أكّد المدير العام للمركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، سليمان حاشي، أن مركزه بمتحف الباردو مستعد لاستقبال هيكل "لوسي" القادم من إثيوبيا إلى الجزائر في إطار المهرجان الثقافي الذي تحتضنه الجزائر من 5 إلى 20 جويلية المقبل. وقد اعتبر سليمان حاشي حضور "لوسي" التي تعد أهم اكتشاف بشري إلى الجزائر حدثًا هامًا للغاية، دون أن يكشف بالمقابل عن القيمة التي دفعتها الجزائر لإخراج لوسي من مرقدها بأثيوبيا كضمان لحمايتها، مكتفيا بالقول أن الهيكل الذي سيحل بالجزائر فور انطلاق المهرجان، سيحاط بالحماية الضرورية طوال مدة تواجده بالجزائر التي ستمتد إلى غاية شهر سبتمبر المقبل، وسيكون بإمكان المختصين والطلبة إلقاء نظرة عليه، لكنه بالمقابل لم يؤكد إمكانية إجراء دراسات حول الهيكل من طرف المختصين الجزائريين. كما كشف مدير المركز الوطني لبحوث عصور ما قبل التاريخ أن علاقة خاصة تربطه بهيكل لوسي التي تعرف عليها عبر أستاذه الفرنسي ذو الأصول التونسية موريس طيب الذي كان أحد أعضاء فريق البحث الذي اكتشف "لوسي" عندما كان يدرسه في باريس ، مضيفا أن موريس طيب هو من اهتم في البداية بإجراء بحوث في وادي عفار باثيوبيا، وبما أن مثل هذا البحث يتطلب أموال كثيرة فكر طيب في تكوين فريق بحث عالمي ضم باحثين من أمريكا وإثيوبيا وحتى سوفيات ...وكان من أبرز هؤلاء الباحث الأمريكي دونالد جونسون وتوم جاري، وبما أن الباحث الأمريكي كان من جلب أكبر دعم، نقلت "لوسي "فور اكتشافها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث بقيت من سنة اكتشافها في 1974 إلى بداية التسعينات عندما أعيدت إلى أرضها أثيوبيا، تنفيذا للقانون العالمي للانثرولوجيا الذي يقضي بأن أي أثر يتم اكتشافه هو ملك للأرض التي وجد عليها. يذكر أن "لوسي" - التي تخرج لأول مرة من أثيوبيا بعد عودتها من أمريكا - هو الاسم الشائع لهيكل عظمي يعود للأنثى "أوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس التي "عاشت وماتت قبل 3.2 مليون سنة، عثر عليه في أثيوبيا عام 1974 في متاهة من الأودية الضيقة في عفار. وبعد اكتشاف 40 ? من هيلكها العظمي قرر العلماء أنها ل"شبيه الإنسان" أوال"متأنسن" Hominid ، وقدر عمر لوسي ب 3.2 مليون سنة، وطولها ب 1.1 متر ووزنها ب 29 كيلوغرام، واستنتجوا أن الهيكل يعود لأنثى أطلقوا عليها اسم "لوسي" تيمنا بأغنية لفريق البيتيلز البريطاني لوسي في السماء مع النجوم، وقد كانت الأغنية تتردد باستمرار في معسكر التنقيب. في عام 2000، تم اكتشاف الأحفور سلام في أثوبيا ترجع لطفلة من النوع الانتقالي عاشت قبل مايقرب من 3،3 مليون سنة. واستغرق استخراجه من قبل فريق من العلماء زهاء 6 سنوات متواصلة من العمل. وبالرغم من صغر حجم مخ لوسي بالنسبة للإنسان العاقل فإن عظام الحوض والأطراف السفلية تتطابق وظيفياً مع نظيرتها عندنا، وتوضح بجلاء أن شبيه الإنسان هذا استطاع المشي منتصباً على قدميه، وفي عام 1975 اكتشف العلماء 13 هيكلاً آخر من نفس الجنس في ما يدل على أن الجماعة قد أصيبت بكارثة طبيعية كالسيل أوغيره. وأدى هذا الاكتشاف إلى معرفة الكثير عن حياة هذا الجنس شبه البشري وعلاقاته الاجتماعية. نشرت أول صورة لهيكل لوسي في نفس سنة اكتشافه، وفي العام الموالي نشر عنها أول بحث بين أن الحوض يحمل بعض أوجه الشبه بأحد الأنواع الأخرى لشبيه الإنسان وعظام الركبة متشابهة مع "حفرية من نفس الجنس". وفي عام 1976 نشر بحث يقر بأن عظام الركبة والرضفة ولقيمات عظمة الفخذ لها نفس الحركية عند الإنسان الحديث العاقل، بالإضافة إلى القدرة على فرد المفصل بشكل شبه مستقيم وهي صفة يتميز بها الإنسان الحديث وتؤهله للسير منتصب القامة على قدميه. وبعدها بسنة ظهرت دراسة تقيم القدرات الحركية للوسي وأوضحت أن القدرة التناوبية لعظمة القصبة تزيد عن مثيلتها في الإنسان بثلاث إلى أربع مرات. وفي عام 1979 أثناء مؤتمر الجمعية الأمريكية للأنثروبولجيين، قدم لوفجوي بحثه حول تجميع هيكل لوسي، وخاصة عظام الحوض والذي بين قدرات التأقلم مع المشي على القدمين وذلك نظرا لعرض عظام الحوض وبالتحديد العظم اللوحي. وفي نفس الوقت، قام باحثون آخرون بدراسة الأطراف العلوية للوسي ولاحظوا تشابه تكوين عظام العضد والساعد والكتف مع القردة واستنتجوا قدرة لوسي على التعلق بالأشجار وتسلقها، وتبقى الدراسات متواصلة حول هيكل لوسي وغيرها من الهياكل التي وجدت لاكتشاف أصل البشرية.