فوز الفريق الوطني على نظيره الزامبي بهدف مقابل صفر، كان له وقعه على الشعب الجزائري ومناصري "الخضر"، الذين أعلنوا الأفراح حتى قبل بداية اللقاء، فالأمل كان كبيرا في التشكيلة الوطنية، التي أكدت مرة أخرى قوتها وإرادتها، فالفوز كان له طعم خاص، لا سيما وأن المنتخب المصري وبفوزه في رواندا هدد مرتبة "الخضر" في الترتيب العام، إلا أن رفقاء مطمور جعلوا ذلك لوقت قصير، لتنفرد الجزائر بالمرتبة الأولى وبرصيد 10نقاط، وبفارق من الأهداف يفوق الوصيف المصري. كل الجزائريين كبارا وصغارا، شيوخا وأطفالا وحتى النساء، كانت أنظارهم مشدودة في سهرة يوم الأحد الرمضانية إلى أجهزة التلفاز، في البيوت، المطاعم، المقاهي و حتى بعض قاعات السينما التي فتحت أبوابها لمتابعة اللقاء، فالكل كان على الأعصاب، وكانوا يتفاعلون جميعا مع كل اللقطات، فقد عم الهدوء بمجرد بداية المباراة على كل شوارع وأحياء العاصمة وكل شيء توقف من أجل متابعة المباراة التي كانت مصيرية، لأن الفوز بها يعبد ما تبقى من الطريق أما جميعا "الخضر" للتوجه إلى جنوب إفريقيا، فحلم العودة إلى المشاركة في كأس العالم يبدو أنه سيتحول إلى حقيقة، بفضل ما يقدمه لاعبو الفريق الوطني من أجل ذلك.
"سأبيع كل ما أملك لأذهب إلى منديلا " الهدوء الذي كان يعم أطوار اللقاء، حتى وإن تخلله التفاعل مع بعض اللقطات، سرعان ما تكسر بمجرد تسجيل الهدف من طرف رفيق صايفي في الدقيقة 59 من اللقاء ليهتز له المناصرون في كل مكان، حتى في البيوت، وبمجرد إعلان الحكم عن صافرة النهاية خرج آلاف المناصرين عبر كامل الأحياء والشوارع في العاصمة وكل المدن الجزائرية الأخرى، فلا أحد يمكنه فعل ما يفعله الفريق الوطني بالشعب الجزائري، فسهرة يوم الأحد الرمضانية لم تكن مثل بقية السهرات الأخرى، فالكل خرج إلى الشارع ليرقص ويغني ويردد "وان تو ثري فيفا لالجيري"، وحتى وإن كانت الساعة متأخرة إلا أن ذلك لم يمنع حتى بعض العائلات من الخروج بسياراتها للاحتفال بهذا الإنجاز الذي حققه "الخضر"، الذين أعادوا الفرحة والأمل إلى الملايين من الجزائريين، فجوهانسبورغ أصبحت قريبة من الجزائر مثلما يقول شاب كان في أوج السعادة.. مؤكدا أنه سيعمل المستحيل من أجل الذهاب إلى بلد منديلا لمؤازرة الفريق الوطني في كأس العالم، حتى وإن اقتضى الأمر أن يبيع كل ما يملك. ولم ينم آلاف المناصرين طيلة الليل ليواصلوا الاحتفال إلى غاية السحور، فالكل كان يرقص ويتغنى بلاعبي الفريق الوطني، وكما قال أحد الشبان الآخرين الذين كان يحتفل : " لن أنام طيلة الليل، فاليوم عرس الجزائر، وفرحتي لا توصف، خاصة أننا لم نترك المجال أمام المصريين ليأخذوا مكاننا في الترتيب العام، فنحن في المرتبة الأولى وسنبقى فيها وسنفوز على رواندا، ثم نذهب إلى مصر من أجل السياحة".
سعدان وأبناؤه صنعوا أجمل الصور ومرة أخرى يعيش الشعب الجزائري على وقع الأفراح، التي يواصل لاعبو المنتخب الوطني على بثها فيهم، وهذا منذ الفوز الكبير على المنتخب المصري، والذي كان الانطلاقة بالنسبة ل"الخضر" والمناصرين، لمواصلة مسيرة الانتصارات في هذه التصفيات المزدوجة لكأسي إفريقيا والعالم، فقد جاء الآن دور الفرحة بالنسبة للجزائريين الذين يحتاجون إلى ذلك كثيرا، ولا أحد تمكن من ذلك سوى كرة القدم والفريق الوطني، فقد استطاع الشيخ سعدان وأبناؤه أن يصنعوا أجمل الصور، ويضفوا أجواء رائعة في كل المدن الجزائرية ساهمت في رسم البسمة على شفاه الجزائريين، كما أكد عليه أحد المحتفلين بفوز "الخضر" : " نحتاج لنفرح، أشكر سعدان واللاعبين الذين سمحوا لنا بذلك، وإن شاء الله سيواصلون على نفس المسيرة، ونذهب إلى كأس العالم، نريد أن نسترجع مكانتنا مع بقية المنتخبات الأخرى، فالجزائر لابد أن يحسب لها ألف حساب، فلسنا من يستسلم وسنحقق أهدافنا". الأجواء الجميلة التي عاشتها الجزائر عبر كامل ترابها، أثبتت مرة أخرى التفاف الجزائريين حول فريقهم، ومن جهة أخرى عودة الروح الوطنية إلى صفوفهم كبارا وصغارا، وهذا ما يعد أمرا إيجابيا، فالكل كان يريد أن تفوز الجزائر لا غير وتعود إلى سابق مجدها، فكرة القدم أيضا بإمكانها إعادة بلد كامل إلى المستوى الدولي والمحافل الدولية، فلم يبق الآن سوى القليل للوصول إلى كأس العالم وعودة الجزائر إلى هذه المنافسة الهامة. شكرا للمنتخب الوطني، شكرا لسعدان.. وتحيا الجزائر.