فيما تنتعش حركة التنقل من منطقة الزاب الغربي بولاية بسكرة نحو العاصمة خلال موسم الاصطياف للاستمتاع بزرقة المياه، يفضل سكان بعض الأعراش مثل أولاد حركات وأولاد سامي التوجّه إلى المناطق التلية، وبالضبط إلى منطقة سطارنو ونواحي ولايات سطيف، ?المة وعين البيضاء بحثا عن نسمات الهضاب العليا، وهناك من تحلو لهم الهجرة صوب ولايات الجلفة وعين صالح وهي عادة لا تزال متجذرة لدى العديد من سكان الأعراش، في حين يشد أبناء الولاية القاطنين بالولايات الشمالية الرحال إلى أرض الأجداد لحضور مواسم نضج الثمار والعلاج بالرمال. الزائر إلى ولاية بسكرة يكتشف ذلك الاختلاف في توجهات المواطنين من وإلى عروس الزيبان، ففي الوقت الذي يفضل سكان الولاية الخروج منها خلال فصل الصيف للاستمتاع بزرقة مياه البحر، هناك من العائلات العاصمية من تفضل قضاء عطلتها الصيفية بولاية بسكرة، حيث ترى السيارات في الاتجاه المعاكس معلنة رحلة العودة إلى أرض الأجداد غير مبالين بلفحات الحر وخطر لدغات العقارب. وعن سر هذه العودة القوية للعاصميين في الوقت الذي نسجل خروج البسكريين من ولايتهم خلال هذا الفصل، تنقلنا إلى بلديات أولاد جلال وسيدي خالد للتعرف على عادات وتقاليد المنطقة خلال أيام الحر أو ما يصطلح على تسميتها "الأيام السامة"، وهي الفترة التي تعرف برحلة نضج العديد من الثمار على غرار بكور التمر الذي يعرف محليا باسم "المنقر" إلى جانب الكرموس "التين" وثمار الرمان بنوعيه، وهو الذي تشتهر به المنطقة لمذاقه المتنوع بين الحلو والحامض، وهي الفترة الزمنية التي يحلو للعديد من سكان بسكرة داخل وخارج الولاية المشاركة في الاحتفال بها وحضور كل مراحل نضجها. وهناك فئة أخرى من زوار المنطقة بغرض التداوي بالرمال، حيث يتنقل السواح ما بين الواحات لاختيار مناطق الردم المؤطرة، في حين هناك من يهوى المغامرة غير مبال بخطر العقارب التي تنتشر بالمنطقة. ورغم حظر الردم بعدة مناطق على غرار منطقة "بن النوي" التي تبعد ب7 كيلومترات عن عاصمة الزيبان، إلا أن زوار المنطقة لا يزالون في ارتفاع. ظاهرة التداوي عن طريق الردم بالرمال بعيدا عن مراقبة المصالح المختصة ومصالح الأمن، تتم وسط البساتين وعلى حواف وادي الجدي الشهير، وهناك من يفضل نقل رمال الوادي الى باحات المنازل والمساحات المراقبة، وبعد زوال كل يوم يتم تشكيل قبور من الرمال يدخلها النساء والرجال للتداوي من عدة أمراض، منها تلك التي تخص المفاصل. ويقول الحاج عبد القادر الذي يهاجر خلال فصل الصيف من كل سنة من بلدية بلكور إلى مسقط رأسه ببلدية أولاد جلال، حيث يشتري في الصباح الباكر الأطنان من الرمال التي ينقلها الى ساحات مفتوحة على أشعة الشمس، وفي المساء يقوم بردم نفسه في هذه الرمال التي تكون تشبعت بأشعة الشمس طوال اليوم، وهي الطريقة التي دأب عليها منذ عدة سنوات للتخفيف من آلام مفاصله. الأمر لا يختلف كثيرا عن باقي زوار المنطقة الذين وجدوا فيها فرصا للعلاج والاستجمام تحت خيم الواحات مع استغلال الأحواض المائية للسباحة فيها. كما تستغل النساء فصل الصيف للتنافس على تزويج أبنائهن، وهي الأفراح التي تتم في غالب الأحيان مثنى وثلاث، حيث يتم تجميع الإخوة والأخوات في زيجات جماعية، وهي المناسبات التي تستغلها فتيات الولاية من الداخل وحتى الخارج للتباهي بغرض الظفر بزوج من المنطقة، أما الأبناء سواء كانوا صغارا أو مراهقين فتراهم ينتظرون الصيف بفارغ الصبر كونه مرتبط بالنزهات والخرجات الليلية والسمر إلى غاية بزوغ الفجر الجديد. وتتحوّل الواحات الى مقصد سياحي للشباب من مختلف الأعمار، حيث تستغل الأحواض المائية للسباحة والترفيه عن النفس والنخيل للاسترخاء تحت جذوعها والاحتماء من أشعة الشمس.