أكد المدير العام للمركز الوطني للدراسات التاريخية السيد جمال يحياوي، أمس، بالجزائر العاصمة أن تحقيق الاستقلال الوطني لم يكن "ابدا وليد الصدفة" بل كان نتيجة محطات نضالية وكفاحية مريرة عرفها الشعب الجزائري منذ أن وطأت أقدام الاستعمار هذه الأرض في 5 جويلية 1830 . وأوضح السيد يحياوي في محاضرة ألقاها بمقر الجمهرة الثامنة لوحدات الجمهورية للأمن الوطني بمناسبة الذكرى ال47 لعيد الاستقلال الوطني أن مسيرة الكفاح كانت "مريرة وطويلة وشاقة نظرا لطبيعة الاستعمار الذي عرفته بلادنا " . وقال المحاضر في هذا الشأن أن الاستعمار الفرنسي منذ مجيئه إلى الجزائر استخدم استراتيجية تقوم على "مبدإ إبادة الشعب الجزائري واستبداله بسكان آخرين من مختلف الجنسيات الأجنبية. كما أشار إلى مختلف الإبادات الجماعية التي عرفها سكان الجزائر مذكرا بالقتل الجماعي الذي وقع بمدينة القصبة والمذبحة الكبيرة بالبليدة ومجزرة العوفية قرب وادي الحراش التي قادها الجنرال دي رافيقو والتي راح ضحيتها حوالي 12 ألف شخص حسب دراسات قام بها المركز . وأضاف السيد يحياوي أن فرنسا لجأت أيضا إلى" تجويع الشعب الجزائري وانتزاع الأراضي الفلاحية من ملاكها الأصليين وتفكيك روابط الأسرة والقضاء أيضا على الهوية والثقافة الوطنية وتطبيق سياسة النفي أيضا إلى جانب صدور قوانين ردعية ضد السكان كقانون الحالة المدنية آنذاك " . غير أن الشعب الجزائري لم يستسلم لهذه السياسة الاستعمارية الجائرة ضده -كما أضاف المحاضر- بل راح يقاوم ويكافح ضد الاحتلال الفرنسي مذكرا بأول معركة وقعت بمنطقة سطاوالي وفي منطقة متيجة وكذا معركة تامنفوست . وأشار أيضا إلى المقاومات الشعبية التي عمت مختلف مناطق الوطن والتي قادها أبطال أمثال الشيخ المقراني والامير عبد القادر والشيخ الحداد ولالا فاطمة نسومر وغيرهم. . ولدى تطرقه إلى دور الحركة الوطنية في تنظيم الثورة التحريرية أشاد السيد يحياوي بالدور الكبير الذي لعبته هذه الحركة في اندلاع الثورة التحريرية عام 1954 وتجنيد كل شرائح المجتمع. وذكر في هذا الشأن بكل المحاولات الاستعمارية للتصدي للثورة الجزائرية بتدعيم الجيش بمختلف الأسلحة الفتاكة والقيام بعدة عمليات عسكرية ووضع الأسلاك الشائكة والمكهربة بمناطق الحدود وزرع الألغام الى جانب إجراء تجربتها النووية الأولى بمنطقة رغان عام 1960 . غير أن قادة الثورة الذين كانوا أغلبيتهم من الشباب كما أكد السيد يحياوي لم يستسلموا لهذه المحاولات حيث واصلوا نضالهم السياسي والدبلوماسي والعسكري بكل قوة وعزيمة. وتمكن هؤلاء القادة أمثال المرحومين محمد الصديق بن يحيى ومحمد يزيد وغيرهم من إعطاء للقضية الجزائرية صدى دوليا والمشاركة في مفاوضات ايفيان إلى غاية تحقيق الاستقلال الوطني يوم 5 جويلية 1962.