اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس، باغتيال البطل الشهيد العربي بن مهيدي، من قبل عسكريين فرنسيين، وذلك بعد التعتيم الذي طال قضية مقتله لعقود طويلة من الزمن، حاول من خلالها الجنرال السفّاح بول أوساريس، الترويج لفكرة انتحاره. نقلت وكالة الأنباء الفرنسية، عن بيان لقصر الإليزيه، أن رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون "يعترف اليوم بأن العربي بن مهيدي، البطل الوطني للجزائر وأحد قادة جبهة التحرير الوطني الستة الذين أطلقوا ثورة الأول من نوفمبر 1954، قتله عسكريون فرنسيون كانوا تحت قيادة الجنرال بول أوساريس". ويأتي اعتراف ماكرون، بمقتل الشهيد بن مهيدي، بمناسبة احتفال الجزائر بالذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية المظفّرة، ليضع بذلك اللغط المثار بخصوص قاهر جنرالات فرنسا الذين حاولوا التقليل من مكانته وتشويه صورته، بعد فشلهم في الحصول على معلومات عن الثوار والثورة أثناء التحقيق رغم تعرضه لأشد أنواع التعذيب. وكان النقيب آلير، قد أبدى إعجابه الكبير بالبطل العربي بن مهيدي، في إحدى لقاءاته الصحفية قائلا "كنت أود أن يكون لي قائد مثله.. كنت أحب أن أرى معي رجالا مثل بن مهيدي بقيمته وحجمه.. كان بن مهيدي سيّدا"، مضيفا بالقول "الكولونيل بيجار رفض تعذيبه كما جرت العادة مع المعتقلين، بل كان يسأله ويستفيد من خبرته، لكن هذا الأمر أزعج الجنرال ماسيو، الذي كان يقول خلصوني من هذا الرجل" ، ليرغم بيجار، على نقله إلى وصاية الجنرال بول أوساريس لأسباب إدارية. وقال آلير، إنه أثناء عملية نقله رفع رجال بيجار، أسلحتهم وقدموا التحيّة العسكرية للبطل، وخلال الاعتقال قال له "أنت قائد الثورة وها أنت بين أيدينا، لقد خسرتم معركة الجزائر، لقد خسرتم حرب الجزائر"، فأجابه بن مهيدي "لا تصدق ذلك فإذا سقطت فسيخلفني آخرون". وكانت ظريفة بن مهيدي، شقيقة البطل الشهيد قد روت في وقت سابق تفاصيل ما دار بينها وبين بيجار في لقاء معه قبل سنوات طويلة، ونقلت عنه قوله "أنا لم أقتله، لكن أرسلته إلى الجنرال أوساريس". وقدم أوساريس، من جهته شهادته عن بن مهيدي عام 2001، أكد فيها "إننا نزعنا أظافره وجلده وأجزاء من جسده، لكن لا كلمة خرجت من فمه، بل واصل تحدينا بشتمنا والبصق على وجوهنا قبل تنفيذ حكم الإعدام"، مؤكدا أن بيجار "لم يمانع الانتهاكات التي نفذناها على بن مهيدي". وسبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن قدم في 13 سبتمبر 2018، اعترافا مهما من "أجل الحقيقة التاريخية"، يخص خطف وقتل الناشط الفرنسي اليساري من أجل استقلال الجزائر، موريس أودان عام 1957 تحت التعذيب. كما قدم في 3 مارس 2021، اعترافا بمسؤولية الجيش الفرنسي عن تعذيب وقتل المحامي والمناضل علي بومنجل عام 1957، في حين أن الرواية الفرنسية السائدة كانت تروج لموته بعد أن قفز من طابق مرتفع، في الوقت الذي كان البوليس الفرنسي يستجوبه في مكتبه بالعاصمة.