شكلت زيارة الرئيس بوتفليقة إلى ولاية تمنراست نقطة تحول بالنسبة لهذه المدينة التي توجد في آخر نقطة من الجنوب الجزائري، وسمحت بفتح آفاق تنمية جديدة كون الزيارة التي دامت يومين توجت ببرمجة مشاريع تمس مباشرة الحياة اليومية للمواطن· الزيارة وان حملت الكثير من الرسائل السياسية كدعوة الرئيس بوتفليقة، للترشح لعهدة رئاسية ثالثة، إلا أن عنوانها الرئيسي كان المضي قدما في تحقيق التنمية بالجنوب وبالتحديد بولاية تمنراست بالنظر لخصوصيتها كونها تعد ولاية حدودية ونسبة الكثافة السكانية لا تتجاوز بها 0.34 بالمئة· وقد استفادت هذه الولاية من أول عملية على المستوى الوطني تخص قطاع السكن، وتم الإعلان عن مباشرة برنامج إعادة ترميم السكنات القديمة وتستفيد من هذه العملية التجريبية 6500 عائلة يسلم لكل واحدة منها مبلغ يصل إلى 500 ألف دينار· وتهدف هذه العملية حسب وزير الدولة وزير الداخلية السيد نور الدين يزيد زرهوني، الذي كشف عنها أول أمس، إلى تحسين وضعية العمران في مدينة تمنراست ودائرة عين صالح كبرى مدن الولاية، وإضفاء المزيد من الجمال على هذه الولاية التي تستقطب سنويا آلاف السياح· وتوجت الزيارة أيضا بوضع استراتيجية واضحة لتدارك النقائص المسجلة في جميع القطاعات وبالأخص قطاعي الطاقة والمياه، وجاء هذين القطاعين في مقدمة الاهتمامات لدرجة أن تمنراست أصبحت اليوم تحقق "اكتفاء ذاتيا" في هذين القطاعين ولكن بتموينها لبعض المناطق خارج الولاية· فمشروع تحويل المياه الجوفية الصالحة للشرب من عين صالح إلى تمنراست على مسافة أكثر من 1200 كلم من القنوات يعد الأضخم في المنطقة الجنوبية ويضاهي كما قال رئيس الجمهورية بمشاريع سد بني هارون بالشرق وتاقصبت بالوسط ومستغانم ارزيو وهران بالغرب· وأهمية هذا المشروع لا تكمن فقط في إشباع السكان بهذه المادة الحيوية وإنهاء حالة "الشح" الذي يعاني منه أكثر من 198 ألف مواطن ولكن أيضا في خلق مراكز ومواقع سكنية جديدة على طول الخط المائي من عين صالح إلى تمنراست، كما سيساهم في بعث الحركية الاقتصادية بتزويد بعض المنشآت الصناعية بالمنطقة بهذه المادة الحيوية والمستفيد الأكبر من ذلك من القطاعات، قطاع المناجم حيث سيسمح بتنمية صناعة المعادن الثمينة من الذهب والأحجار الكريمة التي بقيت إلى وقت مضى حبيسة نقص المياه المستخدمة للصناعة· وبالموازاة مع ذلك يبدو أن هذه الزيارة الثالثة من نوعها لرئيس الجمهورية إلى الولاية فتحت لتمنراست الباب لتكون أحد أهم المزودين الرئيسيين بالطاقة الكهربائية ليس للمنطقة فقط ولكن لكل ولايات الجزائر حيث تصنف ضمن اكبر محطات توليد الكهرباء في الجزائر وتصل إمداداتها إلى الشمال على طول أكثر من 2000 كلم· فقد دشن رئيس الجمهورية، محطة لتوليد الكهرباء تقدر طاقتها ب 100 ميغاواط تضمن تزويد أكثر من 10 آلاف مشترك بكل من دائرتي عين صالح وعين غار (الواقعة على بعد مسافة 60 كلم من عين صالح) وكذا بلدية فوقارة زوا (الواقعة على بعد مسافة 60 كلم من عين صالح)· والمشروع يندرج في إطار نظرة وطنية ترمي إلى تدعيم أسس البنية التحتية الطاقوية لضمان الأمن الطاقوي للبلاد على المديين المتوسط والبعيد· والمؤكد أن المشاريع التي تم إطلاقها خلال الزيارة تعكس على وجه الخصوص البُعد الاستراتيجي للمنطقة كونها منطقة حدودية ونقطة تواصل بين دول الساحل الإفريقي، فالبارز هو أن تخصيص أكثر من 4 ملايير دينار تضاف إلى الميزانية السنوية العادية وإلى الميزانية المرصودة في إطار برنامج دعم الجنوب توضح أن النظرة المستقبلية لما يجب أن تكون عليه تمنراست تتلخص في أن هناك رغبة في تحقيق تنمية مستدامة والتفكير في مستقبل المنطقة والصورة التي يجب أن تميزها على المدى المتوسط والبعيد·