ثمن العديد من سكان ولاية سكيكدة، في حديثهم ل"المساء"، القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، في حربها ضد مافيا المضاربة والإجراءات الردعية المنفذة ضد المضاربين من مصاصي دماء الزوالية. اعتبرت الآنسة غنية شكريط، أن تلك الإجراءات الردعية، هي في صالح المواطن قبل كل شيء، إلا أنها رأت أنها حتى تكون ذات فاعلية أكثر، يجب أن تشمل كل من تسول له نفسه اللعب بقوت المواطنين، مهما كانت درجته. أما السيد فاتح صروب، فقد أشار إلى أنه كان من أوائل من طالب بفتح تحقيق مفصل عن المضاربين والمضاربة في الحليب والسميد والزيت، خصوصا في عز أزمة الندرة المفتعلة، إلى جانب الاعتماد على تطبيق الرقمنة في السجل التجاري الإلكتروني، وتكثيف الرقابة الدورية والدائمة والفجائية، للقضاء على هذه الظاهرة التي أنهكت جيب المواطن البسيط. أما الدكتور عيساني محمد الطاهر، وإن ثمن تلك الإجراءات، إلا أنه يرى أن وجود تنظيمات تعمل على ضرب استقرار البلاد، من خلال سلوكيات المضاربة في منتوجات غذائية واسعة الانتشار، تستوجب اعتماد القبضة الحديدية تجاه هؤلاء المرتزقة، متسائلا: "كيف نفسر وجود مخزون استراتيجي لمواد ذات استهلاك واسع يفوق 10 أشهر، و في المقابل توجد ندرة". مشيرا إلى "وجود مخطط خفي يرمي إلى زرع التذمر والإحساس المرير باليأس في نفوس المواطنين، عبر ضرب قدرتهم الشرائية بصورة مباشرة"، معتبرا أن تلك الإجراءات جاءت في الوقت المناسب. يجب ضبط القطاع بإجراءات أخرى من جهته، يرى الأستاذ الفنان عبد الله دحمان حفيظ موات، أن المضاربين اعتادوا على التهرب من الضرائب والغش في جميع سلعهم، خصوصا خلال العشرين سنة الأخيرة، لكن الآن وفي جزائر جديدة، كل شيء تغير، فبعد أن أرادت الدولة ترتيب الأمور، كانت ردود أفعال المضاربين؛ الذعر من الذين اعتادوا على العمل تقريبًا دون فاتورة، مشيرا إلى أنه "ليس من السهل تنفيذ مراسيم القوانين، لكن يبدو لي أن القطاع التجاري للدولة يجب أن يكون قويا، مع عدم ترك الاحتكار للقطاع الخاص"، الذي اعتبره وسيلة للضغط على القطاع العام، مضيفا أنه "يجب أن تكون هذه العملية مصحوبة بإجراءات انتقالية، حتى لا يكون هناك تطبيق سيئ لإجراءات القضاء على هذه الآفة، التي تؤثر على اقتصاد البلاد، وتنهك جيب المواطن البسيط". من ناحية أخرى، يرى السيد أحمد رمزي مخبوش، أن الإجراءات ظاهريا جيدة، أتت بأكلها، ويتجلى ذلك في خوف التجار من العقاب، ومن ثمة بدأت بوادر الندرة تزول، خاصة أن الدولة كانت حازمة، لأن المضارب لا يمكث أكثر من أسبوع ويصدر الحكم ضده، وهذا ما خلق هلعا لديهم، ويرى أنه يجب ضرب الرؤوس الكبيرة، خاصة أصحاب المصانع والمستوردين، لأن لديهم ألف طريقة وطريقة للتحايل، مع فرض الفاتورة من المصدر وتقليل سلسلة التوزيع وحصرها في مركزين فقط. وحتى تستمر هذه الحملة ضد المضاربين، يرى السيد مخبوش، أنه من الواجب إيجاد ميكانزمات أكثر صرامة، منها المراقبة الصارمة لبارونات التوزيع وأصحاب المصانع والمستوردين، ثم التجار الذين هم آخر حلقة في العملية، فإذا ألزمت الدولة على الدائرة الأولى (بارونات التوزيع وأصحاب المصانع والمستوردون) تقديم الفاتورة، فلن يكون للتاجر أي مخرج آخر، وبهذه الطريقة، كما قال: "يمكن القضاء على تسعين بالمائة من المشكلة، مع توطين العمليات في البنوك ومنع استعمال (الكاش)". العقوبات أدت إلى وفرة المواد الاستهلاكية أما الناشط الجمعوي سوامس رضوان، فقد اعتبر صراحة، أن الإجراءات الخاصة بمكافحة المضاربة غير المشروعة، كان لها وقع مباشر، خاصة بالنسبة لبعض المضاربين الذين يقومون بتخزين أو إخفاء بعض السلع، بهدف إحداث ندرة في السوق أو اضطراب في التموين ببعض السلع المدعمة، على غرار الحليب والسميد وزيت المائدة أو البقوليات الجافة، وغيرها من المواد، أو حتى ترويج بأخبار كاذبة أو مغرضة بين الجمهور، بهدف إحداث اضطراب في السوق ورفع الأسعار بطريقة غير مبررة، مشيرا إلى أن كل تلك السلوكيات غير المشروعة كانت تؤثر سلبا على عنصر المنافسة، أو حرية العرض والطلب، وتؤثر أيضا على سلوك المستهلك الذي يعاني في الكثير من الأحيان من الحصول على ما يحتاجه من هذه المواد، وعادة ما يحصل عليها بأسعار مرتفعة، مشددا على ضرورة مضاعفة عمليات التفتيش من طرف مصالح التجارة وقمع الغش ومصالح الأمن، والتي من شأنها أن تقضي بالتدريج على تلك السلوكات، مع تسليط عقوبات صارمة على التجار الذين يمارسون سلوك المضاربة واحتكار المواد او تخزينها بطريقة غير مشروعة. معتبرا أن تشديد العقوبات في المدة الأخيرة، أدى إلى وفرة واستقرار نسبي في أسعار المواد، خاصة واسعة الاستهلاك، مشيرا إلى دور المستهلك الذي يجب أن يلعبه هو أيضا، من خلال تبليغ المصالح المعنية في حال ملاحظة سلوكيات، من شأنها أن تؤدي إلى المضاربة غير المشروعة. ترى الآنسة دريدح حياة، أن الإجراءات الخاصة بمكافحة المضاربة غير المشروعة صائبة، مشيرة إلى ضرورة عدم التساهل في تطبيق القانون، لأن عدم احترامها يؤدي إلى الجشع. وفرة في الزيت والسميد وبأسعار مقننة خلال جولة قادت "المساء" إلى عدد من أحياء مدينة سكيكدة وأسواقها، طيلة نهار أمس، لاحظت على غير العادة، وفرة في مادتي الزيت والسميد وبأسعار مقننة معروضة داخل المحلات والمساحات التجارية الكبرى، نفس الشيء عند بعض تجار التجزئة، كما هو الحال بحي صالح بوالكروة، أو على مستوى منطقة الإيداع "حمروش حمودي"، نفس الشيء أيضا بالنسبة للحليب، خاصة المعلب، فيما يُسجَّل نقص كبير في حليب الأكياس ويتجلى ذلك من خلال الطوابير التي وقفت عندها أمام العديد من المحلات، سواء بوسط المدينة أو بأحياء سكيكدة "كصالح بوالكروة"، "الإخوة بوحجة"، "لاسيا"، "20 أوت" و"500 مسكن"، وأرجع بعض التجار سبب ذلك إلى الكميات المحدود التي يحصلون عليها، وإلى تهافت المواطنين على اقتناء أكثر من 3 أكياس حليب. وخلال حديث "المساء"، مع بعض أصحاب المساحات الكبرى بسكيكدة، منهم السيد (م/ رشيد)، فقد أكد بأن الأمور تغيرت كثيرا الآن، مع دخول الإجراءات القانونية الردعية حيز التنفيذ، معتبرا أن الندرة في كثير من الأحيان، المتسبب فيها بعض المنتجين، وكذا بعض تجار التجزئة، مشيرا إلى أن القرارات الأخيرة التي أصدرتها وزارة التجارة عن طريق مديريتها، والتي تؤكد على إلزامية التصريح بأماكن التخزين لدى مديرية التجارة وترقية الصادرات، وأن كل تخزين للسلع مهما كانت طبيعتها وكميتها داخل مستودعات، أو أي فضاء آخر، غير المحل التجاري المزاول به النشاط التجاري، مهما كان نوعه؛ استيراد، تصدير، إنتاج، تجارة بالجملة أو تجارة بالتجزئة، يجب التصريح بمكانه لدى مصالح ذات المديرية، مع تقديم وثيقة التصريح عند كل عملية رقابية، سواء من قبل أعوان الرقابة أو المصالح الأمنية، وفي حال عدم التقيد بهذا الإجراء، يتم تكييف المخالفة آليا على أنها مضاربة غير مشروعة، وهو ما ساهم في توفر المنتوج مع خوف التجار من المتابعات القضائية وما يتبعها من غلق للمحل، قد يصل إلى الشطب من السجل التجاري، مضيفا أن الكثير من التجار كانوا يرفضون التعامل بالفوترة، بسبب هامش الربح، لكن الآن كل شيء تغير، وبات على كل واحد ممارسة نشاطه بحسب القانون. قرار يحدد فترة توزيع وبيع حليب الأكياس من جهتها، أصدرت مؤخرا، والي ولاية سكيكدة، قرارا ولائيا رقم 2610 المؤرخ في 25 /10 /2022، يتضمن تحديد فترة توزيع وبيع مادة الحليب المبستر والموضب في أكياس، من قبل الموزعين لفائدة تجار التجزئة، من الساعة السادسة صباحا إلى الساعة الثامنة عشر مساء، وأن أي عملية توزيع خارج تلك الفترة المحددة، تعرض المخالفين، زيادة على المتابعة القضائية، إلى حجز السلعة والمركبة أو العربة المستعملة في التوزيع، مع وقف التموين بمادة الحليب. مديرية التجارة تراقب تموين السوق في حين أكد مصدر من مديرية التجارية وترقية الصادرات لولاية سكيكدة، ل"المساء"، على توفر المواد الأساسية، كالحليب والزيت والسميد بكامل تراب الولاية، مضيفا أن المصالح المختصة تقوم يوميا بعملية متابعة تموين السوق بالمواد الأساسية، ومراقبة مسار التوزيع، لاسيما مواد الزيت الغذائي والحليب المبستر والسميد، تحت الإشراف المباشر للسيد المدير الولائي للتجارة، مشيرا إلى أن "الندرة في كثير من الأحيان مفتعلة". مضاربون في أروقة المحاكم أدانت مؤخرا، محكمة تمالوس، غرب سكيكدة، في إطار المثول الفوري، تاجرا متخصصا في بيع المواد الغذائية، ب 3 سنوات حبسا نافذا، بعد متابعته بجنحة المضاربة غير المشروعة وجنحة انعدام الفوترة. في إطار مراقبة أحد المحلات التجارية، حجزت فرق خاصة من الدرك الوطني ومصالح التجارة وترقية الصادرات، مواد غذائية وغير غذائية مخزنة ودون فوترة، كانت موجهة للمضاربة. كما تمكن مؤخرا، أعوان المفتشية الإقليمية للتجارة بالقل، رفقة الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بتمالوس، من ضبط تاجر تجزئة للمواد الغذائية، يملك مخزنا غير مصرح به لدى مصالح التجارة، إضافة إلى ضبطه يمارس تجارة خارجة عن موضوع سجله التجاري، حيث يقوم بالبيع بالجملة لفائدة تجار تجزئة، وبعد التحقيق معه، تبين أنه لا يحوز فواتير شراء البضائع المخزنة، وتم خلال عملية الجرد، حجز مواد غذائية متنوعة عبارة عن بقول جافة، عجائن غذائية، مصبرات طماطم، مارغرين، قهوة وغيرها، بوزن إجمالي قدره 6646 كلغ، وكذا عصائر، مشروبات غازية ومياه معدنية، أي ما يعادل 17255 وحدة، و1982 وحدة من مواد التنظيف، و210 وحدة من مبيدات الحشرات، لتوجه للمعني بالأمر تهم جنحة المضاربة غير المشروعة، ممارسة تجارة خارجة عن موضوع السجل التجاري، عدم الفوترة وشراء دون فاتورة، وممارسة نشاط تجاري قار دون القيد بالسجل التجاري وعدم القيد الثانوي، كما ضُبط أيضا عبر إقليم بلدية سكيكدة، تاجر تجزئة للمواد الغذائية، يقوم بممارسة أسعار غير شرعية في مادة السميد الممتاز، ليتم حجز 188 كيس سميد بوزن 10 كلغ، و30 كيس سميد بوزن 25 كلغ.