شكلت زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، إلى عاصمة "الأهقار" تمنراست، أهم حدث خلال الأسبوع الماضي بالنظر إلى ما حملته من مشاريع تنموية ضخمة وحيوية بالنسبة للمنطقة وما طبعها من أبعاد سياسية ورمزية· الزيارة التي دامت يومين (7و8 جانفي الجاري) كانت محط أنظار المتتبعين لما حملته من تطورات من جميع النواحي، فقد احتضن سكان الأهقار فكرة دعوة الرئيس بوتفليقة، للترشح إلى عهدة ثالثة وكانوا بذلك أولى شرائح ساكنة الجزائر يُعبّرون عن هذه الرغبة بعدما كانت منحصرة فقط في الوسط السياسي وبعض المنظمات الجماهيرية، وسجلوا بذلك أول نزول لهذا المطلب إلى الشارع وبإلحاح، حيث لم تتوقف حناجر المواطنين الذين جاءوا لاستقبال الرئيس بوتفليقة، سواء في تمنراست أو دائرة عين صالح من التعبير عن هذه الرغبة إلى درجة أن أعيان المنطقة من زعماء قبائل التوارق أصدروا بيانا باسم أهل المنطقة يؤكدون على مطلبهم هذا· وإذا كانت دعوة الرئيس من بين أهم مميزات هذه الزيارة، فإن الجانب التنموي كان هو الآخر في الموعد وتوجت زيارة الرئيس بوتفليقة، بإعطاء إشارة انطلاق وتدشين مشروعين استراتيجيين الأول يخص قطاع المياه والثاني متعلق بتوليد الطاقة الكهربائية· فبالنسبة للأول فقد وضع الرئيس بوتفليقة بدائرة عين صالح حجر الأساس لإنجاز مشروع تحويل المياه الجوفية بعين صالح نحو مقر ولاية تمنراست على طول يفوق 750 كلم· ومن أهداف المشروع الذي قدرت كلفته الإجمالية ب 177 مليار دينار تزويد ما يقارب 400 337 نسمة في ولاية تمنراست بالمياه الصالحة للشرب عن طريق القنوات، كما سيساهم في خلق تجمعات سكنية جديدة إضافة إلى استغلال المياه في القطاع الصناعي وبالتحديد في النشاط المنجمي· أما المشروع الخاص بتوليد الطاقة الكهربائية فإن الولاية أصبحت قطبا مهما في مجال توليد هذه الطاقة كونها تدعمت بمحطة بطاقة 100 ميغاواط تسمح بتزويد كل سكان المنطقة كما أنها قادرة على تزويد كل مناطق الوطن عبر محطة أدرار، وتعتبر هذه المحطة الجديدة من أهم المحطات التي تم بناؤها في الجزائر وتضاهي محطة العناصر بالجزائر العاصمة· ولم تقتصر "عطاءات" الزيارة على الإنجازين الضخمين فقط بل شملت العديد من القطاعات الأخرى منها السكن والإدارة المحلية والأشغال العمومية والتعليم العالي والثقافة، كما استفادت الولاية بالمناسبة من غلاف مالي إضافي قدر ب 4.25 مليار دينار سيتم توجيهه لتدارك النقائص المسجلة في إطار المشاريع التنموية التي تم إطلاقها· وتعكس زيارة الرئيس بوتفليقة إلى ولاية تمنراست الاهتمام الكبير الذي توليه السلطات وبالأخص الرئيس بوتفليقة لتنمية هذه المنطقة والتجاوب مع مطالب سكانها· وبالموازاة مع هذه الزيارة عرف الأسبوع الأخير إجراء حكوميا تمثل في مواصلة الجهود الرامية لاحتواء أزمة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية حيث تقرر تخصيص 157 مليار دينار خلال السنة الجارية لدعم مواد القمح اللين والصلب والزيت والحليب· وجاءت كل هذه الإجراءات بهدف تخفيف الأعباء اليومية وتحسين معيشة المواطن بعدما سجل الجميع عدم نجاعة الزيادات الأخيرة في الأجور حيث لم تتماش والتحولات التي عرفها السوق·ومن جهة أخرى حمل الأسبوع الماضي الجديد بالنسبة للصحافة المكتوبة العمومية حيث استعادت وزارة الاتصال الوصاية على كل المؤسسات الإعلامية التي كانت تابعة إلى مؤسسات تسيير المساهمات، وألحقت الجرائد العمومية الست والمطابع والوكالة الوطنية للنشر والإشهار وثلاث دور للنشر بالوزارة· وتكمن أهمية هذا القرار في كونه سيساهم في تكريس استراتيجية تطوير الإعلام العمومي التي عرضت وزارة الاتصال معالمها الكبرى في شهر فيفري من العام الماضي أمام مجلس الحكومة، وذلك في إطار تطبيق سياسة وطنية شاملة لإنعاش قطاع الإعلام والصحافة في الجزائر· وتشمل هذه الاستراتيجية التي تم إعدادها انطلاقا من تشخيص مستفيض للوضعية السائدة في قطاع الإعلام بشكل عام، إعادة تأسيس المنظومة الوطنية للإعلام والاتصال وتأهيلها وتحديثها بشكل يسمح بتكييفها مع التحولات الداخلية والخارجية، مع ترقية الإعلام العمومي وإعادة هيكلته بشكل يتيح له تأدية مهامه المرتكزة أساسا على تقديم الخدمة العمومية على أحسن وجه· ونظرا للمتغيرات التي عرفتها البلاد لعدة اعتبارات على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي، تريد وزارة الاتصال من خلال هذا التحول "تكييف استراتيجية الاتصال مع الوضع السائد في البلاد بحيث تقوم على أساس مقتضيات التنمية والمصالحة الوطنية والتماسك الداخلي"·