سجلت الصيدليات على مستوى العاصمة منذ بداية موسم الصيف إقبالا كبيرا على اقتناء الأقنعة أو"الكمامات" التي أصبحت متوفرة وبشكل غير مسبوق بالكميات الكافية على مستواها، وحسب العديد من الصيادلة الذين زارتهم "المساء" فإن الطلب على هذه الوسيلة الوقائية عرف ارتفاعا منذ ظهور الحالات الأولى لمرض أنفلونزا الخنازير في الجزائر، ليزداد الطلب مع دخول موسم الاصطياف الذي يعرف عودة كبيرة لأبناء الجالية بالمهجر. ويؤكد صاحب إحدى الصيدليات الكائنة بشارع العربي بن مهيدي بوسط العاصمة أن فصل الصيف ساهم في زيادة الإقبال على هذه الأقنعة نظرا لدخول العديد من المغتربين والسياح إلى الجزائر، وتحسبا لأي احتكاك مفترض مع الأجانب أوالقادمين من الخارج، إلا أن ظهور الحالات الأولى لمرض أنفلونزا الخنازير بالوطن كانت الدافع الأقوى لإقبال العديد من المواطنين على اقتناء هذه الأقنعة على مستوى الصيدليات التي سارعت هي الأخرى إلى توفيرها بكميات كافية. بينما اكتفت البعض منها في المرة الأولى باستقدام كمية معينة قبل أن تليها كميات متتالية لتلبية الطلب المتزايد عليها. وسجلت هذه الصيدلية وحدها بيع علب تحتوي الواحدة منها على 30 قناعا، حيث فضلت بعض العائلات توفيرها لجميع أفرادها تحسبا لأي طارئ أو لانتشار الوباء لا قدر الله، في حين تسجل بعض الصيدليات نفاذ الكمية التي تجلبها في نفس اليوم أو على الأقل يومين. واعتبر مصدرنا أن غياب مظاهر استعمال الكمامات في الشوارع والمؤسسات وغيرها رغم أن كميات هائلة منها بيعت لحد الآن يعود إلى غياب ثقافة استعمال مثل هذه الوسائل عند عامة الناس، عكس ما هو عليه الحال بالعديد من الدول التي لا تعتبر هذه الكمامات شيئا جديدا عنها، بل هي عادة ما تستعمل خلال فصل الشتاء وهي الفترة التي ينتشر فيها فيروس أنفلونزا البشر. وكانت أولى حالات استعمال هذه الأقنعة الواقية من فيروس الأنفلونزا ظهرت خلال الافتتاح الشعبي للمهرجان الإفريقي الثاني الذي تحتضنه الجزائر، والذي شهدته شوارع العاصمة في الرابع من شهر جويلية الماضي، إلا أن تلك الحالات القليلة قوبلت باستغراب المارة، ما يؤكد عدم تعود الجزائريين على استعمال مثل هذه الوسائل الوقائية في الشوارع، "لم يتجرأ لحد الآن إلا القليل من الناس على استعمال القناع رغم التخوف واقتنائها من طرف العديد من المواطنين" يعلق صاحب الصيدلة التي زرناها فكل واحد ينتظر المبادرة من الآخر. احترام تدابير الوقاية بعيدا عن الهلع والمبالغة كثرة الطلب على الكمامات هذه الأيام تؤكد مدى وعي المواطن بضرورة التحلي بالحيطة والحذر، مع تجنب في نفس الوقت جو الهلع والرعب، هذا الأخير الذي لا يجدي نفعا في مثل هذه الحالات التي تتطلب التركيز على ما هو أنجع، وفي هذا الشأن تلح الجهات الصحية المعنية على ضرورة احترام شروط النظافة أولا، بداية من الغسل المنتظم لليدين واستعمال المناديل عند كل عملية عطس، وطبعا التقرب من المصالح الصحية عند ظهور الأعراض المشتبه فيها وعلى الخصوص ارتفاع درجة الحرارة بصفة غير معتادة. بعض المواطنين الذين التقيناهم عند الصيدليات أكدوا أنهم غير متخوفين من مرض انفلونزا الخنازير رغم تسجيل حالات بالجزائر، إلا أنهم أكدوا على ضرورة اعتماد عادات جديدة في حياتهم اليومية، كتفادي قدر الإمكان التصافح مع الناس، والتحلي بالحذر عند الاحتكاك بالأماكن التي يتوافد عليها الأجانب والقادمون من الخارج، خاصة ونحن في فصل الاصطياف الذي يشهد اكتظاظا في الشواطئ والفضاءات الترفيهية، إضافة إلى ضيوف الجزائر القادمين من إفريقيا. "لا بد أن نعيش حياتنا بصفه عادية، والمكوث في البيت ليس حلا يقول أحد المواطنين الذي وجدناه بذات الصيدلية وقد اقتنى عددا من الكمامات تكفي أفراد عائلته الستة". كما سجلت "المساء" بصيدليات العاصمة توافد الأجانب لاقتناء الأقنعة وعلى رأسهم الصينيون خاصة بعد ظهور أولى حالات الإصابة بالجزائر. وقد ساعدت أسعار هذه الكمامات ذات العلامة الإنجليزية على اقتنائها دون أي تردد، حيث نجدها متوفرة وفي متناول الجميع، وهي تتراوح ما بين 10 إلى 20 دينارا للوحدة. وكانت الجزائر قد سارعت إلى تشديد إجراءاتها الوقائية لمواجهة وباء أنفلونزا الخنازير بعد أن رفعت منظمة الصحة العالمية حالة الإنذار إلى الدرجة السادسة والأخيرة، كما قررت إخضاع كل القادمين من الدول الموبوءة لفحص طبي إلزامي.