يعيش الموريتانيون حالة من الترقب إلى غاية نهاية الأسبوع المقبل في انتظار الخطوة التي سيتخذها المجلس العسكري الحاكم بخصوص وعده بالإفراج اللامشروط عن الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله، الذي يوجد تحت الإقامة الجبرية في منزله بمسقط رأسه منذ الشهر الماضي. وتطرح هذه الوضعية التساؤل إن كان المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا سيفي بوعده بإطلاق سراح الرئيس المطاح به في ال 24 ديسمبر الجاري كما تعهد بذلك أمام ممثلي المجموعة الدولية التي منحت الانقلابيين مهلة جديدة للعدول عن انقلابهم وإعادة الحياة السياسية إلى ما قبل السادس أوت الماضي تاريخ الإطاحة بأول رئيس موريتاني منتخب ديمقراطيا في البلاد منذ استقلالها في ستينيات القرن الماضي. ويجد هذا التساؤل مصداقيته خاصة وان المجلس العسكري الحاكم ومنذ حدوث الانقلاب عمل ضمن سياسة ربح الوقت على تقديم وعود وتعهدات لكنه لم ينفذ أيا منها مستغلا في ذلك الموقف المتذبذب للأطراف الدولية في التعاطي معه. وهي السياسية التي اضطرت المجموعة الدولية في سياق مساعيها لحل الأزمة السياسية في موريتانيا إلى التهديد في كل مرة بفرض عقوبات مشددة ضد النظام العسكري الحاكم في هذا البلد لكنها كانت تتراجع في آخر لحظة وتعود مجددا إلى إمهال الانقلابيين المزيد من الوقت. وكان أعضاء البعثة الإقليمية والدولية المشتركة التي تضم كل من جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والمنظمة الفرنكفونية ومنظمة المؤتمر الإسلامي قد اتفقوا بعد الزيارة التي قامت بها مؤخرا إلى نواقشوط على ضرورة إمهال الانقلابيين مهلة إضافية لغاية نهاية الأسبوع المقبل للاستجابة لمطالب المجموعة الدولية. وخلصت هذه البعثة في تقريرها الذي عرضته بداية الأسبوع، على الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، على ضرورة إشراك الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله في المساعي المبذولة من أجل إيجاد مخرج للأزمة التي تعصف بالبلاد منذ حدوث الانقلاب في السادس أوت الماضي. وقد تمكنت من اقتطاع وعد من المجلس العسكري الحاكم بالإفراج عن الرئيس ولد الشيخ وبدون شروط قبل ال 24 ديسمبر الحالي في خطوة اعتبرها الاتحاد الإفريقي بأنها ستكون بمثابة الإجراء الأول الذي يتخذه المجلس العسكري الحاكم للاستجابة لمطالب المجموعة الدولية. غير أن وعود المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا بإطلاق سراح الرئيس المخلوع قبل ال 24 ديسمبر الجاري وإجراء مشاورات وطنية لتسوية الأزمة بمشاركة كل الأحزاب والقوى السياسية في البلاد في ال 27 من نفس الشهر لم ترق لدرجة تطمين الجبهة الوطنية من أجل الدفاع عن الديمقراطية المناهضة للانقلاب. واعتبرت الجبهة وعود المجلس العسكري الحاكم غير كافية وجددت مطلبها بضرورة الإفراج عن الرئيس المطاح به سيدي ولد الشيخ عبد الله والعودة إلى النظام الدستوري. وكان رئيس الجبهة المناهضة للانقلاب بيجل ولد حميت أكد أول أمس، أن إعادة الرئيس ولد الشيخ عبد الله إلى منصبه تبقى من أولويات الجبهة، وجدد في الوقت نفسه رفض هذه الأخيرة المشاركة في الجلسات التشاورية التي دعا إلى تنظيمها قائد الانقلابيين الجنرال محمد ولد عبد العزيز في ال 27 ديسمبر الحالي لتحديد معالم المرحلة الانتخابية والتحضير لإجراء انتخابات رئاسية مسبقة. وقد تباينت ردود فعل الصحافة الموريتانية واختلفت توقعاتها بخصوص التزام الانقلابيين بتنفيذ وعودهم أوالتنصل منها كما جرت العادة. وفي هذا السياق اعتبرت صحيفة "الكلام" المستقلة إن إطلاق سراح الرئيس ولد الشيخ عبد الله سيكون ايجابي إذا قبل هذا الأخير المشاركة في البحث عن حل للأزمة. بالمقابل أعربت صحيفة "لا تربيون" الخاصة الصادرة بالفرنسية عن تفاؤلها بخصوص التزام المجلس العسكري الحاكم بوعوده، واعتبرت انه في ظل الإفراج عن الرئيس المخلوع وعقد جلسات تشاورية وطنية يمكن التوصل إلى خارطة طريق تحدد معالم المرحلة المقبلة، واعتبرت ان مقاطعة الجلسات التشاورية التي دعا إليها الجنرال محمد ولد عبد العزيز ستشكل خطأ خطيرا. من جهتها، توقعت يومية "نواقشوط أنفو" ان تجرى الانتخابات الرئاسية نهاية جوان 2009، وأكدت الصحيفة أن المرحلة الانتقالية سيتم تسييرها من قبل حكومة وحدة وطنية يتم تشكيلها وفقا للدستور من قبل رئيس مجلس الشيوخ، في حين يقدم الجنرال محمد ولد عبد العزيز استقالته من رئاسة المجلس العسكري والمؤسسة العسكرية ليكون مرشحا في الانتخابات الرئاسية.