أبرز سفيرا البرتغال والاتحاد الأوروبي بالجزائر على التوالي السيد لويس دالمايدا سامبايو والسيد ولفونغ سبلازا أمس الدور المحوري الذي تلعبه الجزائر في ترقية العلاقات الجهوية والإقليمية والدولية، وأكدا أهمية التعاون المكثف الجاري بينها والاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب، معلنين في هذا الصدد عن برنامج لتمويل المركز الإفريقي لمكافحة هذه الظاهرة العابرة للحدود بمليون أورو، كما كشفا عن زيارة قريبة سيقوم بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى المجلس الأوروبي بستراسبورغ وأوضح الدبلوماسيان خلال استضافتهما بمنتدى جريدة "المجاهد" أن المواقع المتعددة التي تحتلها الجزائر ضمن الفضاءات الجهوية والإقليمية وكذا وزنها المؤثر في العديد من القضايا الدولية، يجعل منها وبصفة طبيعية بلدا فاعلا في ترقية العلاقات الدولية، ولا سيما بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يسعى بتوقيعه على معاهدة لشبونة في ديسمبر المنصرم إلى تفعيل دوره على الساحة الدولية، من خلال تكييف مؤسساته وآلياته مع التحديات الكبرى التي تطبع العالم اليوم والمتميز بتعدد الأقطاب مع بروز فاعلين جدد على غرار الصين وروسيا والهند· وعدد سفير البرتغال الذي أنهت بلاده رئاستها للإتحاد الأوروبي في31 دسيمبر الماضي، المكاسب الكبرى التي حققها الإتحاد خلال هذه المرحلة، مشيدا في السياق بالدور الذي لعبته الجزائر في تسهيل العديد من هذه الإنجازات على غرار، عقد لقاء بين الاتحاد الأوروبي ودول المغرب العربي، لأول مرة منذ 1991، وعقد قمة أوروبا إفريقيا الثانية من نوعها بعد تلك التي جمعت القارتين في 2000، حيث كانت حينها الجزائر تترأس المنظمة القارية في إفريقيا والبرتغال تترأس الإتحاد الأوروبي· وذكر السيد سامبايو في هذا السياق بالنتائج الإيجابية التي خرجت بها قمة القارتين الأخيرة، حيث تم تحديد 8 محاور ذات أولوية لبعث وتجسيد الشراكة الإستراتيجية مع ضبط منهجية عمل بين أوروبا وإفريقيا، وفي مقدمتها الأمن والسلم، الديمقراطية حقوق الإنسان، التجارة والاندماج الجهوي وكذا مسألة الهجرة غير الشرعية· ووصف الدبلوماسي البرتغالي التعاون القائم بين الجزائر والإتحاد الأوربي بالمكثف، معتبرا ذلك أمرا حتميا وطبيعيا على اعتبار أن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية، محاربتها تستدعي تظافر الجهود الدولية، فيما أشار في هذا الصدد سفير اللجنة الأوروبية بالجزائر إلى برنامج تم التوقيع عليه من قبل الإتحاد الأوروبي مؤخرا ويتضمن تمويل المركز الإفريقي لمكافحة الإرهاب بمليون أورو، ما يؤكد حسبه انخراط الإتحاد في مسعى دعم دول القارة في مكافحة الآفة· وأشاد الدبلوماسيان الأوروبيان بما حققته الجزائر لحد الآن بفضل الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي شرعت فيها على مستوى مختلف القطاعات، مبرزين في هذا الإطار الإرادة الراسخة لدى المسؤولين الجزائريين بضرورة إدماج الاقتصاد الجزائري ضمن الاقتصاد العالمي من اجل تنمية الواقع المعيشي، مع إصرارهم على رفع كل التحديات وتخطي الصعاب المترتبة عن هذا التحول، وجددا بالمناسبة التزام لإتحاد الأوروبي بمرافقة الجزائر في هذا المسار والعمل على تسهيله، لا سيما في الجانب المتعلق بانضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية· وكشف السفيران الأوروبيان عن زيارة مرتقبة قريبا، يرجح أن تكون قبل نهاية شهر جانفي الجاري، يقوم بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى مقر المجلس التشريعي الأوروبي بمدينة ستراسبورغ·أما بخصوص قضية التأشيرة التي تعتبر من بين ابرز المشاكل المطروحة بين الجزائر ودول الإتحاد الأوروبي، اعتبر سفير البرتغال أن معالجة هذه المسألة تتم من خلال المقاربة الشاملة لتنمية المبادلات وتطوير العلاقات الاقتصادية بين أوروبا ودول ضفتي المتوسط، وأعطى في هذا السياق مثالا عن تعزيز التعاون في مجال النقل، حيث يمكن حسبه فتح خط جوي بين الجزائر والبرتغال مثلا لتعزيز مطلب الجزائر برفع حصص التأشيرات التي تمنح لمواطنيها، كما سيمكن انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية، من معالجة هذه المسألة أيضا، على حد تعبير السيد سامبايو الذي يرى بأن تقوية العلاقات الاقتصادية له انعكاس مباشر على تنقل الأفراد· وفي هذا الاتجاه ذهب السيد سبلازا في حديثه عن مشكل الهجرة السرية المطروح بإلحاح على دول الضفتين، حيث لا يمكن برأي الدبلوماسيين التركيز على الحلول الأمنية البحتة لمعالجة هذه الظاهرة التي تشهد تناميا رهيبا في السنوات الأخيرة، مؤكدين في هذا الصدد على ضرورة اعتماد معالجة شاملة تتناول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للظاهرة، على غرار دعم التنمية في بلد الانطلاق ومرافقة السياسات المحلية لتحسين الظروف الاجتماعية· وشبه السيد سامبايو المسعى الذي ينبغي أن تتخذه معالجة ظاهرة الهجرة السرية، بالمسعى الدولي لمكافحة الإرهاب، حيث لا تقتصر الحلول على محاربته عسكريا، وإنما اجتماعيا أيضا مع بعث مسعى أشمل لترقية الحوار بين الحضارات والديانات· على صعيد آخر تناولت مداخلتا السفيرين الأوروبيين، التحولات الكبرى التي يرتقب أن يشهدها الإتحاد الإفريقي بداية من جانفي 2009، مع دخول معاهدة لشبونة حيز التنفيذ، حيث ينتظر أن يتعزز دور مؤسسات الإتحاد بفعل التعديلات التي تحملها المعاهدة الجديدة على مستوى الإطار القانوني المنظم لسير هذه المؤسسات·