ليس من الصدفة أن تتزامن حملة اليمين المتطرّف مع المخططات العدائية التي ينفذها المخزن لمحاولة زعزعة استقرار الجزائر، في سلوكات مألوفة زادت حدتها منذ استقدام الكيان الصهيوني إلى المنطقة، ليشكل ثلاثي الشر (فرنسا، الكيان الصهيوني، المغرب) تهديدا خطيرا ليس على أمن الجزائر فحسب بل على المنطقة ككل، بالنظر لتقاسمهم نفس الأفكار التوسعية . فقرار الجزائر طرد نائب القنصل العام المغربي بوهران محمد السفياني لقيامه بتصرّفات مشبوهة، يشكل رسالة للمخزن الذي تبيّن تورطه في الآونة الأخيرة في قضايا الجوسسة، فضلا عن دعم شبكات المتاجرة بالمخدرات ومحاولة إغراق الجزائر بالأطنان منها، من قبل أشخاص يحملون الجنسية المغربية وفق ما أوردته التقارير الأمنية. وقد سبق للجزائر أن أكدت مرارا على رصد خلايا تجسّس مغربية تعمل لصالح جهات معادية للجزائر الأمر الذي دفع الجزائر إلى فرض التأشيرة على حاملي جواز السفر المغربي شهر سبتمبر الماضي بسبب أنشطة مشبوهة، فضلا عن اكتشاف عناصر تعمل لصالح الكيان الصهيوني تحمل جوازات سفر مغربية حاولوا التسلّل إلى التراب الوطني. ورغم أن الجزائر قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في 24 أوت 2021، إلا أنها رفضت المساس بحرية وسيولة تنقل الأشخاص، مفضلة الإبقاء على النشاط القنصلي للتكفل بانشغالات أفراد من الجالية المغربية في الجزائر والذين يبلغ عددها نصف مليون يشتغلون في مهن مختلفة، لكن يبدو أن القنصل المغربي لم تنحصر مهمته على الوظيفة الموكلة له، بل استغلها لمآرب أخرى تتعارض مع القوانين الجزائرية السارية المفعول وكذا الأعراف الدولية. ومثل هذا السلوك ليس غريبا على دبلوماسيي المخزن الذين يستغلون مهامهم في الجزائر من أجل الإضرار بمصالحها وخدمة أجندات بالوكالة لصالح فرنسا والكيان الصهيوني، ولم تتوقف حتى مع قطع العلاقات الثنائية، بل زادت مع الأزمة الجزائرية الفرنسية، باعتبار المخزن العميل التاريخي الوفي للمستعمر القديم. وسبق للجزائر أن طردت دبلوماسي مغربي سنة 2020، إذ يتعلق الأمر بالقنصل المغربي بمدينة وهران الذي وصف الجزائر بالبلد "العدو" عندما كان يتحدث لرعايا مغاربة تظاهروا أمام القنصلية متجاوزا بذلك حدود اللياقة والأعراف الدولية، ليتبين فيما بعد أنه ضابط في المخابرات المغربية. وعليه، أصبحت الوظيفة الاستخباراتية الصفة اللصيقة بموظفي السفارات والقنصليات المغربية، ما يجعلهم بمثابة أداة لتنفيذ المخططات الصهيونية الفرنسية الرامية إلى زعزعة أمن واستقرار منطقة الساحل، فضلا عن محاولة عرقلة الدور المحوري للجزائر في القارة الإفريقية، خصوصا بعد تراجع النفوذ الفرنسي هناك، فضلا عن كونها الدولة الوحيدة العصية على الكيان الصهيوني وعلى السياسات التي تنتهج من قبل حلفائه. كما أن سياسة الجزائر النابعة من مواقفها الحازمة تجاه القضايا العادلة كقضيتي فلسطين والصحراء الغربية ووقوفها إلى دول الجوار في ظل التحوّلات العميقة والجذرية التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء، تؤرق القوى الاستعمارية التي لا يهمها سوى استنزاف ثروات الدول الأخرى. فالتحوّلات التي عرفتها السياسة الخارجية للجزائر تعد بمثابة مظلة بالنسبة لعديد دول القارة التي استقوت بمواقف بلادنا، لكونها وراء العمق الاستراتيجي والحيوي كمنطقة محرمة على التدخلات الأجنبية، فضلا عن حرصها على تنسيق الجهود في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر اتفاقات استراتيجية مع دول الجوار.