تلجأ العديد من العائلات بوهران إلى الباعة المتجولين للتزود بالماء العذب (ماء حلو) رغم أن هذه المادة الحيوية أصبحت متوفرة بالحنفيات، إذ ما يزال الديكور ببعض الأحياء تصنعه مشاهد عربات مجهزة بصهاريج أو حتى محلات لممارسة "حرفة" بيع الماء بوسط المدينة. ويلجأ إلى خدمات باعة الماء المتجوّلين، سكان أحياء تمون على مدار 24 ساعة في بعض الحالات عند حدوث انقطاع في التوزيع بسبب الأعطاب التي قد تصيب المضخة الكهربائية أو تصدع القنوات. وإذا كان تواجد هذا النوع من الباعة أمرا عاديا فيما مضى نتيجة ندرة الماء الشروب أو لنوعية ماء التموين المالح، ففي الوقت الحالي تطرح الظاهرة تساؤلات بعد تحسن وضعية التموين بالمياه الصالحة للشرب بوهران. ويبرّر بعض المواطنين لجوءهم إلى باعة الماء إلى جودة الماء الذي يبيعه هؤلاء، في الوقت الذي يرى البعض الآخر أنه أصبح مجرد عادة خروج لشراء هذه المادة الحيوية. وبالنسبة لربات البيوت، فقد أصبح مألوف لديهن استعمال ماء الحنفيات لغسل الأواني والملابس والاغتسال مقابل استعمال الماء العذب الذي يقتنوه من الباعة المتجولين للشرب وتحضير الطعام، فذوق القهوة المحضرة بالماء العذب يكون أحسن كما تقول إحدى السيدات. لكن هذا لا ينفي أن هناك من الناس من لا يرى مانعا في شرب ماء الحنفيات بعد أن تحسنت نوعيته بفضل الجهود المبذولة من طرف السلطات العمومية ومسؤولي قطاع الري الذين جسدوا العديد من العمليات ميدانيا. وتتمثل هذه الجهود في تحديث شبكة التموين بالمياه الصالحة للشرب والمراقبة المنتظمة لنوعية الماء الموزع للاستهلاك. وفيما يخص الباعة المتجولين، فإن زبائنهم كانوا يبحثون فيما مضى عن الكم بسبب الانقطاعات المتكررة نتيجة الجفاف الذي خيْم طويلا على المنطقة، أما حاليا فالأمر مرده الثقة التي يخصهم بها الزبون نتيجة تطبيق التنظيم الصارم الذي يلزم الباعة باحترام الشروط المطلوبة فيما يخص النظافة للوقاية من انتشار الأمراض المتنقلة عن طريق المياه. وتتحدد هذه الشروط في المرسوم التنفيذي رقم 08-195 الصادر في 6 جويلية 2008، والمتضمن شروط التموين بالمياه الصالحة للشرب الموجهة للاستهلاك البشري عن طريق الصهاريج، ومن بينها أن الباعة الذين يتوفرون على ترخيص من الإدارة المختصة بالولاية لهم الحق في ممارسة هذا النشاط، حيث أنهم ملزمون بطلاء الصهاريج المخصصة لنقل الماء الشروب من الداخل بمادة غير قابلة للأكسدة على أن تكون مجهزة بأداة تسمح بتفريغ المياه لتجنب خطر تلوث الماء عند القيام بملء أو تنظيف الصهريج. ويسلّط التشريع من جهة أخرى عقوبات على المخالفين الذين يمكن أن يتم تجميد ترخيصهم إلى أن يحالوا على العدالة أو السحب النهائي للترخيص في حالة ارتكاب نفس المخالفة. وقد تمّ إحصاء 200 بائع متجول للماء على مستوى بلدية وهران ينشطون بصفة قانونية. وحسب مسؤول النظافة بالبلدية، فإنه لم يتم إلى حد الساعة تسجيل أية مخالفات خطيرة منذ تطبيق المرسوم الجديد بحكم أنه سمح بتعزيز الوقاية من الأمراض المتنقلة بواسطة المياه. وأشار ذات المسؤول إلى أن الماء الذي يتم توزيعه يخضع دائما إلى المراقبة مثله مثل مياه الآبار والموارد التي يستغلها الباعة المتجولون والكائنة بحي بوعمامة (كوكا سابقا) غرب وهران، حيث أن النوعية العذبة للمياه بهذا الحي المعروف باسم "الحاسي" نسبة إلى الآبار تجعل الكثير من المواطنين والمحلات التجارية والمقاهي يطلبونه لتحسين نوعية الخدمات إرضاء للزبائن.