انتهت أخيرا الأزمة السياسية الموريتانية بتوافق سياسي بين مختلف الأقطاب بعد قرابة 11 شهرا من حالة احتقان ميزت المشهد السياسي في هذا البلد إثر الانقلاب العسكري الذي أطاح في السادس أوت الماضي بنظام أول رئيس منتخب ديمقراطيا منذ استقلال موريتانيا ستينيات القرن الماضي. وتوصل أقطاب الأزمة السياسية في هذا البلد وبجهود وسطاء دوليين إلى اتفاق نهائي تضمن تسوية كافة النقاط الخلافية توج بتوقيع الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله على مرسوم تشكيل حكومة وحدة وطنية مهمتها تنظيم الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 18 جويلية القادم وتقديم استقالته من رئاسة الجمهورية. ووقع الرئيس المخلوع مساء أول أمس على هذا المرسوم أمام أعضاء المجلس الدستوري بحضور الرئيس السنيغالي عبد الله واد الذي قاد مساعي وساطة دولية حثيثة وبحضور أطراف النزاع الثلاثة إضافة إلى ممثلي مجموعة الاتصال الدولية حول موريتانيا. وتم بموجب هذا المرسوم تعيين ولد محمد لغظف في منصب رئيس الوزراء الانتقالي في حين قدم الرئيس المخلوع رسميا استقالته من رئاسة الجمهورية. وقال ولد الشيخ أنه تنازل عن منصبه كرئيس للجمهورية بعد أن تم الوفاء بالشروط التمهيدية التي طالب بها حرصا على مستقبل موريتانيا داعيا الشعب الموريتاني إلى توحيد الصف من أجل إعطاء الأمل للبلاد عبر انتخابات شفافة ونزيهة. وتأتي موافقة ولد الشيخ على الاستقالة بعدما قبل الرئيس السابق للمجلس العسكري والمرشح للانتخابات الرئاسية الجنرال محمد ولد عبد العزيز بحل المجلس العسكري الحاكم وتحويله إلى هيئة أمنية تابعة للحكومة وذلك بعد اللقاء الذي جمعه بالرئيس السنيغالي على انفراد. وكانت مسألة حل المجلس العسكري الانقلابي شكلت نقطة خلاف رئيسية بين مختلف الفرقاء بعدما أصر ولد الشيخ على حله ورفض الجنرال عبد العزيز ذلك بمبرر أمني مما عطل تطبيق اتفاق دكار في آخر لحظة. وتأتي هذه الخطوة بعد مساعي دولية حثيثة لتطبيق اتفاق العاصمة السنيغالية لتسوية الأزمة الموريتانية الذي نص على تقديم الرئيس المخلوع لاستقالته الطوعية مع تشكيل حكومة وحدة وطنية تتكفل بتسيير المرحلة الانتقالية إلى غاية إجراء الانتخابات الرئاسية في ال 18 جويلية القادم. ورحبت المجموعة الدولية بالتوافق السياسي الحاصل بين مختلف أطراف النزاع في موريتانيا حيث أكدت المفوضية الأوروبية في بيان لها أمس "أنها ترحب بالمرسوم الذي وقعه الرئيس ولد الشيخ والذي سمح بتطبيق الاتفاق الإطار المتوصل إليه في الرابع جوان الماضي من اجل التوصل إلى حل توافقي يعيد النظام الدستوري إلى سابق عهده". وقال لويس ميشال المفوض الأوروبي للتنمية أنه يرحب ب"بقرار الرئيس المخلوع تقديم استقالته الطوعية بما يخدم المصالح العليا للبلاد من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية لتسيير المرحلة الانتقالية إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية". وهو الموقف الذي عبرت عنه فرنسا التي أعربت عن "ارتياحها" لتطبيق الفرقاء الموريتانيين بنود الاتفاق الذي وقعوا عليه بالعاصمة السنيغالية بهدف الخروج من الأزمة. واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أن "تشكيل حكومة وحدة وطنية يعينها الرئيس المخلوع بموجب مرسوم يمثل مرحلة هامة في مسار الخروج من الأزمة". كما اعتبرت أن هذا الاتفاق "سيسمح بتنظيم الانتخابات الرئاسية وفق ترتيبات توافقية". وأكدت الخارجية الفرنسية أن "باريس مستعدة لتقدم مع شركائها الدوليين الدعم اللازم من أجل مواصلة تنفيذ الاتفاق".