أكد المدير العام للمركز الوطني للدراسات التاريخية جمال يحياوي أن تحقيق الاستقلال الوطني لم يكن وليد الصدفة وإنما كان نتيجة محطات نضالية وكفاحية مريرة عرفها الشعب الجزائري منذ الاحتلال، مشيرا إلى أن الاستعمار الفرنسي استخدم استراتيجية لإبادة الجزائريين واستبدالهم بسكان آخرين. أوضح يحياوي في محاضرة ألقاها أمس بمقر الجمهرة الثامنة للوحدات الجمهورية للأمن الوطني بمناسبة الذكرى ال47 لعيد الاستقلال الوطني أن مسيرة الكفاح كانت مريرة وطويلة وشاقة نظرا لطبيعة الاستعمار الذي عرفته بلادنا، وقال المحاضر في هذا الشأن "إن الاستعمار الفرنسي منذ مجيئه إلى الجزائر استخدم استراتيجية تقوم على مبدأ إبادة الشعب الجزائري واستبداله بسكان آخرين من مختلف الجنسيات الأجنبية". وذكر ذات المسؤول بمختلف الإبادات الجماعية التي عرفها سكان الجزائر، مشيرا إلى بالقتل الجماعي الذي وقع بمدينة القصبة والمذبحة الكبيرة بالبليدة ومجزرة العوفية قرب وادي الحراش التي قادها الجنرال دي رافيقو والتي راح ضحيتها حوالي 12 ألف شخص حسب دراسات قام بها المركز، مضيفا بأن فرنسا لجأت أيضا إلى تجويع الشعب الجزائري وانتزاع الأراضي الفلاحية من ملاكها الأصليين وتفكيك روابط الأسرة والقضاء أيضا على الهوية والثقافة الوطنية وتطبيق سياسة النفي، إلى جانب صدور قوانين ردعية ضد السكان كقانون الحالة المدنية آنذاك. وشدد يحياوي على أن الشعب الجزائري لم يستسلم لهذه السياسة الاستعمارية الجائرة ضده، مؤكدا مقاومة الجزائريين للاحتلال الفرنسي، حيث تطرق للحديث عن أول معركة التي وقعت بمنطقة اسطاوالي وفي منطقة متيجة وكذا معركة تامنفوست، كما قدم عرضا حول المقاومات الشعبية التي عمت بمختلف مناطق الوطن والتي قادها رجال معروفين أمثال الأميرعبد القادر، الشيخ المقراني، والشيخ الحداد ولالا فاطمة نسومر وغيرهم. وأشاد مدير المركز الوطني للدراسات التاريخية بالدور الذي قامت به الحركة الوطنية في تنظيم الثورة التحريرية واندلاعها في نوفمبر 1954 وتجنيد كافة شرائح المجتمع، مذكرا بكل المحاولات الاستعمارية للتصدي للثورة الجزائرية بتدعيم الجيش بمختلف الأسلحة الفتاكة والقيام بعدة عمليات عسكرية ووضع الأسلاك الشائكة والمكهربة بمناطق الحدود وزرع الألغام إلى جانب إجراء تجربتها النووية الأولى بمنطقة رقان عام 1960. وفي ذات السياق، أوضح يحياوي أن أغلبية قادة الثورة كانوا من الشباب ولم يستسلموا لهذه المحاولات، حيث واصلوا نضالهم السياسي والدبلوماسي والعسكري بكل قوة وعزيمة، كما تمكن هؤلاء القادة من إعطاء للقضية الجزائرية صدى دوليا والمشاركة في مفاوضات إيفيان إلى غاية تحقيق الاستقلال الوطني الذي كان في 5 جويلية 1962.