أكد المشاركون في الملتقى حول جرائم الاستعمار وكتابة التاريخ، الذي انعقد يوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن تنفيذ أحكام الإعدام ضد المجاهدين أثناء الثورة التحريرية كان يندرج ضمن استراتيجية انتهجها الإستعمار الفرنسي لمجابهة انتصارات الثورة. أوضح الأستاذ جمال يحياوي، الباحث في التاريخ، في محاضرة بعنوان "سياسة الحكم بالإعدام في استراتيجية المحاكم العسكرية لفرنسا الإستعمارية"، خلال الملتقى الذي نظمته الجمعية الوطنية لقدماء المحكوم عليهم بالإعدام، أن عمليات تنفيذ الإعدام ضد مناضلي جبهة التحرير الوطني لم تكن "اعتباطية" بل تندرج ضمن استراتيجية معينة. وأضاف المحاضر أن الاستعمار الفرنسي كان يلجأ الى تنفيذ أحكام الإعدام ضد المناضلين الجزائريين المسجونين في سجون بربروس والكدية ووهران "ردا على الإنتصارات التي كانت تحققها الثورة الجزائرية داخل وخارج الوطن سواء على المستوى العسكري أو الدبلوماسي". واستعمل الإستعمار الفرنسي تنفيذ أحكام الاعدام ضد مناضلي جبهة التحرير للتأثير على نجاح الثورة وشغل الرأي العام العالمي والفرنسي". كما أكد يحياوي أن "سنتي 1957 1958 عرفتا تنفيذ العدد الأكبر من أحكام الإعدام في السجون الثلاثة (الجزائر- قسنطينة- وهران) لأن تلك الفترة كانت تتميز بتطور العمل الثوري الذي انتعش في 1956 بانتقال العمل النضالي إلى صفوف الشعب، خصوصا بعد أحداث شمال قسنطينة في 20 أوت 1956". وأوضح أن الإنطلاق في تطبيق حكم الإعدام بالمقصلة في جوان 1956 ضد الشهيد أحمد زبانة ورفيقه فراج، كان "إعلانا لبداية سياسة فرنسية جديدة في الجزائر". من جهته أوضح عبد المجيد شيخي، المدير العام لمؤسسة الأرشيف الوطني، أن "الإستعمار الفرنسي طبق سياسة الإعدام الجماعي والفردي ضد الجزائريين منذ بداية الإحتلال، إلا أن اعتماده على تنفيذ أحكام الإعدام خلال ثورة التحرير كان طريقة لإضفاء الصبغة القانونية على أعماله الإجرامية، وأن هذه الأحكام تدخل في إطار عمليات حفظ الأمن الداخلي". اعتبر شيخي أن المحاكمات التي أجريت من قبل المحاكم العسكرية في الجزائر تحت غطاء قانون الأحكام العرفية كانت مسرحيات، لأن المتهم كان محروما من جميع حقوقه أصلا". وفي سياق متصل، دعا مصطفى بودينة، رئيس الجمعية الوطنية لقدماء المحكوم عليهم بالإعدام، إلى إنشاء مدرسة تتكفل بتلقين منهجية موحدة لكتابة تاريخ الجزائر في فترة الإستعمار الفرنسي بهدف توحيد النظرة والمفاهيم حول جميع المراحل التاريخية، مؤكدا أن "المؤرخين يبذلون الكثير من الجهد من اجل تدوين التاريخ ؛ إلا أنهم يفتقرون إلى الإمكانات المادية التي تمكنهم من ذلك كما يتلقون الكثير من الصعوبات للإطلاع على الأرشيف".