أن السلطة في المغرب متحالفة مع منظومة رجال المال والأعمال الريعيين الذين يعملون خارج إطار القانون وقواعد المنافسة"، مستدلا في ذلك برئيس الحكومة، عزيز أخنوش الذي يعيش حالة تضارب المصالح، إذ تستمر شركته التي تسوّق المواد النفطية في تحقيق المكاسب، "علما أن مجلس النواب سبق وأن أثبت بالوثائق أن شركة أخنوش تحصلت على أرباح طائلة تقدر بملايير الدراهم خارج إطار القانون". من جهته، أكد نائب رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان علي المغراوي أن "مسؤولية الدولة قائمة في استمرار الغلاء الفاحش وانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمغاربة، الذين تزداد أوضاعهم سوءا يوما بعد يوم"، في تناقض مع "الشعارات الخادعة" من قبيل "شعار الدولة الاجتماعية". واعتبر الحقوقي المغربي، ما يعيشه الشعب المغربي "جريمة نكراء مكتملة الأركان" بعد "تحالف السلطة والمال عن سابق إصرار في انتهاج سياسات اقتصادية فاشلة وتبني خيارات مجحفة للطبقة الشعبية وعن سابق ترصد لفرصة الاغتناء غير المشروع ونهب جيوب المغاربة". وعبر المغراوي عن استغرابه الشديد من "تواطؤ مؤسسات الدولة مع مصالح شركات الريع التي تتناغم معها"ّ، متسائلا باستنكار "أين البرلمان؟ وأين المعارضة؟ وأين المؤسسات الدستورية وعلى رأسها مجلس المنافسة؟"، داعيا من أسماهم بكل الغيورين على مستقبل البلاد من أجل جبهة واسعة مناهضة للفساد والاستبداد".