وصف رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية و حماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني، الإجراءات الجديدة القاضية بنزع الخمار وحلق اللحية لإصدار بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر البيومتريين ب»الصعبة والمؤلمة«، مضيفا أنها مفروضة علينا، وفي سياق آخر، هاجم طريقة تعامل القضاء الفرنسي مع قضية الدبلوماسي محمد زياني حسني وكذا التقرير الأمريكي السنوي الأخير حول حقوق الإنسان. شرّح فاروق قسنطيني عند نزوله ضيفا على حصة »منتدى الخميس« للقناة الثانية للإذاعة الوطنية واقع حقوق الإنسان في الجزائر الذي أوضح أنها مكفولة في الجزائر، وقال إن »البلاد أصبحت بلدا نظيفا من حيث حقوق الإنسان بأتم معنى الكلمة بفضل الإرادة السياسية للدولة« إلا أنه اعترف بوجود تجاوزات إدارية في تطبيق القوانين. وفي هذا السياق، أضاف المحامي قسنطيني، »تطبيق القوانين ليس في المستوى بسبب غياب ثقافة حقوق الإنسان« وهو ما يؤدي بالإدارة على حد قوله » ارتكاب تجاوزات مرارا تكون في بعض الأحيان خطيرة«. وحول تقريره الأخير، عرض رئيس اللجنة الاستشارية أهم المحاور التي ركز عليها على رأسها موضوع المصالحة الوطنية التي رأى أنها حققت أهدافها بنسبة كبيرة«، ليشير إلى أنه اقترح اتخاذ إجراءات تكميلية من أجل إعادة إدماج التائبين الذين وضعوا السلاح في إطار الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية الذي زكاه الشعب يوم 29 سبتمبر 2005. وبخصوص ملف المفقودين، جدد قسنطيني قوله إنه »من المستحيل اليوم تحديد المسؤولين عن فقدان أشخاص خلال المأساة الوطنية رغم مشروعية المطلب ومنطقيته«، وأرجع ذلك إلى صعوبة تحديد هوية المسؤولين عن فقدان هؤلاء الأشخاص بعد مرور العديد من السنوات وغياب أرشيف أو ملفات أو شهادات حول الموضوع«، داعيا إلى »طي الصفحة لأن الموضوع فصل فيه ميثاق السلم والمصالحة الوطنية«، واعتبر أن ذلك رأيه الشخصي و لا يسعى إلى فرضه على أي كان. وعلى صعيد الجبهة الاجتماعية، صنّف رئيس اللجنة الاستشارية النتائج المتوصل إليها سلبيا من خلال ضعف القدرة الشرائية وإيجابيا في مجال توفير السكن، ولم يمنع ذلك قسنطيني من الاعتراف بوجود »ألم اجتماعي حقيقي يستدعي حلا مقبولا من قبل أهل الاختصاص المسؤولين« على حد قوله. وقدم المحامي اقتراحات بخصوص تخفيض سنة الحبس، حيث دعا إلى خفضها إلى تسعة أشهر، واستند في ذلك إلى العمل بالسنة القضائية و ليس بالسنة العادية على غرار عديد من الدول بهدف القضاء على مشكلة الاكتظاظ في السجون، مقترحا في هذا الصدد تخفيض شهر إضافي لكل سجين حسن السلوك و ذلك للسماح له بالعودة إلى جادة الصواب. وعدّد قسنطيني كذلك المقترحات التي تقدم بها في التقرير الأخير في مقدمتها تحسين بعض مواد قانون الأسرة خاصة المواد المتعلقة بسكن المرأة الحاضنة للأطفال التي تفرض على الزوج توفيره أو دفع إيجاره كما اقترح تغيير المواد المتعلقة بالوالي واقتصار دوره في تزويج المرأة على الجانب الشرفي لا أكثر. وعن موضوع إلغاء عقوبة الإعدام الذي أثار جدلا واسعا في الساحة السياسية والإعلامية ، قال قسنطيني الذي كان السبّاق لطرح الفكرة، إنه اقترح إلغاءه، ودافع عن اقتراحه عندما أشار إلى أنه يتعامل مع القوانين الوضعية و أن الشريعة ليست من اختصاصه، مضيفا أنه »يحترم الرأي المغاير ويناقشه إذا لم يستعمل العنف«. وبخصوص الإجراءات الجديدة التي اتخذتها وزارة الداخلية والجماعات المحلية من أجل استخراج بطاقة التعرف الوطنية وجواز السفر والمتمثلة في التقاط صور الهوية دون الخمار بالنسبة للمرأة وقص اللحية الرجل، قال قسنطيني إن حلق اللحية ونزع الحجاب موضوع مؤلم وصعب ولكنه مفروض علينا«، داعيا الدول العربية والمسلمة إلى »الاتفاق على موقف موحد معقول يحترم كرامة المرأة و المواطن«. واستغرب المحامي ما جاء في التقرير الأمريكي السنوي الأخير حول حقوق الإنسان قائلا إنه »لا يفهم سبب هجوم الولاياتالمتحدةالأمريكية على الجزائر«، و أشار إلى أنه يعتقد أن »قادة الولاياتالمتحدةالأمريكية يريدون الليبرالية التامة في البلاد و لا تعجبهم القرارات المتخذة لصالح حماية الاقتصاد الوطني بل يريدونه حرا مفتوحا لهم«. وأوضح رئيس اللجنة الاستشارية أن فرنسا متأكدة من براءة الدبلوماسي محمد زياني حسني، معتبرا قرارها القاضي برفض انتفاء وجه الدعوى للمتهم المذكور »خطوة العدالة الاستعمارية نحو العدالة الكنيبالية «. من جهة أخرى، عارض المحامي سجن الصحفي وساند الحرية التامة للتعبير الصحفي واشترط في ذلك الابتعاد عن الشتم والقذف و تقديم أخبار غير صحيحة بوضع دفتر شروط صارم، مثمنا الدور الذي لعبته الصحافة الوطنية خلال العشرية السوداء و»حفاظها على الجمهورية و الديمقراطية ووحدة البلاد«.