يشتغل الفنان تامر العربيد، رئيس قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، على تأسيس مسرح رائد قادر على مواجهة تغيرات الزمن التي يعاني منها أب الفنون خاصة في السنوات الأخيرة، كما يراهن على بقاء هذا الفن واستمراريته بشرط أن تعطى له جرعات إضافية من الحرية والإهتمام، كما تناول ضيف "المساء" مضامين أخرى بما فيها حديثه عن الجزائر والمسرح فيها. - المساء: كيف وجدتم الجزائر وأنتم تزورونها لأول مرة؟ * الدكتور تامر العربيد: بالفعل هي أول زيارة لي إلى الجزائر ومن أول نظرة أحببتها كمدينة وكطقس جميل وكجغرافيا فاتنة وكناس مضيافين وودودين، والأهم من ذلك هو اكتشافي لمدى حب الجزائريين للثقافة والتواصل من منطلق الهم العربي بما فيهم طبعا الفنانون والباحثون والمشتغلون بالمسرح، وبذلك فأنا سعيد بمشاركتي في فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي قرأت وسمعت عنه الكثير والذي اعتبره خلاصة الحراك المسرحي في الجزائر. - معنى ذلك أنكم مطلعون على المسرح الجزائري؟ * طبعا من خلال قراءاتي أيضا للمسرح الجزائري خاصة قراءتي لكاتب ياسين وواسيني لعرج، كذلك متابعتي للعروض المسرحية الجزائرية المشاركة في المهرجانات العربية كمهرجان دمشق، والقاهرة وقرطاج، وكل تلك العروض التي شاهدتها ذات هوية وخصوصية ويحرص الفنانون الجزائريون على تقديمها في كل عروضهم. - يتهم بعض الأشقاء العرب المسرح الجزائري بأنه مسرح فلكلوري لم يتخط خطوط المحلية هل توافقون هذا الطرح؟ * المسرح الجزائري مصرّ على أن يقدم عروضه باللهجة المحلية وعلى أن يكون مسرحا شعبيا وأرى هذا امتيازا وليس عيبا إذ أن المسرح الشعبي من أصعب الفنون وذلك بسبب صعوبة ايصاله بشكل جيد إلى الجمهور إنه فعلا فن صعب وليس في متناول أي كان. إن المسرح الجزائري يعبر عن خصوصية الإنسان الجزائري بعيدا عن الاسفاف والابتذال، وأدعوا من جهة أخرى هذا المسرح لأن يضع في حسابه العرض العربي (في البلدان العربية) كي لا يبقى حبيس جمهوره. - ماهو أهم عرض مسرحي جزائري لفت انتباهكم؟ * لقد أعجبت كثيرا بكل المسرحيات التي كتبها الراحل علولة، كما تركت مسرحيات أخرى صدى كبيرا عندنا في دمشق وفي الوطن العربي، علما أن اللهجة قد تقف أحيانا حاجزا لكن المسرحية في شكلها وعرضها لها سمعتها. آخر عرض لفت انتباهي وشدني إليه مسرحية "التمرين" لمحمد بن ?طاف والتي عرضت بدمشق ونالت التقدير وكتبت عنها الصحافة بايجابية. - لم يقتصر اهتمامكم بالمسرح على الممارسة بل تعداها إلى البحث العلمي والنشاط الاعلامي فهل كان ذلك ضروريا؟ * أنا ممثل مسرحي، وباحث أكاديمي أنجزت دكتوراه في اختصاص المسرح، كما أني مخرج بالمسرح القومي السوري ولي عروض في التأليف والإخراج، كما أن لي برامج متخصصة في التلفزيون السوري من خلال بعض الحصص التي عرضت أوتعرض حاليا منها "من يرفع الستار"، "المسرح شاهد عصره" و"حكواتي المسرح" وكلها تتناول الشأن المسرحي في سوريا وفي الوطن العربي، وهو أمر أراه مهما وتكملة لعملي كأستاذ بمعهد التمثيل ومدير للمسارح بسوريا، فالعمل المسرحي كل متكامل لا ينحصر فقط في العرض، أتذكر أنني في إحدى حلقات برامجي المتخصصة تناولت التجربة المسرحية الجزائرية والتجربة المغاربية عموما في مقاربة بين المسرح في المشرق العربي ومغربه وقد اكتشفت أنا وجمهوري الكثير خاصة سنة 2005 بمناسبة تنظيم مهرجان قرطاج للمسرح بتونس. - غطت الدراما التلفزيونية السورية باقي الفنون بما فيها المسرح فهل كانت سببا في تراجع أبي الفنون عندكم؟ * إن تفوق الدراما التلفزيونية السورية ناتج عن ظروف اقتصادية (تمويل)، في حين أن هذا التمويل يعانيه ويفتقده مسرحنا ليس في سوريا فقط بل في كل الدول العربية، خاصة ما تعلق بتمويل الأعمال الضخمة، هناك أيضا هجرة الفنانين من المسرح إلى التلفزيون مما جعل المسرح يخسر رجاله والأسباب غالبا ما تكون مادية، مع ذلك أقول أن القاعدة المسرحية في سوريا قوية جدا والمعهد العالي يلعب دورا كبيرا في تنشيطها. - كيف تقيمون وضعية المسرح العربي اليوم؟ * لم يكن المسرح في يوم ما مرتاحا، لكنه اليوم يعرف مشاكل أكبر، هناك نقص في التمويل وغياب في المنهج والهوية، وهو الأمر الذي يستدعي وجود اتفاق بين المسرحيين العرب لتطوير هذا الفن والمحافظة عليه وعلى الهوية مع الاستفادة من تقنيات الحداثة التي لابد منها مع ذلك أنا متفائل لأن لدينا أساسا، والمبدع لا يزال يعمل وينقصنا فقط هامش من الحرية ليكون المسرح حاضرا في حياتنا وليس حبيس المناسبات والمهرجانات.