أوصى المشاركون في ختام الملتقى الدولي "تجديد التفكير الديني في الإسلام، محمد إقبال نموذجًا"، بإدراج فكر محمد إقبال في البرامج التعليمية، خصوصا في كليات العلوم الإسلامية، والإنسانية، والاجتماعية. دعا الأساتذة والمختصون من خلال هذا الملتقى الذي اختُتمت أشغاله مؤخرا بجامعة "الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية" بحضور نخبة من الأساتذة من جامعات تونس، وقطر، وفرنسا إضافة إلى العديد من الجامعات الوطنية كجامعة الوادي، وتيزي وزو، ووهران والبويرة، إلى الاستفادة من البعد الإبداعي والشعري في فكر إقبال؛ لتعزيز خطاب دعوي وفكري يلامس رهانات الإنسان المعاصر في قضاياه وانتماءاته. كما شدّدوا على ضرورة عقد شراكات واتفاقيات أكاديمية مع مؤسسات وجامعات ومراكز تُعنى بالمشاريع التجديدية المعاصرة. وطالب المشاركون بتعميق دراسة المشروع الفكري لمحمد إقبال، من خلال دعم البحوث العلمية والأكاديمية، وإنشاء فرق بحثية متخصّصة، وتشجيع النشر الرقمي والتفاعلي لأعماله عبر الوسائط الاتصالية الحديثة (بودكاست، فيديوهات تعليمية، مقالات تفاعلية...) لتقريب مشروعه من فئات الشباب والمثقفين. وخلال مداخلته حول "مدرسة التجديد الحضاري في الفكر الإسلامي المعاصر: محمد إقبال نموذجا رائدا"، أكّد البروفسور محمد بخوش من جامعة قطر، أن محمد إقبال أسّس مدرسة فكرية متميّزة، تقوم على فكرة التجديد الحضاري للأمة الإسلامية، مستندا إلى مزيج من الفلسفة، والتصوّف، والفكر الديني، مع إدراك عميق للتحديات التي واجهها المسلمون في عصره. وقال إن إقبال يرى انحطاط الأمة الإسلامية ليس نتيجة نقص في الموارد، بل بسبب الجمود الفكري والروحي الناتج عن التقليد الأعمى، والانفصال عن الروح الحية للإسلام؛ لذلك دعا إلى نهضة شاملة تبدأ بتجديد الفرد، إذ إن الإنسان محور الحضارة. وروحه الحرة الواعية أساس كل تغيير. ويرى بخوش أن التجديد الحضاري عند إقبال لا يتحقق إلا من خلال الجمع بين الإيمان العميق والعمل الفعّال، وبين الأصالة والمعاصرة، مع التمسّك بالقرآن الكريم كمصدر هداية مستمر، يتفاعل مع الزمان والمكان. وتُجسّد مدرسة إقبال في التجديد الحضاري، دعوة جادّة لإحياء الأمة الإسلامية من خلال وعيها بذاتها، وقدرتها على صناعة مستقبلها بروح الإسلام وروح العصر معا. أما الدكتور عبد الرزاق قسوم من جامعة الجزائر، فأوضح أنّ الخطاب الفكري لمحمد إقبال تميّز بمنهج تجديدي يمزج بين الروح الإسلامية الأصيلة وروح العصر المتسارع. ولم يكن إقبال مجرّد شاعر صوفي أو فيلسوف متأمّل، بل كان صاحب مشروع نهضوي يُعيد قراءة الإسلام من زاوية عقلانية وروحية تتلاءم مع تحديات العصر الحديث. وأكّد أنّ منهجه يقوم على تجاوز الجمود الفكري، والدعوة إلى إعمال العقل في فهم النصوص دون التفريط في الثوابت، مع الإيمان بأنّ الإسلام دين حيّ، قادر على مواكبة التغيرات شرط التعامل معه بروح الاجتهاد والتجديد، لا التكرار والتقليد. وقال إن خطاب إقبال لايزال حيا وملهما، لأنه لم يكن مجرّد ردّ فعل على مشكلات عصره، بل كان استشرافا لمستقبل يحتاج فيه المسلم إلى فكر مرن، يحترم الثوابت، ويجدد في الوسائل. من جهته، أكّد مدير الجامعة الدكتور السعيد دراجي خلال افتتاح الملتقى، أن تجديد التفكير الديني يُعد من القضايا المركزية في الفكر الإسلامي الحديث، إذ يسعى المفكرون إلى التوفيق بين الأصالة والمعاصرة، والحفاظ على جوهر الإسلام مع مواكبة تطورات العصر. وقال إن من أبرز المفكرين الذين تناولوا هذه الإشكالية الفيلسوف والشاعر الباكستاني محمد إقبال، الذي قدّم مشروعًا متكاملاً لتجديد الفكر الديني في الإسلام. كما أكّد أن إقبال لم يكن مجرد شاعر أو فيلسوف، بل مجدِّدا، سعى إلى بناء فكر ديني إسلامي، قادر على مواجهة تحديات العصر دون أن يفقد روحه.