جدّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، التزامه بمكافحة الفساد بكل أشكاله، داعيا، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمكافحة الفساد، كل المواطنين في أي موقع، إلى مواصلة معركة محاربة الفساد والفاسدين، التي أكد أنها قطعت "أشواطا كبيرة"، ولاتزال متواصلة استجابة لعهد شدّد الالتزام به. تعد محاربة الفساد من أهم محاور سياسة، السيد تبون، ضمن برنامجه الرئاسي، الذي أكد التزامه بتطبيقه منذ توليه مقاليد الحكم في 2019. ولم تخل خطابات الرئيس، في كل مناسبة، من انتقاد شديد اللهجة للفاسدين ومن وعود بشن حرب على ظاهرة الفساد بكل أشكاله، وهو ما شرع في تنفيذه عبر تعديلات تشريعية وسن قوانين وكذا إنشاء هيئات جديدة لمحاربة الفساد، وتعزيز دور الهيئات المكلفة بهذه المهمة ومنها مجلس المحاسبة. وبرز التجسيد الفعلي لوعود الرئيس أولا في التعديلات الجوهرية لدستور 2020، الذي سن إنشاء هيئة جديدة لمكافحة الفساد ممثلة في "السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته"، التي تصنّف ضمن المؤسسات الرقابية، وتم تزويدها بصلاحيات واسعة تتولى بموجبها وضع إستراتيجية وطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته والسهر على تنفيذها ومتابعتها والمساهمة في أخلقة الحياة العامة، وتعزيز مبادئ الشفافية والحكم الراشد، وكذا المساهمة في تدعيم قدرات المجتمع المدني والفاعلين الآخرين في نشر ثقافة نبذ الفساد وحماية المال العام. ومنح القانون رقم 22-08 الصادر بتاريخ 5 ماي 2022 والذي يحدّد تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، صلاحيات قانونية أخرى، أهمها التحري الإداري والمالي في مظاهر الإثراء غير المشروع لدى الموظفين العموميين، والتي تهدف الى تفادي التجاوزات الخطيرة التي حدثت في تسيير المال العام، البارزة اليوم للعيان في المحاكمات المتواصلة لمسؤولين كبار سابقين في الدولة، بتهم الفساد. وتجسيدا لتعهد رئيس الجمهورية، أدرجت الحكومة، ضمن مخطط عملها، محورا يتعلق بأخلقة الحياة العامة، التزمت فيه بإصلاح قانون الوقاية من الفساد ومكافحته من أجل تشديد العقوبات المرتبطة بجرائم الفساد، واعتماد الآليات العملية لتسيير الأملاك المحجوزة والمصادرة وتسيير الشركات محل المتابعات القضائية في قضايا فساد، وكذا اعتماد طريقة تسوية ودية تضمن استرداد الأملاك المختلسة، فضلا عن تعزيز التعاون الدولي لاستعادة الأموال المنهوبة التي تم تحويلها الى الخارج. وأسدى الرئيس، في هذا السياق، عدة أوامر وتوجيهات شدّد من خلالها على ضرورة التركيز على العمل الوقائي لمحاربة الفساد، بدءا من تحديد شروط جديدة ودقيقة للإعلان عن الصفقات والمناقصات، كما أمر الحكومة بتسريع عملية الجرد النهائية لمختلف الممتلكات المحجوزة، ووضعها تحت سلطة الدولة، وإدماجها في عجلة الإنتاج الوطني. وأكد رئيس الجمهورية، في عدة مناسبات، على أن الإستراتيجية التي تبناها في مجال مكافحة الفساد تقوم على "مكافحة المال الفاسد". وفي السياق، كان قد دعا، في إطار دراسة مشروع القانون المتعلق باستحداث وكالة وطنية لتسيير الممتلكات المجمّدة والمحجوزة والمصادرة، الى إيجاد آليات "أكثر مرونة" في استرجاع ممتلكات الدولة والأموال المنهوبة وكذا "انتهاج الواقعية" في التعامل مع ملفات مكافحة الفساد، من خلال اعتماد آليات بسيطة مباشرة بعيدا عن التعقيدات التي تهدف لإطالة عمر هذه الظاهرة. وشدّد على ضرورة "استمرار مؤسسات الدولة في متابعة كل أشكال الفساد مهما كانت امتداداته، بالتنسيق مع الهيئات والدول المعنية"، وهو ما تكلل، مؤخرا، بإصدار أكثر من 200 إنابة قضائية دولية لاسترجاع الأموال المنهوبة والمهربة للبنوك الأجنبية. ومن بين الآليات التي ركّز عليها رئيس الجمهورية، "رفع التجريم على فعل التسيير"، باستثناء الافعال التي تتعلق بالرشوة وتبييض الأموال، حيث أصدر تعليمة لوزارة العدالة تقضي بعدم أخذ الرسائل مجهولة المصدر حول الجرائم الاقتصادية بعين الاعتبار. وتعكف السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، في هذا الإطار، على إعداد قانون مستقل بذاته لحماية المبلّغين عن قضايا الفساد وتعويض رسائل التبليغ مجهولة المصدر، يهدف الى تقنين حماية المبلّغين عن الفساد التي لم تكن متوفرة من قبل. وشدّد رئيس الجمهورية، من جانب آخر، على أهمية الإسراع في رقمنة كل القطاعات، لاسيما المجالين المالي والضريبي، معتبرا أن ذلك يعد من بين السبل التي تسمح بالوقاية من الفساد. كما يندرج مشروع القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما المعدّل والمتمم للقانون رقم 05-01 المؤرخ في 6 فيفري 2005، في إطار تكييف التشريع الوطني مع مستلزمات مكافحة ظاهرة الفساد وكذا الالتزامات الدولية للجزائر. وأشادت الممثلة المقيمة الدائمة لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالجزائر، بليرتا أليكو، مؤخرا، بجهود الجزائر في مكافحة الفساد والوقاية منه وإرساء أسس الشفافية في الحياة العامة، مشيرة إلى ان الجزائر "تتجاوب تماما مع الالتزامات الدولية في مجال الوقاية من الفساد، خاصة فيما تعلق بالمادتين 7 و8 من اتفاقية الأممالمتحدة ذات الصلة"، ونوّهت بالتزامها بترقية قيم النزاهة والشفافية والمساءلة.