يعكس قرار مجلس الوزراء الأخير بإنشاء أول معهد وطني جزائري للمناجم، بولاية تمنراست الأهمية الكبرى التي تسعى الدولة لإعطائها لهذا القطاع الحيوي وتثمين موارده بشكل يجعل منه احد القطاعات الإستراتيجية المحركة للاقتصاد الوطني، بالنظر لما له من قدرات لا يستهان بها في مجال خلق الثروات وتوفير المواد الأولية وتنويعها، واستحداث مناصب الشغل وتنويع صادرات البلاد. ففي هذا الإطار شدد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بعد استعراضه لمشروع المعهد، على ضرورة منح كل الأهمية اللازمة لتطوير قطاع المناجم وإرفاق ذلك بأكبر قدر من الإدماج والتحويل محليا، من أجل مضاعفة القيمة المضافة التي يستفيد منها الاقتصاد الوطني بشكل عام، مستحسنا جعل مقر هذا المعهد الأول من نوعه على المستوى الوطني بولاية تمنراست، حيث دعا بالمناسبة باقي القطاعات العمومية إلى الإقتداء بالفكرة من خلال إقامة مؤسسات التكوين العليا الجديدة مستقبلا بالمناطق الداخلية للوطن، حتى يتعمم هذا المنهاج تدريجيا وتمتد شبكات الجامعات والمعاهد إلى جميع الولايات بشكل يضمن توزيع التنمية الاقتصادية والعلمية على سائر التراب الوطني. ويهدف انشاء هذا المعهد الوطني بالأساس إلى دعم قدرات التسيير وتحسين طاقات استغلال الثروة المنجمية التي تزخر بها البلاد، بحيث ستضمن هذه المؤسسة المقرر أن تنشئ إلى جانب مدرسة للمناجم بولاية تمنراست، تكوينا متخصصا للتقنيين السامين والمهندسين في مختلف مجالات قطاع المناجم، مع ضمان تكوينمتواصل وتحسين للإطارات والتقنيين العاملين في مختلف فروع القطاع بما فيها الفروع المتعلقة بالبحث التطبيقي والاستكشاف. كما يرتقب أن يؤطر هذا المعهد الجديد عملية اعادة تنظيم المؤسسات العمومية التابعة لقطاع المناجم في مجمع صناعي تابع لوزارة الطاقة والمناجم، يعنى بمختلف جوانب تطوير الصناعات المنجمية تثمين الإمكانات الهامة التي تزخر بها البلاد، وسيستفيد هذا المجمع حسبما أشار إليه بيان مجلس الوزراء من التأطير والوسائل والموارد اللازمة إما مباشرة وإما من خلال الشراكة مع مجموعات دولية رفيعة المستوى. وتسعى الدولة من خلال استحداث هياكل ومؤسسات بيداغوجية وصناعية جديدة في قطاع المناجم، إلى النهوض بهذا الأخير وتفعيله وتثمين موارده وإمكانياته الكبيرة التي من شأنها أن تجعل من القطاع، قطاعا استراتيجيا يضاهي قطاع المحروقات ويدر ثروات وطنية هائلة، ويساهم بذلك بشكل رئيسي في مساعي تنويع الاقتصاد الوطني الذي أصبح يشكل إحدى أبرز التحديات التنموية التي تراهن عليها السلطات العليا في البلاد. ولا يبدو النهوض بقطاع المناجم بالجزائر بالأمر المستحيل بالنظر إلى الإمكانيات الضخمة المتاحة في هذا المجال، والتي تظل غير مستغلة بالشكل الكافي باعتراف وزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل الذي ذكر مؤخرا بأن قطاع المناجم في الجزائر لا يزال يفتقر إلى آليات تسيير ناجعة، موضحا بأن ذلك ما اضطر بالسلطات إلى التفكير في إنشاء عدد من المؤسسات والمراكز التكوينية على غرار المعهد الوطني للمناجم ومدرسة المناجم بولاية تمنراست. كما سبق للوزير أن انتقد الوضعية الحالية التي يوجد عليها القطاع المنجمي، ولا سيما من حيث حجم الاستثمارات ومستوى الموارد البشرية العاملة بالقطاع خاصة ما تعلق منها بالمهندسين المنجميين، داعيا إلى ضرورة التعجيل بإنشاء بنك للمعطيات حول الجيولوجيا ووضعه تحت خدمة المستثمرين بالإضافة إلى بوابة إلكترونية توفر البطاقات الفنية للمناجم المعروضة للاستثمار. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن غياب بنك للمعلومات دفع في جوان الماضي الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية إلى تأجيل عدد من المناقصات على خلفية عدم تسجيل شركات مكتتبة للمواقع المدرجة. كما شملت التوجيهات التي قدمها الوزير للمستثمرين في القطاع ضرورة وجود مهندس منجمي واحد على الأقل بكل موقع جارية فيه عمليات استكشاف أو استغلال، مؤكدا بأن تواجد الكفاءات بالمواقع من شأنه أن يحسن مستوى النشاط والاستثمار بالقطاع المنجمي.