أُسدل الستار على الموسم الرياضي 2023 2024. وحققت مولودية وهران فيه البقاء بين كبار الكرة الجزائرية بعد انتفاضة قوية سجلتها في مرحلة الإياب للبطولة الوطنية، وخاصة في الجولات الأخيرة منها، التي كانت نتائجها فيها مثالية، وتحت إمرة المدرب يوسف بوزيدي، الذي قاد النادي الوهراني لضمان البقاء بحنكة. وكانت تلك مهمة مستحيلة في المسيرة التدريبية لبوزيدي، الذي تولى تدريب الفريق في وضع متهالك، قبل أن يبقيه في قسمه باقتدار. ودّعت مولودية وهران موسما آخر أسود، كاد يودي بها إلى جحيم القسم الثاني؛ حيث كانت قاب قوسين أو أدنى من تكرار سيناريو 2008، الذي سقطت فيه المولودية سقوطا تاريخيا، سيبقى محفورا في ذاكرة متتبعي كرة القدم الجزائرية، وخاصة أنصار "الحمراوة" ؛ لتفقد بذلك المولودية الوهرانية لقب عمودية النادي الوحيد، الذي لم يغادر القسم الأول منذ تأسيسه، وتأسيس هذا القسم غداة استقلال الجزائر، بدون أن تفرط في عمودية أكثر الفرق لعبا في القسم الأول، لكن هذا ليس لقبا تستأنس به الأندية العريقة والكبيرة، بل بما تجنيه من ألقاب، وما تضيفه لكرة البلد الذي تنتمي إليه، غير أن "الحمراوة " عكسوا القاعدة، فأصبحوا يحتفلون ببقائهم احتفال الأندية بتتويجاتها وهم يعترفون بأن ما يفعلونه ليس قدوة كروية مميزة، إلا أنهم يتحججون بالظروف الصعبة التي مرت بها مولوديتهم طيلة عقود، وليس سنوات بفعل فاعل من المسيّرين السابقين، الذين حطوا من شأن هذا النادي العريق، وحرموه من تذوّق رحيق الألقاب منذ سنة 1996؛ آخر تتويج وطني " للحمراوة"، وكان ذلك بكأس الجمهورية، وهي الرابعة لهم في تاريخ فريقهم، لذلك والتبرير دائما لهم فإن الاحتفال بالبقاء هو دليل منهم على تعلقهم الشديد بمولوديتهم. وأكدوا على ذلك بالتفافهم الكبير والمستمر حولها ، ومناصرتهم القوية للاعبيها ومدربيها ومسيّريها في المنعرج الأخير من بطولة الموسم المنقضي2023 2024. شركة هبروك "الهدية " لا يختلف اثنان في أن مجيئ الشركة الوطنية للنقل البحري للمحروقات "هيبروك" لاحتضان مولودية وهران، كان "هدية" لا تقدر بثمن من السلطات العمومية؛ حيث كانت منقذا حقيقيا للفريق الذي كان غارقا في وحل الديون، والتسيير الأرعن لرؤساء لا يعرفون سوى انتظار الهبات والإعانات العمومية بدون المبادرة بجلب الأموال التي تدفع بالمولودية باتجاه الصفوف الأولى، لا الاكتفاء بأدوار ثانوية. وكان الوقت الذي استغرقته شركة "هيبروك" في فحص الوثائق والمستندات التي طالبت بها والخاصة بالفريق في السنوات الماضية، فرصة للوقوف على كارثية تسيير الرؤساء السابقين، فتحتّم عليها أخذ وقت آخر لدراسة وضعية الفريق بدقة، ومن كافة الجوانب، وخاصة الإداري منها؛ ما فاقم الوضع الفني للمولودية بدون قصد وإرادة من "هيبروك". وبعد تأسيس مجلس إدارة جديد برئاسة شكيب غوماري، انكبت شركة "هيبروك "وعلى عجل، على معالجة مشاكل مولودية وهران الواحد بعد الآخر، فكانت الأولوية لإطلاق سراح النادي الحمراوي من أغلال الديون الثقيلة التي كبلته طيلة تلك العهدة الرعناء. وجرى الحديث وقتها، عن ديون بأكثر من 200 مليار سنتيم، هي مستحقات أكثر من 72 شخصا من لاعبين ومدربين سابقين، ومصالح إدارية لها علاقة بنشاطات الأندية الرياضية الاحترافية ذات التأسيس التجاري، وهو رقم كبير، يدل بوضوح، على مدى التسيير الطائش للمسيّرين السابقين. بوزيدي الربان المنقذ كالإداري، فإن الجانب الفني كان محط اهتمام شركة "هيبروك" بعدما وقفت على كارثية حصاد مولودية وهران في مرحلة الذهاب للموسم المنقضي، والذي وضعها على رأس الفرق الساقطة بعدما أنهت مشوارها في الرتبة 15، وبمجموع زهيد جدا لا يتعدى 09 نقاط، جمعتها من فوزين اثنين (02)، و03 تعادلات مقابل 10 انهزامات. وسجل خط هجومها 06 أهداف فقط، فيما تلقّى مرماها 21 هدفا. وبعد الفرص العديدة التي مُنح إياها الطاقم الفني السابق بقيادة خير الدين ماضوي، وعجزه عن إيجاد الحلول الممكنة لمعالجة نقائص الفريق، وبالتالي إخراجه من مخالب قاع الترتيب، استنجدت الإدارة بالمحنّك يوسف بوزيدي لخبرته في إنقاذ أندية عريقة سابقة كشبيبة القبائل ونصر حسين داي، فقبِل هذا التقني ما سماها بعد ذلك بالمغامرة. واستحضر ما يناسب تلك الوضعية الفنية الصعبة، ليتمكن مع توالي الجولات والمباريات من بث روح جديدة ، وأمل عريض في المجموعة لإنقاذ المولودية الوهرانية من الهبوط. وتمكن من ذلك بصبر وجلد، وبمساعدة دائمة من الإدارة والجمهور. وقبل هذا وذلك بانتدابات شتوية نوعية، تمثلت في الخماسي صالح حميدة وكروم وبوسالم والحارس فارس بوكريت والغاني باكو، لتكون الحصيلة النهائية الرتبة 13 مناصفة مع اتحاد بسكرة، وبمجموع 36 نقطة لكليهما، جمعتها من 09 انتصارات و09 تعادلات مقابل 12 انهزاما. وسجل خط هجومها 26 هدفا، فيما اهتزت شباكها في 33 مناسبة. " الحمراوة " أنصار من ذهب لم يكن نجاح الطاقمين الإداري والفني في ضمان بقاء مولودية وهران في قسم الكبار، بدون مؤازرة قوية من الجماهير الحمراوية، التي ضربت أروع الأمثلة في الالتفاف حول فريقها، ومناصرته باستمرار من فوق المدرجات؛ حيث كان لها النصيب الوافر في تجاوز التشكيلة الوهرانية المنعرج الحاسم للبقاء في الجولات الثمانية الأخيرة. وخلال حيثياتها تمكنت المولودية الوهرانية من جمع نقاط ثمينة، دعمت رصيدها في صراعها لتفادي السقوط، خاصة في المواجهات التي لعبتها بملعبها التاريخي " الشهيد أحمد زبانة " ، لتبصم على مشوار بطل في مرحلة الإياب النارية؛ حيث جمعت فيها 27 نقطة من 07 انتصارات و06 تعادلات، مقابل انهزامين اثنين أمام كل شبيبة القبائل (1-3 ) ومولودية الجزائر( 2-3) بملعبيهما. وما يلاحَظ أن مولودية وهران لم تنهزم بملعبها طيلة مرحلة العودة. استخلاص الدرس للمستقبل يُجمع "الحمراوة" على أن فريقهم حقق معجزة بضمان بقائه في الرابطة الاحترافية الأولى، وعلى أن ما عانى منه في الموسم المنقضي مع كامل مكوناته وكذا الأنصار، يُعد درسا مفيدا رغم قسوته، ورغم تثمينهم الجهود السخية للإدارة الجديدة لشركة "هيبروك" مالك مولودية وهران، والطاقمين الفني والطبي، إلا أن الجماهير الحمراوية شدّدت على ضرورة العودة بالمولودية الوهرانية، إلى سكة الألقاب والتتويجات، وذاك ديدنها منذ نشأة القسم الوطني الأول بتعدد مسمياته. وألحت على المسيرين الحاليين التعجيل بتحضير الموسم القادم فور انعقاد الاجتماع التقييمي في قادم الأيام، والخروج بقرارات تخدم النقطة الأساسية التي يجمع عليها الأنصار، وهي مواصلة هيكلة فريق مولودية وهران بالاستفادة من الدعم السخي والنوعي لشركة "هيبروك" ؛ حتى يسترجع عميد أندية غرب البلاد بريقه، ويعود إلى سالف عزه وأمجاده. وقال المسيّرون فور ضمان البقاء، إنهم يَعدون الأنصار فريقا قويا، سينافس على الألقاب الموسم القادم؛ فما على الجميع إلا الترقب والتحقق من صدقية هذه التصريحات بداية من هذه الصائفة، التي ستكون وعلى غير العادة، باردة على مولودية وهران، ومعاقل أنصارها.