أوصى المشاركون في أشغال الطبعة السابعة من ملتقى "أوراس للفكر والأدب" التي رُفعت إلى غزة الجريحة وكفاح الشعب الفلسطيني ودأبت على تنظيمه جمعية "الشروق" الثقافية لولاية باتنة بقاعة المكتبة العمومية "حمودة بن ساعي"، بإعادة بعث وإحياء رموز الفكر والثقافة والجهاد، وعلى أن يتفاعل الأدب الثوري مع النضج الفكري، مؤكدين في السياق، ضرورة تبنّي الأدب الثوري الصادق؛ بوصفه لسانا فصيحا، يمجّد الحركات التحررية، ويلعب دورا في تنوير الرأي العام. ركز الملتقى على أهمية النص الأدبي الملتزم في المقاومة؛ باعتبار القصيدة الثورية الملتزمة ركنا فعالا من أركان المعركة التحريرية، وجبهة من جبهات الصراع مع العدو، وتمجد الوطنية، والوفاء، والإخلاص، والترفع عن النقائص، والاعتزاز بالانتماء. كما تشكل حصانة لا يمكن اختراقها للحفاظ على التميز الثقافي والإنساني، وصيانة الهوية، وإثارة المشاعر والأحاسيس، وإيقاظ الضمير الوطني، وترسيخ قيم البطولة والشجاعة والتفاني، والتمسك بمقومات الشخصية الوطنية، المؤمنة بتحقيق النصر والتضحية. وشهد الملتقى تقديم مداخلات أساتذة وباحثين متخصصين، وقراءات أدبية وشعرية عديدة، فضلا عن عروض موسيقية ومسرحية بحضور رئيس اتحاد الكتّاب الجزائريين يوسف شقرة، ورئيس فرع الجزائر لاتحاد الأدباء الفلسطينيين الدكتور حسين أبو النجا. وبالمناسبة، رأى والي باتنة محمد بن مالك، هذه المبادرة فرصة لتواصل الأجيال، والحديث عما جادت به قرائح الأدباء والشعراء عن الثورة التحريرية والقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن المبدعين كانوا دوما حفظة التراث المادي وغير المادي لأيّ أمة. كما ركز لدى إشرافه على ختام الملتقى، على أهمية الفكر والأدب لنشر الوعي، مثمّنا في السياق، دور الأدباء والمفكرين والمثقفين والفنانين، الذين اعتبرهم زبدة الفكر، الذين يشخّصون الأوضاع شعرا، ونثرا، ومسرحا. وبدوره، أكد ضيف الملتقى الدكتور حسين أبو النجا، أهمية مثل هذه الملتقيات. وتحدّث عن قيمة فلسطين في الديانات الثلاثة، وقال: "الثقافة هي الجدار الأخير في الصمود والمقاومة. وهي الثابتة على ثوابت الأمة" ، مضيفا أن الملتقى الذي نُظّم بمهد الثورة الجزائرية، ما هو إلا تأكيد على إسناد الجزائر القضية الفلسطينية، ونضال شعبها الباسل. وتحدّث أبو النجا بإسهاب، عن المقاومة، مستدلا بالأشعار الجزائرية. وتابع: "نريد وحدة راسخة خلف الفلسطيني الصامد بشباب غزة الجريحة، شاكرا كل المبدعين والأدباء والشعراء والمؤسسات واتحاد كتّاب الجزائر ووزارة الثقافة الجزائرية، على رفد ودعم الثقافة الفلسطينية في ماضي الأيام وحاضرها " . وأضاف: "إنّ الجزائروفلسطين حكاية نضال طويل؛ الجزائر الشريكة على كل المستويات والداعمة لمسيرتنا على المستويين الرسمي والشعبي. واليوم نذكّر الأجيال بأنه لا يوجد شاعر فلسطيني لم يتطرق لثورة نوفمبر الخالدة، وهي حية في وجدان كل كاتب فلسطيني". ومن جهته، قال يوسف شقرة رئيس اتحاد الكتّاب الجزائريين، إن "الجزائروفلسطين قضية واحدة، ونضال مستمر حتى النصر. وما يقدمه الكاتب للقضية الفلسطينية هو واجب". وعن موضوع المقاومة قال إنها بمثابة تذكير بتراث أمّتنا المقاومة فكريا وأدبيا عبر الأجيال. وفي هذا الصدد اعتبر النخبة هي الثروة العربية الثابتة، التي تملك الرؤية والفكر، وتتحسس مواقع الوجع للشعوب وتطلعاتها بعيدا عن المتاجرة في الشعر والقصة، مشيدا في السياق، بالحراك الأدبي، والاهتمام بالكتابة المسؤولة، والكلمة الصادقة المعبّرة عن واقع وطموح كُتّاب ومثقفي الأمة. كما أشار شقرة إلى جهود الكتّاب العرب، الذين يدعمون القضية الفلسطينية. واستمتع الحضور بمجموعة من القصائد التي تطرقت في مجملها، لاستماتة الفلسطينيين في الدفاع عن أراضيهم. كما عبّرت بأسى، عما يتعرض له المدنيون العزّل من اضطهاد وتنكيل. ومن هذه القصائد ألقى الأستاذ حسين أبو النجا قصيدتي "أحبك يا وطني ولو كنت مقبرة" ، و " لو كان لي لا بد أن أموت" آخر ما كتب الشهيد رفعت العلايلي قبل استشهاده. وقُدّمت مجموعة من القصائد والنصوص التي نالت إعجاب الجمهور الذي حضر الملتقى، بمشاركة الشاعرات صورية براكة، ونور النعيمي، وشيماء ابراهيمي، ورجاء بن شوالة ورونق قانا (التي أتحفت الحضور بقصيدتين إحداهما باللغة الإنجليزية) ونبيلة بن سودة . ومَثل العنصر الرجالي العديد من الشعراء منهم ياسين محيذف، وعادل بالة، وعبد المجيد بوعلاق وغيرهم. وفي خطاب الشعر الشعبي برز أحمد ومان وشعبان نجيب عبد السلام، اللذان أضفيا على المكان دفءا، يعكس الجمالية والوجدانية والإنسانية، وصورا للبطولة، والشهامة، وحب الوطنية. أما الشاعرة المتميزة ابنة كيمل من الأوراس دليلة تيقاني، فألفت قصيدتين بحسّ كبير وتحسّر. وصرحت ل"المساء " قائلة: "قبل جراح غزة كانت قلوبنا مزارات للدموع والأوجاع. أما الآن وقد نزفت غزة بعمق واستبيحت دماؤها الزكية، فقد تحولت قلوبنا إلى أرض خرّبتها الحرب، فامتصت دماء الشهداء من أطفال وشيوخ وثكالى، لكنها أرض تعبق بالمسك والكافور" . وفي نظرها هي آلام أعقبتها ابتسامة شهادة ونصر، وضحكة كبرياء، وبزوغ فجر .... وهي غزة تصرخ قائلة: "أنا غزة.. هتفتم بحبي.. لا أريد هتافا ملء الحناجر.. هلا سكبتم على عطر البارود ورائحة الرشاش ومسك الخناجر ...؟ أيها المغرمون بقدسي.. تلطخوا بدماء الأطفال الشهداء كفكفوا دموع الثكالى من بين الركام والأحجار والمعابر". وأوضحت في السياق أنها ستدعم حلمها بكتابة الأشعار عن الشعوب المقهورة على وقع النغمة الشعرية المؤثرة، والمرأة ودورها في المجتمع مستقبلا كلما تقدمت في السن. وحسب المنسق العام للملتقى الدكتور والشاعر طارق ثابت، فإن الملتقى أدرك غايته في طبعته السابعة بعدما انقطع منذ سنوات. وما ميّزه المشاركة النوعية ل 35 شاعرا وشاعرة من 35 ولاية. وأكد أن الملتقى تخللته عدة مداخلات؛ منها "فلسطين في ضمير الشعر العربي" ، و " جرائم الكيان الصهيوني في غزة في ميزان حقوق الإنسان". كما شكّل محاولة أخرى لإيقاظ الضمير العربي. للإشارة، يأتي تنظيم هذه التظاهرة التي يعود تاريخ انطلاقها إلى سنة 2006، بالتنسيق مع فرع باتنة لاتحاد الكتّاب الجزائريين، ومديرية الثقافة والفنون محليا. وبالمناسبة، أُعلن عن صدور أول عدد من مشروع "البيبليوغرافيا المحلية" لولاية باتنة، تحت إشراف السيدة شهرزاد ذوادي مديرة المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "محمد حمودة بن ساعي". ويضمّ هذا العدد الأول 287 مؤلف محلي بمختلف بيانات المسؤولية (مؤلف، مترجم، مقدم، محقق، محرر، مصمم غلاف ...)، و86 دارا للنشر محلية ووطنية. وأُلحقت هذه البيبليوغرافيا المحلية بالسير الذاتية للمؤلفين المحليين المذكورين؛ كمداخل للبطاقات الفهرسية لمصادر المعلومات التي تحتويها هذه البيبليوغرافيا، والمقدّر عددهم ب 175 مؤلف، وكشاف بالمؤلفين (287 مؤلف)، وكشاف العناوين (387 عنوان)، وكشاف الناشرين (86 ناشرا).