أصبح من الواضح أنّ برامج التولك شو الرمضانية على القنوات الجزائرية، كما هي الحال في العديد من القنوات العربية، تشهد تحوّلاً لافتاً في نوعية الضيوف الذين يتم استضافتهم. فالبرامج التي من المفروض أنها تعتمد على نقّاد فنيين مختصين يقدّمون آراء نقدية مبنية على أدوات علمية ومعايير فنية، تفضّل مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي، الذين يروّجون آراءهم دون أيّ أساس من المعرفة، أو التحليل العميق. مع حلول شهر رمضان تبدأ تظهر ظاهرة غير صحية في البرامج التلفزيونية التي تتناول الأعمال الدرامية، تتمثل في استبدال النقاد الفنيين المتخصصين بمشاهير شبكات التواصل الاجتماعي. هؤلاء المشاهير الذين يتمتعون بمتابعات ضخمة على منصات مثل إنستغرام وفايسبوك، يتم استضافتهم بكثرة في البرامج بدلًا من النقاد الفنيين، الذين يمتلكون الخبرة والأدوات العلمية اللازمة لتقديم تحليل موضوعي للأعمال. والحقيقة أن هذه الظاهرة لا تعكس توجها صحيحا في الإعلام، بل تهمل الدور الأساس للنقاد المهنيين في توجيه الجمهور، ورفع مستوى الوعي الفني. فبدلا من تقديم نقد بنّاء ومبني على معايير علمية وفنية، يتم ترويج آراء شخصية تتّسم بالسطحية، والبحث عن الإثارة، وجذب الانتباه على حساب الجودة. ودون ذكر عناوين هذه البرامج الموجودة تقريبا في كلّ القنوات الفضائية الجزائرية، فإنّ اختيار الضيوف يعكس تحوّلًا في الأولويات الإعلامية، التي تركّز بشكل متزايد، على جذب الانتباه، وزيادة المشاهدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدلاً من تقديم تحليل نقدي متخصّص وموضوعي. هذه الظاهرة تزداد وضوحا مع بداية كلّ رمضان، حيث تتحوّل هذه البرامج إلى منصات لتبادل الآراء والتعليقات الفوضوية على الأعمال الدرامية التي تُعرض في الشهر الفضيل. وبدلًا من التركيز على النقد الفني الموضوعي، نجد جلسات حوارية تتّسم بالسخافة أحيانا، حيث يتحوّل النقاش إلى محاور بعيدة عن المضمون الفني، بل إلى سجالات فارغة، تتخلّلها مشاحنات، وأحيانًا شجارات بين المتكلمين. والملاحظ في العديد من هذه البرامج أنّ الضيوف غالبا ما يكونون من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، والممثلين الذين يفتقرون للخبرة النقدية والاحترافية. هؤلاء الضيوف رغم شعبيتهم الكبيرة على منصات التواصل الاجتماعي، لا يمتلكون الأدوات اللازمة لتحليل الأعمال الفنية بشكل علمي أو نقدي، بل أصبحوا مجرّد أدوات للدعاية، يهدفون إلى جذب المشاهدين، وزيادة المشاهدات على حساب المحتوى الهادف. واحدة من الملاحظات البارزة في هذه البرامج، استبدال النقد الفني الجاد بنقاشات سطحية، وثرثرة فارغة لا تضيف أي قيمة للمشاهد. ففي كثير من الأحيان يتم التطرق للمواضيع بعجلة، وطرح الآراء بطريقة عشوائية دون أدنى اهتمام بتقديم تحليل عميق للأعمال المعروضة. وفي بعض الحالات يتحوّل النقاش إلى فوضى تامة، حيث يتحدّث الجميع في آن واحد، ويغيب التنسيق الواضح بين المشاركين. هذه الفوضى تساهم في خلق انطباع سلبي عند المشاهدين، الذين يتساءلون عن المعايير التي يتم من خلالها اختيار هؤلاء الضيوف والمشاركين. للأسف، ما يقدَّم اليوم في معظم برامج التولك شو الرمضانية، يشبه تماما ما يحدث للدراما الجزائرية، التي أصبحت ملزَمة بإشراك أسماء من صناع المحتوى الرقمي! فقد أصبح هناك توجّه صريح لاختيار مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي، لتؤدي أدوار البطولة في المسلسلات الدرامية والفكاهية رغم أنّ هؤلاء الأشخاص قد لا يمتلكون المهارات التمثيلية التي يمتلكها الممثلون المحترفون الذين درسوا التمثيل، وتخصصوا في هذا المجال. هذا التوجه قد يساهم في جذب الجمهور، ولكنه في الوقت ذاته، يهدد بجودة الأعمال الفنية.