تستقطب الشواطئ الصخرية بجيجل، الشبان والمراهقين للسباحة، فرغم الخطورة التي تشكّلها على روّادها، إلا أنّها تعرف إقبالا كبيرا للذين تستهويهم عروض القفز والارتماءات من الصخور وسط الأمواج، إلى جانب زرقة مياه البحر النظيفة، على عكس الشواطئ المسموحة التي تشهد إقبالا كبيرا وتقل فيها النظافة وتتلوّث مياهها، ولهذا، فالكثير من الشباب يفضّلون الشواطئ الصخرية الممنوعة على الشواطئ الرملية المسموحة للسباحة. تعرف العديد من شواطئ جيجل الممنوعة للسباحة إقبالا كبيرا من قبل المتوافدين من مختلف الأعمار، بما في ذلك العائلات، رغم الخطر الكبير المتربّص بهم، والذي يصل حدّ الغرق، بسبب عدم توفّرها على شروط الاستغلال وافتقارها لأبسط وسائل الإنقاذ والنجدة، لتواجدها في مناطق صخرية تتميّز بصعوبة المسالك المؤدية إليها، ومن بين هذه الشواطئ، شاطئ "بومارشي" الصخري، "أقلال"، "الزواي" و"الكاريار" غير المحروس، وأيضا الشواطئ الصخرية ب"العوانة" و"الصنوبر" بسيدي عبد العزيز وغيرها. بحث عن المغامرة بعيدا عن الرقابة وتشهد الشواطئ غير المحروسة عبر الشريط الساحلي الجيجلي، هذه الأيام، إقبالا منقطع النظير لمراهقين وشباب وحتى أطفال، من مختلف الأعمار من أبناء المنطقة أو من خارج الولاية، قدموا للاصطياف والتمتع بالسباحة، واختاروا هذه الشواطئ دون غيرها، وحجّتهم في ذلك البحث عن سكون البحر عبر الصخور المترامية والطبيعة العذراء، بعيدا عن وفود المصطافين، رغم كلّ الأخطار التي تحدق بهم في هذا النوع من الشواطئ الممنوعة للسباحة. ويرجع هؤلاء الأطفال والشباب سبب تفضيلهم لهذا النوع من الشواطئ إلى أنهم لا يحبون الشواطئ المحروسة، بل يفضّلون الشواطئ الصخرية، التي تتيح لهم نوعا من المغامرة والبهجة بعيدا عن الرقابة سواء الأسرية أو حراس الشواطئ، حيث يتّجه أغلبهم، خاصة الأطفال والمراهقين، إلى هذه الشواطئ، خلسة عن أهاليهم مع أبناء الجيران والأصدقاء، بحثا عن المغامرة والاستمتاع بالقفز من أعالي الصخور إلى مياه البحر، غير مبالين بخطر الموت المحدق بهم وهلاكهم، ناهيك عن المخاطر الأخرى كضربات الشمس الحارقة التي تلفح وجوههم وأجسادهم، في عزّ الذروة، لانعدام الشمسيات بهذه الشواطئ، إن وجدت، فتضاريسها لا تسمح بوضع الشمسيات، وكذلك تعرّضهم للتسمّمات الغذائية في ظلّ افتقارهم لأيّ غرض من أغراض حفظ الطعام المعرض للتلف، قبل أن ينتقل إلى معدتهم، خاصة وأن غالبيتهم يذهبون إلى الشاطئ خلسة عن عائلاتهم. جماعات وفرادى وأصبحت بعض الشواطئ غير المحروسة، على غرار بلدية العوانة، جيجل، الأمير عبد القادر، سيدي عبد العزيز، القنار نشفي وزيامة منصورية وخيري واد عجول، محلّ استقطاب عدد كبير من العائلات القادمة من ولايات أخرى أو حتى من داخل ولاية جيجل بحثا عن الهدوء، الذي لم تعد توفّره الشواطئ المحروسة، حيث يؤكّد "كريم"، أنّه اعتاد، كلّ صائفة، على الذهاب إلى الشواطئ غير المحروسة رفقة عائلته للاستمتاع بزرقة البحر وروعة المكان وهدوئه، لأنّ الشواطئ المحروسة، في رأيه، ممتلئة عن آخرها وأصبحت عنوانا للفوضى والاستغلال من قبل بعض حرّاس الحظائر ومستأجري المظلات الشمسية الذين أصبحوا يحتلون هذه الشواطئ بطريقة غير قانونية، ويفرضون أسعارا خيالية من أجل ركن سيارات المصطافين، ومنهم من يُمنع من وضع شمسياتهم بالقرب من الشاطئ، وفي بعض الأحيان، تتحوّل تلك الجلسات العائلية بهذه الشواطئ المحروسة إلى مسرح للمناوشات بين الشباب، كما أنّ الكثير من الشباب باتوا يحوّلون مساحات من الشاطئ للعب كرة القدم، وهو الأمر الذي يزعج الكثير من العائلات القاصدة للشاطئ بحثا عن الراحة والاستجمام. كما يرى البعض الآخر من المصطافين، أنّ سبب اختيار العائلات للشواطئ غير المحروسة، رغم الأخطار وافتقارها للمرافق الضرورية للاصطياف، هو البحث عن "الحرمة"، لكون بعض العائلات، كما قال "محمد. ح" ل"المساء" بالشاطئ الصخري "بومارشي" غير المحروس بمدينة جيجل، تلجأ إليها لما تعرفه الشواطئ المحروسة من اكتظاظ واختلاط، أما الشواطئ الصخرية، فيقول إنّها مقصد الشباب من محبي المغامرة ومنهم من يزاوج بين الاستجمام وصيد السمك بالصنارة. أذن من طين وأخرى من عجين في هذا الشأن، كشف الرائد صالح لعرج، رئيس مصلحة الوقاية بمديرية الحماية المدنية لولاية جيجل في تصريح ل"المساء"، عن أنّ مصالح الحماية المدنية تسجّل، ككل سنة، مجموعة من الأرقام المرعبة لوفيات مصطافين، خاصة بالشواطئ الممنوعة للسباحة، وتحديدا في المناطق الصخرية، حيث سجلت، حسبه، حالات عديدة من الغرق بهذه الشواطئ الصخرية، بسبب صعوبة التدخّل وتأخّر أعوان الحماية المدنية لأنّها خارجة عن نطاق تدخّلهم، كما أنّ جلّ التدخّلات تتطلّب تجنّد العشرات من أعوان الحماية المدنية مدعومة بمختلف الوسائل، على غرار القوارب والغطاسين. وأوضح المتحدّث، في نفس السياق، "أنّه في حال غرق الضحايا واختفائهم، تضطر المصالح إلى تجنيد فرق متخصّصة على مدار عدّة أيام للبحث عن الغريق المفقود، مع صعوبة العثور عليه خاصة مع هيجان البحر، حيث سجّلت 6 غرقى لقوا حتفهم بالشواطئ غير المسموحة بولاية جيجل، وذلك منذ افتتاح موسم الاصطياف لسنة 2022، وهم من مختلف الأعمار وينحدرون من عدة ولايات، آخرها انتشال جثة غريق من طرف وحدات الغطس التابعة للحماية المدنية بالمنطقة الممنوعة للسباحة بمنطقة أفتيس بالعوانة، الخميس الماضي، وهي لرجل، (58 سنة)، ينحدر من ولاية المسيلة. ووجّه الرائد صالح لعرج، ممثلا عن مديرية الحماية المدنية لولاية جيجل، نداءه للمصطافين، خاصة فئة الشباب والمراهقين، بعدم المجازفة والسباحة في الشواطئ الصخرية وغير المحروسة، خاصة وموسم الاصطياف لم ينته بعد، وذلك تجنبا لكوارث مأساوية يروح ضحيتها العشرات كل سنة، وهي في تزايد مستمر رغم خطورتها، فالكثير يلقى حتفه وينتشل جثة هامدة، فيما يصاب عشرات الشباب بالشلل أو بعاهات مستديمة فيحملون تكاليف علاج إضافية لأسرهم إذا أنقذوا بأعجوبة من الموت المحقّق.