أعطت وزارة الطاقة و المناجم حصيلة نشاط الثمانية أعوام، كاشفة عن حجم الاستثمارات المتدفقة على القطاع الذي يبقى مصدر الثروة الأول بامتياز. و ذكّرت الوثيقة المعدة في هذا الشأن بالصفقات المغرية التي انتزعت من أجل الاستكشاف والتنقيب والاستغلال، معززة إيرادات الجزائر وتوظيفها في تمويل البرامج الإنمائية والحاجيات الوطنية في أوسع مداها وتنوعها. وتظهر الصفقات بشكل ملفت للانتباه في القطاع المنجمي الذي فُتح للمستثمرين، بناء على قانون جويلية .2001 فقد سمحت المناقصات المعلن عنها خلال السنوات ال 8 الأخيرة بمنح 978 سندا منجميا، منها 575 سندا لنشاط الاستكشاف، و 403 سندا للاستغلال، محققة 1,7 مليار دينار مداخيل صافية للخزينة العمومية. وتكشف الحصيلة أن أزيد من نصف المداخيل حققتها صفقات العام الماضي فقط، مقدرة ب 7,3 مليار دينار، مسجلة ارتفاعا ب 3 ملايير دينار. وسمح المسح المنجمي الذي تشجعه السلطات العمومية وتمنح له إغراءات وامتيازات تسيل اللعاب، بمنح 2219 سندا في أواخر العام الفارط وحده. ومس المناجم الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص التي تحتل نسبة الغلبة في حقيبة السندات ب 80 في المائة. ويُستشف من الحصيلة المعلن عنها للملأ، مدى الحركية الكبيرة في قطاع المناجم الذي ظل أسير الجمود لسنوات طويلة ولم يستغل بالصفة التي يفرضها انفتاح السوق، وتطالب بها السياسة الوطنية التي تجري وراء تنوع المداخيل وإحداث الانتعاش في الاستثمار المنتج خالق الثروة والقيمة المضافة والعمل. ويؤكد بالملموس جدوى الانفتاح المحدث في هذا القطاع الذي لم يعرف الانطلاقة السريعة التي عرفتها المحروقات، مستقطبة الرساميل من كبريات الشركات العالمية وأكثرها تجربة و انتشارا. فقد بدد قانون المناجم المخاوف، وكسر حالة التردد والتحفظ حول منح الصفقات الاستثمارية لاستغلال مختلف الثروات الباطنية من معادن حديدية وفضية ونحاس وذهب ومحاجر، بحجة" حماية الثروة الوطنية وتأمينها للأجيال''. وأعطى بعدا آخر ومضمونا مناقضا للوضعية، وكشف أهمية فتح المجال ألمنجمي للاستغلال، وفق مناقصات دقيقة تتضمن دفتر أعباء لا تقبل بالمساس والاستصغار بها. والنتيجة المحصلة في الميدان تشكل الدليل القاطع، فقد حقق قطاع المناجم خلال العام الماضي رقم أعمال ب 8,78 مليار دينار، بدل 68 مليار دينار سنة ,2007 مسجلا زيادة معتبرة تقدر ب 16 في المائة. وتحتل المؤسسات الخاصة مكانة مهمة في خارطة المناجم التي تضيق تحت حدة المنافسة بعد دخول المتعاملين من الوزن الثقيل الميدان، وتمثل حصة الخواص 68 في المائة من قيمة رقم الأعمال الإجمالية. وسجلت القيمة المضافة للمناجم والمحاجر التابعة للقطاع العمومي خلال نفس الفترة، ارتفاعا سنويا متوسطا نسبته 15 في المائة بقيمة إجمالية تعادل 8 ملايير دينار. ومست حركة الإنتاج في ظرف قياسي مواد معدنية عديدة، منها الملح والحديد والذهب والفوسفات الذي يعرف إنتاجا متزايدا قدر ب 8,2 مليون طن، مرشحا الجزائر في مصاف الدول الكبرى المنتجة لهذه الثروة الحيوية. وانعكست حركة الانتعاش على الموارد البشرية المتهافتة على المناجم، بعد الإغراءات المذكورة بالغة عمالتها 550,27 عونا. وخلق القطاع الخاص لوحده أزيد من 17 ألف منصب عمل، مساهمًا في امتصاص بطالة مخيفة، شكلت على الدوام اكبر الانشغالات وأقواها تحديا للسلطات العمومية.