غياب الوعي والتهافت على المواد وراء التذبذب مع بداية تفشي فيروس «كورونا»، إختلت المعاملات التجارية بشكل رهيب يعكسه تدافع الجزائريين على شراء المواد الأساسية واسعة الاستهلاك. غير أن استمرار الوباء لأكثر من 15 يوما وفرض الحجر الجزئي على بعض الولايات ومنع التجار من التنقل، أدى لتراجع النشاط بشكل جعل تجار الجملة يناشدون السلطات منح تراخيص للباعة بين الولايات من أجل بعث عجلة النشاط التجاري في المناطق التي تعاني نقصا في التموين من جديد. «الشعب»، وقفت على وضع الأسواق تزامنا مع الجائحة العالمية، حيث أجمع المختصون أن التجارة مرتبطة بمدى انتشار وتوقف الوباء والمعطيات التي يفرضها الوضع الصحي للبلاد، حيث عرفت في بدايتها ارتفاعا كبيرا في عملية الشراء، بالنظر إلى التخوف من الوضع والرغبة في التخزين، لكن بحكم تطور الأوضاع وتوسع رقعة الوباء عبر الكثير من الولايات، تراجعت عملية الشراء لظروف عديدة جعلت التجار يوجهون نداءات لتسهيل التنقلات وبعث العملية التجارية في الكثير من المناطق التي كانت تتخذ من العاصمة مكانا لاقتناء المواد، سواء بالجملة أو التجزئة. الفيروس يربك التجار ويمس بالقدرة الشرائية أكد نائب رئيس سوق الجملة للخضر والفواكه رابح سيسح، «أن العملية التجارية مرت بمرحلتين؛ ففي الأسبوع الأول من انتشار الوباء سجل السوق تدافعا كبيرا بشكل جعلهم عاجزين عن تلبية جميع الطلبات، خاصة مادة البطاطا التي ارتفع سعرها إلى 100 دينار في البداية، بالإضافة إلى الإقبال بين الولايات من أجل تزويد سكان عديد المناطق بالخضر والفواكه وهذا رغم توفر المنتوج بكميات كبيرة، غير أن تغيير نمط الاستهلاك وسوء التوزيع خلق الندرة في بعض المواد. أما في الأسبوع الثاني، عادت الأمور إلى الاستقرار، حيث أصبحت عملية الشراء تتم وفق المعتاد، أي اقتناء الشاحنات عاد مع الصباح مثل سائر الأيام العادية، إلا ان الأمور أصبحت أكثر صرامة، خاصة بعد منع التجار من التنقل، حيث أصبحت الخضر والفواكه لا تعرف نفس الإقبال في الأسواق والمحلات، خاصة بعد فرض قرار توقيف أصحاب النشاطات الحرة والعمال اليوميين، حيث عرفت المداخيل تراجعا انعكس على جيوبهم وأصحبوا يقتنون المواد الأساسية فقط، على غرار السميد والفرينة خوفا من استمرار الوضع أكثر. وعرفت القدرة الشرائية في الأيام الأخيرة، مع انتشار الوباء وزيادة الحجر تراجعا كبيرا، انعكس سلبا على تجار الخضر والفواكه، على اعتبار أن التوجه كله أصبح نحو المواد الأساسية، في حين تقتنى الخضر والفواكه مرة في الأسبوع، مشيرا في سياق تحليل عمليات البيع اليومية أنها تتم مرة اسبوعيا ما جعل الأسعار تتراجع بشكل كبير، خاصة مع صعوبة الإجراءات الإدارية بالنسبة للتجار القادمين من مختلف الولايات ومطالبتهم بترخيص التنقل صعب العملية أكثر. بخصوص وضع السوق، قال سيسح إن الحركة التجارية في ركود والأسعار انخفضت بشكل يضمن استمرارها وبقاءها على نفس الوتيرة في شهر رمضان، مطمئنا المواطنين بتوفر مختلف المواد من سلع وخضر وفواكه بكميات كبيرة بحقول الفلاحين الذين يعانون اليوم من مشكل قلة اليد العاملة التي تقطف الثمار الفلاحية بسبب الحجر الصحي الجزئي ومنعهم من التنقل، وماعدا ذلك المنتوج متوفر والأسعار في متناول المواطن. هي انشغالات ومشاكل تفاقمت مع استمرار الأزمة الصحية، غير أنها ستعود للاستقرار مع تحسن الوضع الصحي في البلاد، يقول محدثنا. محلات الخضر خالية ورحلة البحث عن كيس سميد مستمرة
الجولة التي قادت «الشعب» إلى بعض محلات الخضر والفواكه لوحظ إقبال تزامنا مع اقتراب شهر رمضان لا نلمسه اليوم بأغلب المحلات بسبب انتشار الوباء وفرض الحجر، وهو ما أكده أحد التجار بالدار البيضاء بأن ذروة الشراء تكون في الساعات الأولى من الصباح، غير أنها تقل في منتصف النهار، بالرغم من التأكيد على اتباع الإجراءات الوقائية، إلا ان المواطن يرفض الخروج من منزله، خوفا من انتقال العدوى ما أثر عليهم كتجار. نفس الأمر بالنسبة لتجار بلدية وادي السمار الذين يعملون في الفترة الصباحية، حيث تكثر الحركة، على حد قول أحد التجار، غير أنها تقل مساء خاصة مع الحجر وتوقف الحركة من الثالثة مساء، حيث تغلق أغلب المحلات، خاصة وأن البلديات عمدت إلى إصدار تعليمة بضرورة العمل لنصف يوم فقط على مستوى الأسواق الجوارية. إقبال على المواد الأساسية بسوق السمار
من جهته رئيس اللجنة الوطنية لموزعي المواد الغذائية بسوق الجملة بالسمار مسعود وليد، في تصريح ل «الشعب»، أن المواد الغذائية تختلف عن بعض المواد الاستهلاكية الأخرى، فهي تشهد منذ تفشي الوباء إقبالا كبيرا تضاعف ثلاث مرات عن المعتاد، سواء من طرف تجار الجملة أو التجزئة. وقال مسعود إن قلق المواطن أربكه وجعله يقتني المواد الغذائية بشكل رهيب من أجل تخزينها أكثر من استهلاكها، وهذا بالمقارنة مع الكميات الكبيرة التي يشتريها، خاصة ما تعلق بمادة الفرينة التي أضحت محل طلب كبير بسبب غياب السميد في هذه الفترة، مشيرا بخصوص عمليات البيع على مستوى السوق انها تتم بشكل عادي، غير أن الشراء بعد أن كان مرة في الاسبوع أصبح 3 مرات أسبوعيا، ما يفسر الإقبال الكبير على هذه المواد، إضافة إلى مواد التنظيف التي أصبحت هي الأخرى محل طلب كبير، بالنظر إلى كثرة استعمالها في الأزمة الصحية التي تشكل فيها هذه المواد عاملا أساسيا في التنظيف والوقاية من الوباء. وبخصوص شحن المواد الغذائية من الأسواق، أفاد رئيس اللجنة الوطنية لموزعي المواد الغذائية بسوق الجملة بالسمار، ان العملية كانت مرة في أسبوع أو أسبوعين، أما الآن فأصبح الازدحام والاكتظاظ عنوان سوق السمار للمواد الغذائية. تغيير نمط الاستهلاك وتجار التجزئة في مأزق وأرجع تجار التجزئة ما يحدث، إلى الاستهلاك غير العقلاني والرغبة في التوجه نحو التخزين وهما عاملان أفقدا التجارة الاستقرار وجعل المخزون ينفد وأسواق الجملة تكتظ وتسجيل الندرة أحيانا في بعض المواد سواء كانت غذائية أو مواد التنظيف. نفس الأمر أكده تاجر ببلدية وادي السمار، استنكر الاستهلاك العشوائي وغير العقلاني للمواطن الذي يقتني مشتريات بكميات كبيرة، ما خلق ندرة في عديد المواد، ومع ذلك أجمع أغلب التجار أن التزام المواطن وروح الوعي كفيلان بعودة الاستقرار للعملية التجارية، خاصة وأن المنتوج متوفر لأشهر طويلة. السميد... في أكياس 10 كلغ بدل 25
من جهتها ثمنت جمعية التجار قرار وزارة التجارة، القاضي بمنع المطاحن بيع السميد مباشرة إلى المواطنين والعودة إلى التوزيع السابق في ظل الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد وانعكاساتها على بعض المواد الاستهلاكية، ما استدعى وضع مخطط توزيع يكفل توجيه المادة إلى جميع ولايات الوطن. أوضح رئيس المكتب الوطني لجمعية التجار بن سديرة جابر، ان الأزمة جراء فيروس كورونا أحدثت خللا في توزيع مادة السميد ما أدى إلى حدوث ندرة أدت للمضاربة واستغلال بعض التجار الوضع لبيعها بأسعار مرتفعة وصلت إلى 150 دينار للكلغ الواحد، في حين شكل المواطنون طوابير طويلة أمام المخازن والمطاحن للظفر بكيس سميد وهذا بالرغم من الإجراءات الاستعجالية التي اتخذت سابقا لضمان التموين من طرف القطاع الصناعي لضمان إنتاج وتوزيع أفضل للمنتوجات واسعة الاستهلاك في هذه الظروف الصعبة. وجاء القرار- يضيف المتحدث - بعد التذبذب الكبير في توزيع مادة السميد التي أحدثت حالة استنفار قصوى وسط العائلات التي ظلت تبحث عنها بين المخازن وأسواق الجملة، ما دفع مجمع «أغروديف» إلى أخذ جملة من التدابير لضمان تموين مستمر للمواطن، لا سيما بمادة السميد، حيث أمرت الوزارة بفتح جميع نقاط البيع التابعة للمجمع دون استثناء عبر كافة ولايات الوطن، إضافة إلى بيع مباشر وغير مباشر للمستهلكين، مع احترام توصيات الأمن وقواعد النظافة. ومع ذلك استمرت الأزمة وزاد التذبذب في توزيع بين منطقة وأخرى. وقال بن سديرة، إن المستحسن في التعليمة أن عمليات البيع لا تتم بشكل مباشر، ما يعني العودة إلى التوزيع العادي بالمرور على تجار الجملة والتجزئة، غير ان القرار باعتباره مقترحا سابقا للجمعية يجب أن يصطحب بمخطط توزيع إقليمي يضمن التموين والتوزيع العادل، بناءً على الأقاليم وعدد السكان، أي جدولة عملية توزيع السميد على مناطق الوطن. وبحسب عضو مكتب الجمعية، لا يكمن في أصحاب المطاحن الذين ضاعفوا الإنتاج، بموجب قرار من وزارة التجارة، من أجل تغطية جميع الاحتياجات، بل في غياب جدول توزيع، ساهم في خلق مضاربة أدت إلى التذبذب، وصل حد الندرة أحيانا، على اعتبار أن غياب الجدولة قد يجعل تجار الجملة يشترون كميات كبيرة لا يحظى بها غيرهم من التجار الآخرين، وتزويد مناطق يكون فيها اكتفاء كبير، في حين تبقى أخرى تعيش الأزمة. وأكد المتحدث، أن التعليمة جاءت عقب جملة من القرارات في محاولة لضمان التموين المستمر والقضاء على التذبذب، تتعلق بنقل الاطارات والأعوان المكلفين بالإنتاج والبيع المباشر للمواطنين وتبليغ الوزارة بالصعوبات التي قد تواجه المجمع بغرض التكفل بها مع المصالح الوزارية المعنية وضمان تزويد كاف بهذه المادة التي أربكت المواطن وجعلته في رحلة بحث عن كيس سميد. ومن أهم القرارات التي أكدت عليها المصالح المعنية لدى أصحاب المطاحن، اللجوء إلى توظيب المنتوج الذي يتم طرحه في السوق في أكياس تبلغ 10 كلغ بدل 25 كلغ، ليتسنى لجميع العائلات الحصول على هذه المادة الأساسية بعدل.