تفاؤل كبير لمسته "المساء" من أغلب سكان تندوف إثر الأمطار الأخيرة التي شهدتها المنطقة. ويقول السكان البدو الرحّل طالما انتظروا سقوط الأمطار، وجريان الأودية التي تروي الأرض العطشى، وتنعش الجو. وهي فرصة لهواة التنقل إلى الصحاري وقت نزول المطر؛ لتناول الشاي على الهواء، والتمتع بجريان الأودية، والاستمتاع بجمال اللوحة الطبيعية، فيما ينتظر الجميع بشغف، وقت جني الترفاس بعد نزول الغيث بشوق كبير. تُعد هذه الأيام الأفضلَ في السنة عند سكان تندوف؛ فالاستمتاع بجمال الطبيعة يطيل العمر، كما يقول نفعي، وهو مواطن من ضواحي قرية حاسي منير، المعروفة بموقعها الطبيعي الخلاب، ومجاريها المائية الطبيعية، التي سيزيد الغيث في منسوبها. أما محمد سالم، مواطن آخر من المنطقة مولع بالحمادة، فينتظر الأيام القادمة بفارغ الصبر، للتجوال عبر تلك الأودية العامرة بالمياه، وترقُّب ظهور الترفاس بحواشي هذه المجاري. ويقول محمد لمين رحالة مختص في معرفة أماكن تواجد الترفاس، إن عشبة اليرقيق عندما تنمو، تجد تحتها الترفاس. السيارات رباعية الدفع... أشعة الشمس وضوء القمر وستعرف صحاري تندوف خلال الأشهر القادمة، حركة غير عادية، وانتشارا ملحوظا للباحثين عن ثمرة الترفاس، التي أخذت عقول الكثيرين؛ لما لها من قيمة غذائية ومالية. وخلال الأشهر المقبلة يبدأ أهل الاختصاص في البحث عن الترفاس، ويهيئون سيارات "لاندروفر" رباعية الدفع. وهي السيارة المكافحة الوحيدة، القادرة على تخطي الوهاد والعقبات من أجل الوصول إلى الترفاس. ويتواجد الترفاس بحمادة تندوف بشكل كبير، خاصة بمنطقة واد القنطار، وضواحي أم العسل، وحاسي خبي، وحاسي منير. ويقضي كثير من الباحثين عن الترفاس، لياليَ عديدة تحت ضوء القمر، يستأنسون أياما للعثور على بضعة كيلوغرامات، بينما يفضل البعض من ذوي النفَس الطويل والصبر، البقاء لأشهر في البيداء؛ بحثا عن كميات كبيرة، يسترزقون منها بعد بيعها لأشخاص آخرين. وقال ل«المساء" أحد المهتمين بجمع الترفاس، " هناك أشخاص يجمعون منه كميات معتبرة تصدَّر إلى الخارج عن طريق جماعات مختصة في هذا المجال ". وللترفاس ذوق مميز. وتتفنن المرأة التندوفية منذ القدم، في إعداد أطباق حلوة المذاق منه؛ على غرار أكلة الترفاس المرفوس بدهن الماعز، أو مع خبزة الملة التي تُدفن في الرمل الناعم الساخن. وأشار بعض المواطنين من تندوف في تصريح ل "المساء" ، إلى أن هذه الأمطار التي ابتلت بها عروق الشجر والأرض الظمأى، ستكون مصدر رزق لكثير من العائلات؛ من خلال جمع مادة الترفاس من أودية تندوف مستقبلا. وقال أحد الرعاة بأن هذه الأمطار ستأتي بترفاس قليل. وإن زادت ستزداد أكثر كمية الترفاس، وبنوعية جيدة. الترفاس الأبيض أجود الأنواع أجود أنواع الترفاس الأبيض منه، الذي يزيّن موائد أهل تندوف ومناطق الجنوب كلها. ويتواجد الترفاس، عادة، بأودية معروفة بصحاري تندوف، وبقرية حاسي منير، وحاسي لخبي ضواحي بلدية أم العسل. والترفاس أو الكمأ فطرٌ بري موسمي نادر الظهور. ينمو بعد نزول الأمطار في الصحراء تحت التربة بعمق يتراوح بين 5 سنتمترات و15 سنتمترا. ويكون وزن الكمأة الواحدة بين 30 غراما و900 غرام. وينمو الترفاس بشكل يشبه حبة البطاطا بالقرب من بعض أنواع النباتات الصحراوية، وقريبا من جذور الأشجار الضخمة كشجر البلوط. ويُعد من ألذ وأثمن أنواع الفطر الصحراوي. والترفاس كروي لحمي رخو. وسطحه أملس أو درني. ويختلف لونهُ من الأبيض إلى الأسود والأحمر. ويكون بأحجام متفاوتة؛ قد يصغر بعضها حتى يكون في حجم حبة اللوز، أو يكبر ليصل حجم ثمرة الرمان أو أكبر. ويقدَّر ثمنه أحيانا ب 1000 دج للكلغ. ويتجاوز ذلك إلى 3 آلاف دج حسب الحجم والنوعية. وخلال الأسابيع المقبلة تبقى أنظار الجميع مشدودة صوب ما سيخرج من الأرض من ترفاس، يسترزق منه الناس، وتتلذذ به الأنفس.